ما القاسم المشترك الآن بين الشاب البحريني «حميدان» الذي قبض عليه على خلفية جريمــة حرق مركز شرطة سترة، و«أحمد ماهر» منسق حركة 6 أبريل المصرية الذي قبض عليه في أحداث التجمهر أمام النيابة العامة؟ الإجابة هي استناد مناصريهما إن كانت هيئة دفاع أو مجموعتهما على الارتباطات «الدولية» للاثنين.
فحركة 6 أبريل التي ينتمي لها أحمد ماهر تهدد بالتصعيد «الدولي» لأن الحركة ترى بأن أحمد ماهر شخصية معروفة «دولياً» وتم ترشيح الحركة التي أسسها لجائزة نوبل للسلام «الدولية»، مثلما تم ترشيح عدد من أعضاء حركة 6 أبريل كأسماء محفوظة لأكثر من جائزة «دولية»، أعضاء الحركة يرون أنهم يتمتعون بحصانة «دولية» تعفيهم من الالتزام بالضوابط التي شرعها القانون المصري.
كما إن النسخة البحرينية أي مناصري ومؤيدي «حميدان» استخدموا ذات البعد وهو الادعاء بأن «حميدان» شخصية معروفة «دولياً» باعتباره حاصلاً على 137 جائزة دولية «حميدان بدأ التصوير عام 2011»، وكل الجوائز حصل عليها في عام واحد!!!
ولفتوا إلى أن «الجوائر التي حصل عليها كانت من خلال مسابقات معترف بها من الاتحاد «الدولي» لفن التصوير «FIAP» والجمعية «الأمريكية» للتصوير، وهما أشهر منظمتين تنظمان مسابقات التصوير في العالم.
أصبح البعد «الدولي» لهذه الشخصيات عنصراً أساسياً في حراكهم، كمرجعية يحتكمون لها وكمظلة حماية، فالعضوية والانتماء لمنظمات «دولية» يبدو أنه عنصر أساسي من تأهيل هذه المجاميع يسبق أو يتزامن مع ظهورهم العلني على الساحة تزامناً مع أحداث «الربيع» العربي، حتى إذا استدعى الأمر الاستعانة بتلك التنظيمات «الدولية» لمواجهة القيود المحلية برزت فجأة تلك الأبعاد إلى الواجهة من أجل ابتزاز السلطات المحلية.
وسواء كانت حركة 6 أبريل أو حركة 14 فبراير، أو أي من الناشطين السياسيين الجدد الذين أوكل لهم حراك «الربيع» العربي، فجميعهم اتفقوا في تصريحاتهم وبياناتهم على أن المرجعية الحقوقية والقانونية «الدولية» هي فقط التي يجب أن يحتكموا لها كمظلة يقيمون على أساسها عدالة أو شرعية أي يقيمون قانوناً محلياً مصرياً أو بحرينياً أو يمنياً أو غيره، وبالتالي فالحراك الحقوقي أو السياسي الذي ينشط به هؤلاء الشباب غير ملزم بالقانون أو حتى بالدستور المحلي في دولهم في حال عدم تطابق تلك التشريعات مع المعايير الدولية «القانون تحت حذائي»، شعارهـــم المشتــــرك، شرعية الحق لا شرعية القانون .. إلخ..
وعليه يجوز لهم خرق تلك القوانين وعدم الالتزام بها، سواء كانت تلك القوانين لتنظيم حق التجمع أو لتنظيم حق التعبير أو لتنظيم العمل السياسي أو تنظيم العلاقات الخارجية أو العمل المدني.
نحن إذاً أمام مظلة وإطار لعالم افتراضي يجمع تحت سقفه هذه المجاميع العربية يخضعون فيه لنظام تمت صياغته خارج حدود الدولة، ويعد بإسباغ الحماية لأعضائه، تلك الأطر هي وحدها التي تحدد لهم حقوقهم والتزاماتهم، وتفسير تلك النصوص والضغط على السلطات المحلية لفرضها منوط بقيادات منظمات «دولية».
كما إن الملفت للنظر أن أكثر الجوائز التي حصدها هؤلاء «الناشطون»، إما أمريكية أو بريطانية!! ومعظمها تم منحه عام 2011-2012!!
هــذه هي إذاً «الدولــة» التي يحتكــم لهــا «الناشطــــون السياسيــــون»، الآن مجموعـــة منظمات «دولية» ومعها مجموعة مؤسسات تمنح جوائز «دولية» يشكلون إطار «دولة» وهي الدولة التي تكرمهم وترفع من شأنهم وتحدد لهم معايير العدالة والحق، وتدافع عنهم وتحرص على مد مظلة حمايتها عليهم.
كلما حدثتهم عن الأمن عن السيادة عن الوطن عن القانون عن الهوية عن.. عن.. ردوا عليك «بالعهد الدولي» «بالإعلان الدولي» بالمواثيق «الدولية».
عالم افتراضي لا تؤمن ولا تعمل به حتى الدول التي ينتمي لها القائمون على تلك المنظمات والمؤسسات «الدولية»، فالقائمون على تلك المنظمات مواطنون ملتزمون رغماً عن أنفوهم بقوانين دولهم المحلية ولا يجرؤ أي منهم على تجاوزها استناداً لميثاق «دولي»
إنها الخديعة الكبرى التي دفع ثمنها شبابنا القابع في السجون الآن نتيجة إصراره على أن كل الجرائم مجازة، وكل المخالفات شرعية في وطنه، فلا قانون ولا سلطة محلية يجوز لها أن تضع ضوابط له.
إنه ثمن دفعه الشباب نتيجة قلة الوعي وسوء الاستغلال، فصدق أن هناك «دولة دولية»!!
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}