لن يكون ثمة كفارة..
يستلزم الاتفاق على الاتحاد الخليجي مزيداً من المواقف الراسخة، وإدارة العجلة بسرعة متناهية في ظل التغيرات المحتملة، ولعل ذلك يدعو لضرورة المضي قدماً نحو الاتحاد بعضوية من وافق عليه موافقة تامة، وتأجيل عضوية من ارتأى خلاف ذلك مؤقتاً، ولعلنا إذ نخطو في اتحاد خليجي على غرار النموذج الإماراتي، لن يكون ثمة مجال للانتظار، فعندما أعلنت الإمارات العربية المتحدة اتحادها، كان ذلك عقب انسحاب البحرين وقطر من المشروع، ورفض إمارة رأس الخيمة لفترة ثم عودتها للانضمام للاتحاد عقب قيامه، لتكون عضواً غير مؤسس في الاتحاد.
غير أن ذلك كله لم يفضِ لإلغاء المشروع بأكمله، وكذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الخليجي، وله أن يقوم بالدول ذات المواقف الراسخة بشأن الاتفاق كالبحرين والمملكة العربية السعودية وأعضاء آخرين، وتظل الفرصة سانحة لانضمام أعضاء جدد من منظومة دول مجلس التعاون في وقت لاحق، وربما يدعو ذلك لأن تكون الفرصة متاحة كذلك لانضمام أعضاء آخرين كالأردن والمغرب على سبيل المثال -ولو جزئياً- في مجالات محددة. وبرأيي فإنه لن يكون ثمة كفارة عن التراخي في قيام الاتحاد الخليجي والتكاتف الحقيقي من أجل مواجهة المعترك القادم، والذي ينذر بعصف المنطقة أو قصف كل إنجازاتها ومثالبها.
كمن يشتري سمكاً في الماء..
سيشهد الخليج العربي مرحلة دبلوماسية وسياسية قادمة، ربما تغير مسار العلاقات الخليجية الإيرانية، الأمر الذي لا بد أن نتعامل معه بحذر، ونراقبه على وجل، فرغم الرغبة الكبيرة في اجتذاب عمان مجدداً لدول مجلس التعاون بما ينجح الأهداف الرئيسة من قيام الاتحاد، فإن تحسين العلاقات الخليجية مع إيران لا يخلو -باعتقادي- من أذرع عمانية كذلك، فضلاً عن أيادٍ دولية أخرى، لزاماً على دول الخليج العربي جميعها التعامل معها بحذر، والأهم من كل ذلك ألا نشتري سمكاً في الماء بما ينزع علينا مشروع الاتحاد والذي هو بمثابة طوق نجاتنا الوحيد في ظل ذلك الصراع الدولي والتآمر الدولي كاشف الرأس حيناً، والمتلوي كالأفاعي أحياناً كثيرة.
الاتحاد وحده هو من سيمنح المنطقة ثقلاً وبعداً استراتيجياً، يمكننا من التصدي لكل الأخطار المحتملة، ولمواجهة كل الحقائق التي ربما تتكشف في وقت متأخر. ولأنه «لي فات الفوت ما ينفع الصوت» دعونا نعلن قوة الصوت والموقف والفعل قبل فوات الأوان. فكم من المصائب التي جناها الخليج العربي كان في غنى عنها لو أنه اتحد مبكراً، لو أنه تبصر قليلاً.
إننا بحاجة لتوخي الحذر أكثر من ذي قبل، وبحاجة للتذكر دائماً أن إيران لا تؤتمن، ومتى ما تشابهت علينا الحقائق وتبدلت عدساتنا فإننا نكون قد أودينا بأنفسنا إلى التهلكة، والمؤمن الحق لا يدخل جحر ضب مرتين، الخطر الإيراني وحده يعادل مئات الآلاف من الجحور مجتمعة. فهل نحن مستعدون كفاية لخوض تلك المغامرة؟!
الموهبة ليست قديسة..
تمر البحرين -شأنها شأن دول خليجية أخرى- بظروف انتقالية محتملة كثيرة، تستلزم منها قبل كل شيء، ضمان صفوف وطنية قادرة على البذل في شتى الميادين، وبما يسهم في حمايتها من أي زلزال مرتقب، وفي نهضتها إذا ما كانت الخطى الدبلوماسية والسياسية الجديدة ستمنحها مزيداً من الأمن والاستقرار، وهو ما نرجوه جميعاً.
إننا بحاجة لاكتشاف المواهب، وفرز كل من استنشق هواء البحرين، بغربال الوطنية والإخلاص، إن الموهبة التي يمكن أن نستثمرها في قيام نهضة البلد، هي ذاتها التي تستغل في تدميره، ولعل من أجمل ما قاله الكاتب عبدالله القصيمي في ذلك بكتابه «لئلا يعود هارون الرشيد»؛ أن «الموهبة لا ترفض أن تنمو وتتألق وتتعاظم تحت حكم الطغاة. إنها لا تملك أن تكون شريفة أو نظيفة أو عفيفة. إنها لا تستطيع أن تغضب لنفسها أو أن تحترم نفسها. إن الموهبة لا تملك رفضاً أو إباء. إنها لا تتغذى بالفضيلة دائماً. إنها تتغذى بكل طعام، بكل ما يعرض عليها. إنها ليست قديسة».
ولأن الموهبة ليست قديسة، علينا لزاماً تغذيتها بالفضيلة لكي لا تجتر أيدي الإرهاب إلى خراب الديار ودمار من عليها. إن الوطنية تقوم أول ما تقوم على العطاء «المتبادل»، ولذلك.. لزاماً على الدولة في هذه المرحلة الصعبة ألا تغفل عن المواهب التي منحتها دونما انتظار، وأن تحتويها وتشملها برعايتها بما يمنحها مزيداً من الشعور بالانتماء والولاء، لأن العتاد الأول والأهم، والغذاء الملكي الأطهر والأسمى والأنقى هو حب الوطن والإيمان به.
إننا أمام مفترق طرق، يحتم علينا فرز المواهب والتعاطي معها بحذر شديد، ومنحها كل ما يمكنها من أن تكون درعاً صلباً للوطن. فالبحرين لا تنقصها المواهب، بل إن الأخيرة بحاجة لرعايتها فقط، رعاية جادة، وتمكينها على النحو الأمثل الذي يؤدي بدوره لتأسيس صف ثانٍ وثالث وعاشر من صفوة أبناء البلد المخلصين في كافة المجالات، وبأساليب شتى، كل بنكهته وموهبته وأسلوبه.
يستلزم الاتفاق على الاتحاد الخليجي مزيداً من المواقف الراسخة، وإدارة العجلة بسرعة متناهية في ظل التغيرات المحتملة، ولعل ذلك يدعو لضرورة المضي قدماً نحو الاتحاد بعضوية من وافق عليه موافقة تامة، وتأجيل عضوية من ارتأى خلاف ذلك مؤقتاً، ولعلنا إذ نخطو في اتحاد خليجي على غرار النموذج الإماراتي، لن يكون ثمة مجال للانتظار، فعندما أعلنت الإمارات العربية المتحدة اتحادها، كان ذلك عقب انسحاب البحرين وقطر من المشروع، ورفض إمارة رأس الخيمة لفترة ثم عودتها للانضمام للاتحاد عقب قيامه، لتكون عضواً غير مؤسس في الاتحاد.
غير أن ذلك كله لم يفضِ لإلغاء المشروع بأكمله، وكذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الخليجي، وله أن يقوم بالدول ذات المواقف الراسخة بشأن الاتفاق كالبحرين والمملكة العربية السعودية وأعضاء آخرين، وتظل الفرصة سانحة لانضمام أعضاء جدد من منظومة دول مجلس التعاون في وقت لاحق، وربما يدعو ذلك لأن تكون الفرصة متاحة كذلك لانضمام أعضاء آخرين كالأردن والمغرب على سبيل المثال -ولو جزئياً- في مجالات محددة. وبرأيي فإنه لن يكون ثمة كفارة عن التراخي في قيام الاتحاد الخليجي والتكاتف الحقيقي من أجل مواجهة المعترك القادم، والذي ينذر بعصف المنطقة أو قصف كل إنجازاتها ومثالبها.
كمن يشتري سمكاً في الماء..
سيشهد الخليج العربي مرحلة دبلوماسية وسياسية قادمة، ربما تغير مسار العلاقات الخليجية الإيرانية، الأمر الذي لا بد أن نتعامل معه بحذر، ونراقبه على وجل، فرغم الرغبة الكبيرة في اجتذاب عمان مجدداً لدول مجلس التعاون بما ينجح الأهداف الرئيسة من قيام الاتحاد، فإن تحسين العلاقات الخليجية مع إيران لا يخلو -باعتقادي- من أذرع عمانية كذلك، فضلاً عن أيادٍ دولية أخرى، لزاماً على دول الخليج العربي جميعها التعامل معها بحذر، والأهم من كل ذلك ألا نشتري سمكاً في الماء بما ينزع علينا مشروع الاتحاد والذي هو بمثابة طوق نجاتنا الوحيد في ظل ذلك الصراع الدولي والتآمر الدولي كاشف الرأس حيناً، والمتلوي كالأفاعي أحياناً كثيرة.
الاتحاد وحده هو من سيمنح المنطقة ثقلاً وبعداً استراتيجياً، يمكننا من التصدي لكل الأخطار المحتملة، ولمواجهة كل الحقائق التي ربما تتكشف في وقت متأخر. ولأنه «لي فات الفوت ما ينفع الصوت» دعونا نعلن قوة الصوت والموقف والفعل قبل فوات الأوان. فكم من المصائب التي جناها الخليج العربي كان في غنى عنها لو أنه اتحد مبكراً، لو أنه تبصر قليلاً.
إننا بحاجة لتوخي الحذر أكثر من ذي قبل، وبحاجة للتذكر دائماً أن إيران لا تؤتمن، ومتى ما تشابهت علينا الحقائق وتبدلت عدساتنا فإننا نكون قد أودينا بأنفسنا إلى التهلكة، والمؤمن الحق لا يدخل جحر ضب مرتين، الخطر الإيراني وحده يعادل مئات الآلاف من الجحور مجتمعة. فهل نحن مستعدون كفاية لخوض تلك المغامرة؟!
الموهبة ليست قديسة..
تمر البحرين -شأنها شأن دول خليجية أخرى- بظروف انتقالية محتملة كثيرة، تستلزم منها قبل كل شيء، ضمان صفوف وطنية قادرة على البذل في شتى الميادين، وبما يسهم في حمايتها من أي زلزال مرتقب، وفي نهضتها إذا ما كانت الخطى الدبلوماسية والسياسية الجديدة ستمنحها مزيداً من الأمن والاستقرار، وهو ما نرجوه جميعاً.
إننا بحاجة لاكتشاف المواهب، وفرز كل من استنشق هواء البحرين، بغربال الوطنية والإخلاص، إن الموهبة التي يمكن أن نستثمرها في قيام نهضة البلد، هي ذاتها التي تستغل في تدميره، ولعل من أجمل ما قاله الكاتب عبدالله القصيمي في ذلك بكتابه «لئلا يعود هارون الرشيد»؛ أن «الموهبة لا ترفض أن تنمو وتتألق وتتعاظم تحت حكم الطغاة. إنها لا تملك أن تكون شريفة أو نظيفة أو عفيفة. إنها لا تستطيع أن تغضب لنفسها أو أن تحترم نفسها. إن الموهبة لا تملك رفضاً أو إباء. إنها لا تتغذى بالفضيلة دائماً. إنها تتغذى بكل طعام، بكل ما يعرض عليها. إنها ليست قديسة».
ولأن الموهبة ليست قديسة، علينا لزاماً تغذيتها بالفضيلة لكي لا تجتر أيدي الإرهاب إلى خراب الديار ودمار من عليها. إن الوطنية تقوم أول ما تقوم على العطاء «المتبادل»، ولذلك.. لزاماً على الدولة في هذه المرحلة الصعبة ألا تغفل عن المواهب التي منحتها دونما انتظار، وأن تحتويها وتشملها برعايتها بما يمنحها مزيداً من الشعور بالانتماء والولاء، لأن العتاد الأول والأهم، والغذاء الملكي الأطهر والأسمى والأنقى هو حب الوطن والإيمان به.
إننا أمام مفترق طرق، يحتم علينا فرز المواهب والتعاطي معها بحذر شديد، ومنحها كل ما يمكنها من أن تكون درعاً صلباً للوطن. فالبحرين لا تنقصها المواهب، بل إن الأخيرة بحاجة لرعايتها فقط، رعاية جادة، وتمكينها على النحو الأمثل الذي يؤدي بدوره لتأسيس صف ثانٍ وثالث وعاشر من صفوة أبناء البلد المخلصين في كافة المجالات، وبأساليب شتى، كل بنكهته وموهبته وأسلوبه.