لن أبدأ بمقدمات، الموضوع لا يحتمل ذلك، وأعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يجعل الدولة تلتفت إلى ما يحدث في شركة كبيرة لها تاريخ قديم تسهم في الاقتصاد البحريني بشكل رئيس بل يكاد الاقتصاد يعتمد عليها بشكل أوحد.
ما يحدث في شركة بابكو يحتاج إلى وقفة كبيرة من كل الجهات المسؤولة، قادة البلد والحكومة، والمؤسسات التشريعية، والمؤسسات الرقابية كديوان الرقابة المالية.
وصلت لي قبل فترة رسالة صدرت من الرئيس التنفيذي لشركة بابكو بتاريخ 27 أكتوبر الماضي، تقول الرسالة بما فيها من فقرات أن صناعة النفط والصناعة التكريرية تتعرض لتحديات عالمية، وأن زيادة القدرة التكريرية لدول المنطقة وتقلبات الأسعار عالمياً يضع الشركة في تحدٍ صعب.
أكثر ما استوقفني في الرسالة ما أورده الرئيس في الرسالة حيث قال: «وفي ضوء معدلات النمو العالمي دون المستوى وإضافة سعات تكريرية جديدة بالمنطقة، فقد نجم عن ذلك انخفاض ملحوظ في هامش التكرير في بابكو، ففي شهر سبتمبر الماضي كان هامش التكرير الإجمالي دون 3.5 دولار لكل برميل نفط، مقابل تكاليفنا التشغيلية والمقدرة بـ 4.50 دولار لكل برميل مما يعني أن صافي هامش التكرير في بابكو لا يزال سلبياً». (انتهى الاقتباس من خطاب الرئيس التنفيذي).
هذا ربما أهم ما ورد في الرسالة، وهو أن هامش تكلفة تكرير برميل النفط، أكثر من هامش الربح فيه، وهذا يعني دون مراء أن هناك خسائر تحققها شركة النفط التي هي شريان اقتصاد البحرين.
في الفقرة التي أعقبت ما اقتبسته من رسالة الرئيس التنفيذي، دعا الرئيس لتقليص النفقات، وتقليص الكلفة التشغيلية حتى تحقق كلفة تكرير النفط هامشاً ربحياً أو متساوٍياً مع كلفة التشغيل على أقل تقدير.
الآن أوجه أسئلة إلى شركة بابكو، وهي أسئلة وليست اتهامات، فما ورد لي من معلومات تقول إن شركة نفط البحرين تعاني من خسائر (جراء ما ذكرنا سابقاً) كل شهر تقدر بـ 100 ألف دولار، وذلك منذ 15 أغسطس الماضي، فهل هذا صحيح؟
سؤال آخر وهو لماذا كلفة التشغيل في شركة بابكو عالية قياساً بشركات مماثلة في المنطقة، فهل هذا صحيح؟
هل صحيح أن موظفين ومسؤولين بالشركة (كانت مواقفهم غير وطنية إبان الأحداث) قاموا بدور كبير في تشويه صورة البحرين وسمعتها لدى الدول التي تشتري منتجات البحرين النفطية، مما جعل بعض الدول تحجم عن الشراء من البحرين مما جعل منتجات نفطية يجب أن تسوق ويعود مردودها على البحرين مكدسة لدى الشركة ومعرضة للتلف..؟
هل صحيح أن موظفي المخازن غير مؤهلين لهذه الوظيفة، وقد نتج عن ذلك تكدس منتجات نفطة منذ عام 2000 إلى عام 2013 وتقدر قيمته بـ 40 مليون دولار؟
وقد شكل فريق لتصريف المخزون، فمنذ تشكيل الفريق في يناير 2013 لم يحرز الفريق أي تقدم، ويجب معرفة أسماء الفريق..؟
من الواضح أن هناك خللاً كبيراً في قسم التسويق، وهذا أمر خطير فلماذا لا يتم الاستعانة بخبرات وطنية في وزارات أخرى حتى في وزارتي الداخلية والدفاع؟
لماذا لا يستخدم نظام GFS فوزارة المالية لديها فريق كامل لتطبيقه على أي جهة؟
لماذا لا تخفض الكلفة التشغيلية بإلغاء المصاريف التي تشكل عبئاً على الشركة كسيارات التأجير ووضع السيارات تحت تصرف رؤساء أقسام لا يحتاجون إلى سيارات في عملهم في الشركة.
لماذا لا يوضع مكتب دائم لديوان الرقابة المالية في شركة بابكو وهي شريان الاقتصاد الوطني لمراجعة الإجراءات الإدارية والمالية والتي هي صلب زيادة نفقات التشغيل؟
لماذا لا يقارن الهيكل التنظيمي لشركة بابكو مع شركة عملاقة مثل أرامكو مع الأخذ في الاعتبار حجم الشركتين وكمية الإنتاج، فلا يعقل أن تكون كلفة بابكو التشغيلية مثلاً أعلى من شركة أرامكو مع وضع الفوارق في الحسبان؟
هل صحيح أن حقل البحرين يعاني من الاستنزاف، فبعد أن كان يتم إخراج النفط بطريقة ضغط الغاز، أصبح الآن تضخ مياه بدل الغاز، ومما نتج عنه أمور سلبية في عمليات التكرير؟
موضوع شركة بابكو ليس موضوعاً هامشياً أبداً، نحن والدولة نعرف ماذا يعني أن تعاني الشركة من هذه الخسائر في كلفة التكرير مقارنة بكلفة التشغيل، وماذا يعني وجود منتجات نفطية كان يجب أن تسوق، ولم تسوق لأخطاء وعدم كفاءة وعدم مسؤولية أطراف في الشركة، مما يعني أن المنتجات ستتكدس لدى الشركة.
الموضوع خطير للغاية، ويجب أن تذهب فيه رؤوس أوصلت الشركة إلى هذه المرحلة، ويجب أن تقوم الدولة والحكومة بتشكيل لجنة تحقيق مختصة فيما يحدث ويجري في بابكو، نحن لم يعد لدينا أمل في أن يقوم مجلس النواب بدوره، لكن على الدولة أن تبحث ما يحدث وتقف على الحقائق بنفسها، لمعالجة موضوع خطير جداً له علاقة مباشرة بميزانية الدولة، ولا نريد أن نخبركم عن العجز، والديون..!
هذا جرس نقرعه ليس القصد منه إلا المصلحة العامة، فالموضوع كما أسلفت جد خطير..!