هو خبر عادي جداً إن كان في دولة أجنبية، لكنه بالنسبة للبحرين فإنه خبر يتعلق بحدث قد يكون غريباً وغير مسبوق!
أعني بذلك الذي نشرته صحيفة «أخبار الخليج» بشأن الشاب جلال مجيد الذي كتب وصية باللغتين العربية والإنجليزية، بموجبها يسمح بنقل أي عضو صالح بعد وفاته من أجل إنقاذ مرضى يحتاجون لعمليات زراعة أو نقل أعضاء.
في الوصية حرص مجيد أن يكون المستفيد من أعضائه بحرينياً آخر محتاج لزراعة أي عضو، وحدد الأولوية بعائلته أوعائلة زوجته وبعدها «عموم» المواطنين البحرينيين، والجميل في صياغة الخبر أنه بدأ بتوصيف المسألة بـ «خطوة إنسانية نبيلة»، وهي كذلك بالفعل.
ليس الحديث هنا عن ماهية الفعل، بقدر ما هو الحديث عن دوافع الفعل، هذا الشاب والذي لا نعرفه وبوصيته وقصته يقدم لنا صورة جميلة جداً للشعور الإنساني المعني بمساعدة الناس بأي صورة ووسيلة.
أحياناً لا تملك أن تساعد أحداً بالمال أو النفوذ أو غيرها من وسائل المساعدة، لكن يمكنك أن تساعده بالمتوفر لديك، وفي حالات التبرع بالأعضاء، هذه مرحلة متقدمة من المساعدة بأقرب ما يملكه الشخص.
في الغرب حينما يخضع أي مريض للمعالجة الطبية يتم سؤاله في استمارة المستشفى أو استمارة التأمين الطبي عن عدة أشياء، بعضها مرتبط بوفاته لا حياته، من ضمنها التبرع بالأعضاء، أيضاً من ضمنها توقيف أجهزة الإعاشة إن كانت حالته تمثل موتاً سريرياً أو غيبوبة لا نهوض منها (بغض النظر عن الاختلاف بشأن ذلك) وما إذا كان سيتبرع بأعضائه حينها أم لا، وهي إجراءات معنية بأشخاص آخرين لا الشخص نفسه، لكن هدفها خدمة الآخرين.
مراهقة أمريكية تدعى «ديبي وادر» وهي في سن السادسة عشرة تم زراعة القلب الثالث لها بعد عمليتين سابقتين. ديبي ولدت بعيب خلقي في القلب يمنع تدفق الدم في الاتجاه الصحيح، وأول عملية زراعة قلب تمت لها كانت في عمر 15 شهراً، وكانت أصغر الناجين من عملية بهذه الخطورة وحظها وفر لها قلباً يمكن أن يقوم مقام قلبها. وبعد عشر سنوات، أي حينما بلغت سن الخامسة عشرة تمت زراعة القلب الثاني لها بعد وجود خلل في القلب الأول وتسدد شرايينه ونشوء عضلة مبهمة فيه.
هذه قصة من عشرات القصص، العامل المشترك فيها أن هناك من أنقذت حياته بسبب وجود أعضاء زرعت من أناس وافقوا سلفاً على التبرع بها في حالة الوفاة، أو أهاليهم في حالة أهليتهم عنهم، مثل حال قلب الطفلة ذات الخمسة عشر شهراً.
في مجتمعات عديدة ينظر للمسألة بصورة مليئة بالإكبار والتعظيم، أن يحرص شخص بعد وفاته على مساعدة آخرين يمكن أن يعيشوا بسببه، ولذلك باتت مثل هذه الأمور عادية في تلك المجتمعات، وغريبة بالنسبة لنا.
رغم ذلك، قد يرى البعض أن المسألة لا تحتاج إلى هذا الحجم من التضخيم باعتبار أنها مسألة عادية جداً وكل شخص يمكنه القيام بها أو التوصية بها باعتبار أنه لا فائدة من الجسد (بالنسبة لصاحبه) بعد الموت، لكن بيت القصيد هنا أراه يتعلق بالدافع والرغبة والقناعة التي دفعت بالشاب جلال مجيد (الله يعطيه طولة العمر) لفعل ذلك، وهو مساعدة الآخرين حتى بعد الوفاة، بل واقتراح فكرة رائعة بإنشاء ما أسماه «الوقف الطبي بعد الوفاة».
في نهاية المطاف مهما بلغنا في هذا العالم سواء بالمناصب أو الجاه أو المكاسب فإننا في النهاية راحلون، وكلنا سنتساوى في حجم القبور، وعليه فإن عمل الخير هو أكثر ما يولد لدى الإنسان «السوي» -الذي يعيش برغبة أن يكون «متصالحاً مع نفسه»- الرضا والشعور بالسكينة، حتى وإن كان الخير الذي سيقدمه يأتي بعد وفاته.
أعني بذلك الذي نشرته صحيفة «أخبار الخليج» بشأن الشاب جلال مجيد الذي كتب وصية باللغتين العربية والإنجليزية، بموجبها يسمح بنقل أي عضو صالح بعد وفاته من أجل إنقاذ مرضى يحتاجون لعمليات زراعة أو نقل أعضاء.
في الوصية حرص مجيد أن يكون المستفيد من أعضائه بحرينياً آخر محتاج لزراعة أي عضو، وحدد الأولوية بعائلته أوعائلة زوجته وبعدها «عموم» المواطنين البحرينيين، والجميل في صياغة الخبر أنه بدأ بتوصيف المسألة بـ «خطوة إنسانية نبيلة»، وهي كذلك بالفعل.
ليس الحديث هنا عن ماهية الفعل، بقدر ما هو الحديث عن دوافع الفعل، هذا الشاب والذي لا نعرفه وبوصيته وقصته يقدم لنا صورة جميلة جداً للشعور الإنساني المعني بمساعدة الناس بأي صورة ووسيلة.
أحياناً لا تملك أن تساعد أحداً بالمال أو النفوذ أو غيرها من وسائل المساعدة، لكن يمكنك أن تساعده بالمتوفر لديك، وفي حالات التبرع بالأعضاء، هذه مرحلة متقدمة من المساعدة بأقرب ما يملكه الشخص.
في الغرب حينما يخضع أي مريض للمعالجة الطبية يتم سؤاله في استمارة المستشفى أو استمارة التأمين الطبي عن عدة أشياء، بعضها مرتبط بوفاته لا حياته، من ضمنها التبرع بالأعضاء، أيضاً من ضمنها توقيف أجهزة الإعاشة إن كانت حالته تمثل موتاً سريرياً أو غيبوبة لا نهوض منها (بغض النظر عن الاختلاف بشأن ذلك) وما إذا كان سيتبرع بأعضائه حينها أم لا، وهي إجراءات معنية بأشخاص آخرين لا الشخص نفسه، لكن هدفها خدمة الآخرين.
مراهقة أمريكية تدعى «ديبي وادر» وهي في سن السادسة عشرة تم زراعة القلب الثالث لها بعد عمليتين سابقتين. ديبي ولدت بعيب خلقي في القلب يمنع تدفق الدم في الاتجاه الصحيح، وأول عملية زراعة قلب تمت لها كانت في عمر 15 شهراً، وكانت أصغر الناجين من عملية بهذه الخطورة وحظها وفر لها قلباً يمكن أن يقوم مقام قلبها. وبعد عشر سنوات، أي حينما بلغت سن الخامسة عشرة تمت زراعة القلب الثاني لها بعد وجود خلل في القلب الأول وتسدد شرايينه ونشوء عضلة مبهمة فيه.
هذه قصة من عشرات القصص، العامل المشترك فيها أن هناك من أنقذت حياته بسبب وجود أعضاء زرعت من أناس وافقوا سلفاً على التبرع بها في حالة الوفاة، أو أهاليهم في حالة أهليتهم عنهم، مثل حال قلب الطفلة ذات الخمسة عشر شهراً.
في مجتمعات عديدة ينظر للمسألة بصورة مليئة بالإكبار والتعظيم، أن يحرص شخص بعد وفاته على مساعدة آخرين يمكن أن يعيشوا بسببه، ولذلك باتت مثل هذه الأمور عادية في تلك المجتمعات، وغريبة بالنسبة لنا.
رغم ذلك، قد يرى البعض أن المسألة لا تحتاج إلى هذا الحجم من التضخيم باعتبار أنها مسألة عادية جداً وكل شخص يمكنه القيام بها أو التوصية بها باعتبار أنه لا فائدة من الجسد (بالنسبة لصاحبه) بعد الموت، لكن بيت القصيد هنا أراه يتعلق بالدافع والرغبة والقناعة التي دفعت بالشاب جلال مجيد (الله يعطيه طولة العمر) لفعل ذلك، وهو مساعدة الآخرين حتى بعد الوفاة، بل واقتراح فكرة رائعة بإنشاء ما أسماه «الوقف الطبي بعد الوفاة».
في نهاية المطاف مهما بلغنا في هذا العالم سواء بالمناصب أو الجاه أو المكاسب فإننا في النهاية راحلون، وكلنا سنتساوى في حجم القبور، وعليه فإن عمل الخير هو أكثر ما يولد لدى الإنسان «السوي» -الذي يعيش برغبة أن يكون «متصالحاً مع نفسه»- الرضا والشعور بالسكينة، حتى وإن كان الخير الذي سيقدمه يأتي بعد وفاته.