صورة الشخصية القيادية التي تأخذ القرارات الحاسمة القوية الفورية «وهذا أهم ما في الموضوع -الفورية- فهي سر الخلطة السحرية» تنصر بها مظلوماً في الحال وتعيد الحق لأصحابه فوراً وتعاقب المفسدين بلا تردد.
صحيح أن من المفروض أننا دولة قانون ودولة مؤسسات وأن معالجة الظلم والفساد لها إجراءاتها ولها مسالكها القانونية، لكن المجتمع البحريني مر بأزمة كبيرة أضافت لإحباطه القديم هماً على هم، وحين انتهت الأزمة ظلت الروح البحرينية منكسرة مستنزفة تبحث عما يعيد لها حيويتها وثقتها بنفسها، فتأتي لها صور الفساد والمفسدين والهدر لتقضي على ما تبقى من رغبتها في الاستمرار والعطاء.
الشخصية القيادية التي تسير وتتفقد وتأخذ القرار الحازم وتنفذ في نفس الوقت عملية جراحية ناجحة لإعادة الدماء في العروق المواطنة، شخصية لا تشكل لجنة، ولا تسـأل «اشرايك يا فلان» لا تماطل، لا تتردد، لا تترك الأمر دون أن تتأكد بأنه نفذ وفوراً، بل تأمر فينفذ في الحال، وتدع الناس تشاهد هذه المواقف، إن كان عطاء مستحقاً فيصرف فوراً، وإن كان عقاباً فيحال المتسبب للقضاء فوراً، شخصية تفاجئ الناس بتلقائيتها مع البسطاء وبحزمها مع المفسدين.
هذه الدراماتيكية تنعش الروح التي توالت عليها الانكسارات وتضخ الحماس وتزيد من جرعات الثقة.. إنها وصفة ناجحة واسألوا «الواتس آب».
بل لم الذهاب بعيداً.. ارجعوا إلى وقفة سمو رئيس الوزراء في الشارع مع الناس أيام الأزمة في التصدي لمن خان البلد، ماذا فعلت تلك المواقف التلقائية بالروح البحرينية، إنها ثبتت أقدامه في الأرض ورفعت رأسه في السماء.
هكذا مواقف يحتاجها المجتمع البحريني مع الفساد والمفسدين ومع الترهل والهدر في المال العام، هذا التعطش البحريني يقابله انكسار بعد انتهاء الأزمة، وذلك لتوالي الأخبار التي تؤكد أن طريق معالجة الفساد طويل وطريق إصلاح الخلل أطول إن عدنا لما كنا عليه، حيث تعرج على معالجة ملف تقرير ديوان الرقابة المالية فتجده نسياً منسياً، وتعرج على ملف الوزراء المتضخم فتجد أنه توجد دراسة بهذا الخصوص ومنذ 3 سنوات لكن لم يتخذ فيها قرار، ثم تكملها اليوم بهذا الخبر المنشور في صحيفة الأيام يوم أمس في الصفحة الأولى الذي يقضي على ما تبقى لديك من أمل، فالخبر يقول «بأن البلديات تحقق في جملة تجاوزات بتراخيص البناء متوقعاً أن تحتوي نتائج التحقيق عن «مفاجآت» ستؤدي إلى ....» هذا هو نص الخبر.. المفاجأة الصحيحة هي في تكملة الخبر، لأنه سينزل عليك كالصفعة على قمة الرأس، فهي مفاجأة تعبر وبشكل كبير عن منهجية التسيب والتهاون في التعامل مع التجاوزات، إذ إن النتيجة الطبيعية عزيزي القارئ التي تتوقع أن تقرأها حين الحديث عن التجاوزات واستكمالاً للخبر أن وزارة البلديات ستحيل المتجاوزين إلى النيابة العامة، هذا هو المتوقع هذا هو الطبيعي.. لكن المصدر البلدي أكمل الخبر بالتالي «إن نتائج التحقيق ستؤدي إلى «تدوير إداري كبير قد يطال وظائف عليا بالوزارة»!! بس؟ تجاوزات، ولجان تحقيق، ومفاجآت، وفي النهاية تدوير؟ نقل المتجاوزين من إدارة إلى إدارة؟ لم هذه القسوة وهذا التعسف؟!! لم لجان التحقيق أصلاً؟ ولم التدوير أصلاً؟ اقرص المسؤول في أذنه أو اضربه على يده، «وكفى الله المؤمنين القتال»!
هكذا إذاً يستمر التجاوز ويستمر الهدر.. فلا تقرير ديوان الرقابة يحرك شيئاً ولا تقود لجان التحقيق الوزارية إلى أي نوع من أنواع العقوبات، أصلا التدوير إتاحة للمفسدين أن ينهبوا من الدائرة الجديدة بعد أن «صفصفوا» القديمة.
نريد أن نرى مواقف مصورة نتائجها تشاهد فوراً وفي الحال، نتبادلها في «الواتس آب» ويتبادلها إخوتنا الخليجيون في «الواتس آب» عن حزمنا وحسمنا، مواقف لشخصيات تعالج انكسارنا على الأقل نفسياً!