ما إن يخرج تقرير ديوان الرقابة المالية حتى تخيم علينا حالة من الإحباط ومن الأسى والألم، وهي حالة تأتينا كل عام، وكل عام يصبح ألمها أكبر، خصوصاً وأن شيئاً لا يتغير أبداً.
محاربة الفساد ليست مصلحة لأشخاص أو صحافة أو جهة، محاربة الفساد مصلحة وطنية وسمعة وطن، وحفاظ على مقدرات الوطن (ونحن لا نلبث إلا ونذكر بأننا دولة محدودة الموارد).
بعيداً عن تفاصيل الفساد المالي والإداري في تقرير الرقابة وفي كل وزارة وردت في التقرير، إلا أن ما نشعر به من إحباط هو جراء عدم وجود نية حقيقية لمحاربة الفساد والحفاظ على المال العام، ملايين تهدر «وتدور» بينما لا أحد يحاسب، ولا تشاهد مفسداً واحداً تحول للنيابة العامة.
مؤلم لنا أن الوزارات التي هي إحدى أساسيات كل ديوان رقابة فإن وزراءها لا يتغيرون ولا تتم محاسبتهم، حتى يصبح تقرير الرقابة ذكرى، وشيء مثل وخزة الإبرة البسيطة للمسؤولين ويمر دون حساب، هكذا نحن في دولة القانون.
يوجد فساد موثق رسمياً، ولا يوجد مفسدون «فساد يعمله الجن الظاهر»، على الجانب الآخر فإن الإخوة في مجلس النواب، كما ترون، لا يستطيعون محاسبة وزير، ولا استجواب وزير، والتقارير القديمة والجديدة بين أياديهم، خرجوا قبل أيام وقالوا لنا إن التقرير الجديد لن يأخذ إلا شهراً في اللجنة المختصة وستتم مناقشته «والله لا نعرف نصدقكم أو نصدق الواقع المرير».
مجلس ضعيف؛ نعم مجلس ضعيف، مجلس هزيل؛ نعم مجلس هزيل، مجلس وكأنه مفصول عن همومنا؛ نعم هو كذلك.
ذمم واسعة وفساد مستشرٍ، وكلما طالب المواطن بأمر يحسن معيشته قيل له لا توجد ميزانية، ثم يقال له ألا تعلم حجم الدين العام؟
وكأن الدين العام هو في جيب المواطن -لا حول ولا قوة إلا بالله-، لا نعرف من أين نبدأ؛ هل نسلم بالأمر كما نحن أصلاً ونتعايش مع الفساد؟
حتى معاملاتنا نخلصها تحت الطاولة، والبلد ماشٍ، والله عيب هذا الذي يحدث، 10 تقارير تصدر، ولا يوجد مفسد واحد تم تحويله للنيابة.
يا جماعة «أخذونا على قد عقلنا»، حولوا واحداً إلى الجهات القانونية وبعد ذلك يطلع براءة «مثل ما يقول حسينو»..!!
يعني عشان بس نقول والله البلد فيها محاسبة وفيها قانون.
لا نقول إلا الحمد لله إن رب العالمين الذي سقانا برحمته من مطره وخيره، سبحانه الرحمن الرحيم هو أكرم الأكرمين، الحمد لله أن المطر غسل نفوسنا من آلام وطننا.