المخطط الذي اعتمدته بعض الجهات لتخريب الفرحة بالعيد الوطني المجيد يومي 16 و17 ديسمبر الجاري بدأت ملامحه في الظهور، فقد تم أخيراً الإعلان عنه «رسمياً» في حفل أقيم في سترة لـ «تدشين» الشعار الذي اعتمد لهذه الفترة. وتصدر الإعلان عن الزحف إلى تقاطع السيف أو حيث كان دوار اللؤلؤة ذات يوم أخبار التويتر والفيسبوك، وبدأت بعض القرى الإعلان عن تأييدها لفكرة الزحف ودعت إلى «التسخين»، لذلك اليوم الذي أطلقوا عليه اسم «عيد الشهداء» نكاية بالعيد الوطني وبقصد قتل الفرحة التي هي حق أصيل للمواطن البحريني في هذه المناسبة.
ليست هي المرة الأولى التي يسعون فيها إلى تخريب العيد الوطني وإحداث الفوضى في هذه المناسبة العزيزة، ففي بعض الأعوام السابقة فعلوا ذلك وحاولوا إفساد مظاهر الفرحة والتنغيص على الناس. ولكن كما أنهم لم ينجحوا في الأعوام السابقة كذلك، فإنهم لن ينجحوا هذا العام، خصوصاً أن الكثيرين انفضوا من حولهم بعدما تبين لهم أنهم يخلطون الأمور ويهدفون إلى تخريب هذه المناسبة الوطنية.
يحدث هذا حتى والأنباء لا تتوقف عن توافق على العديد من الأمور في لقاءات غير معلنة بين مختلف ذوي العلاقة بالمشكلة، وهذا يعني أن جهة بعينها ترفض كل مبادرة أيا كان عنوانها، وتتوعد بتخريب كل ما لا يتوافق مع تفكيرها وتوجهها وخبرتها المحدودة في العمل السياسي، والأكيد أنها ستسعى إلى استغلال وفاة شاب السنابس كي يبقى الحال على ما هو عليه ويستمر ما بدؤوه قبل نحو ثلاث سنوات، رغم أن أحداً لم يصدر بياناً يوضح الظروف التي توفي فيها ذلك الشاب الذي احترق بالكامل، ما يعني أن رواية الداخلية صحيحة مائة في المائة وأن الشاب كان ضحية أفعال هذه الجهة التي لا تزال تتخذ العنف سبيلاً وتمارسه تحت عنوان السلمية.
للتذكيـــر فقط؛ كانت الجمعيات السياسيـة قد طرحت مشروع تحديد يوم للاحتفال بذكرى «الشهداء» بغض النظر عن انتماءاتهم منذ أيام الاستعمار البريطاني، واقترحت أن يكون ذلك في شهر مارس من كــل عام، لكن «السياسيين الجـــدد» رفضوا التاريخ وأصروا على أن يحتفلوا بمن هو محسوب عليهم ويعتبرونه من الشهداء في السابع عشر من ديسمبر، وهو استهداف واضح حجته وفاة شابين في أحداث حصلت في ذلك اليوم قبل عدة أعوام، بينما المراد منه إحداث الفوضى والتنغيص على الدولة والمواطنين في هذه المناسبة.
هل هو قصر نظر؟ بالتأكيد هو كذلك؛ فالسياسي المحنك لا يصر على أمور تعتبر في كل الأحوال بسيطة، فما الضير في أن يكون الاحتفال بمن قضوا من أجل الوطن -بغض النظر عن التفاصيل- في شهر مارس؟ وما المكسب في أن يكون الاحتفال في ديسمبر وفي يوم العيد الوطني تحديداً؟
السياسي المحنك لا يلتفت إلى مثل هذه الأمور ولا يصر على ما لا يكسب منه، وهو إن فعل فإنه يشبه ذاك الذي يصر على أن يحتفل بزواجه أو بعيد ميلاده علناً في عاشوراء بحجج واهية أو بقناعات تشكلت لديه ويعتبرها من حقه كونه حراً.
لنتصور لو أن أمراً كهذا يحدث في البحرين، يخرج علينا من يصر على أن يحتفل بزواجه أو عيد ميلاده أو أي مناسبة فرح علناً في عاشوراء، هل يمكن القبول بذلك؟ ألن نطلق على مثل هذا الشخص بأنه مجنون أو ناقص عقل وأنه مستهتر؟
علينا أن ندرك أن الأمر في الحالتين لا يختلف، فكما أنه ليس مقبولاً أبداً إقامة مظاهر الفرح في عاشوراء، كذلك فإنه ليس مقبولاً أبداً تخريب فرحة المواطنين بالعيد الوطني. ذاك تجاوز.. وهذا تجاوز.. والعقل زينة.