لاشك أن الهدف المزدوج للإجراءات التي اتخذتها اللجنة التنسيقية برئاسة سمو ولي العهد لمعالجة الانتهاكات التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية هو الحفاظ على المال العام من الإهدار والتلاعب به، والحفاظ على سمعة البحرين دولياً، وجعلها دولة مستقبلة للاستثمارات، حريصة عليها وحامية لها.
ولاشك أيضاً، أن ما كشفه تقرير ديوان الرقابة المالية 2012-2013 من التلاعب في المال العام وإهدار مئات الملايين من الدنانير ومن عدة جهات في الدولة، ما هو إلا مؤشر على تنامي الفساد المالي والإداري في جسم الدولة، ما يؤثر سلباً على المساعي التي تبذل من أجل الحفاظ على المال العام وعلى سمعة البحرين، وجعلها خالية من الفساد.
غير أن مؤشر تقرير ديوان الرقابة المالية على أهميته يعتبر صغيراً إذا ما قارناه مع مؤشر منظمة الشفافية الدولية لمدركات الفساد، والذي تصدره المنظمة سنوياً وتهتم به الدول، والشركات الاستثمارية والمستثمرون الأفراد حول العالم الذين يبحثون عن أماكن نظيفة وآمنة يوظفون فيها استثماراتهم ويقيمون فيها مشروعاتهم.
فهذا المؤشر هو الأشمل والأعم على المستوى الدولي، والذي يعطي العالم صورة واضحة عن مستوى الفساد ومدى زيادته أو تراجعه في 177 دولة، فكلما زادت النقاط التي تحصل عليها الدولة وصولاً إلى مائة نقطة، كلما اعتبرت الدولة أكثر نزاهة وخلواً من الفساد.
وبالنسبة للبحرين، فقد حصلت في مؤشر مدركات الفساد لعام 2013 على 48 نقطة فقط، وبالتالي تراجعت مكانتها إلى 57 على مستوى العالم بعد أن كانت 53 في 2012، وهو التراجع الذي ظل مستمراً على مدى السنوات الـ11 الأخيرة، حيث كانت تحتل في عام 2001 المرتبة 27 أي أنها تراجعت 30 نقطة.
وبالمقارنة فقد جاءت دولة الإمارات في الترتيب 26 عالمياً وحصلت على 69 نقطة وقطر في الترتيب 28 عالمياً وحصلت على 68 نقطة على مؤشر العام 2013، وبالتالي تصبح البحرين الثالثة خليجياً ولكن بفارق كبير في النقاط مع الإمارات وقطر.
وبناء على هذا الوضع، وعلى هذا التراجع في مؤشر الشفافية الدولية، فإن البحرين بحاجة إلى خطوات أوسع وإجراءات أكبر، وقادرة على انتشالها من هذا الفساد، ووقف تدهور مكانتها في ذلك المؤشر، والذي أضر كثيراً بسمعتها وبنمو اقتصادها، وبمقدرتها على جذب الاستثمارات المحلية والخارجية.
وبعبارة أكثر وضوحاً فقد ذكر تقرير رفعه وزير الصناعة والتجارة إلى مجلس الوزراء مؤخراً أن «الوزارة أصدرت خلال عام 2013 ما مجموعة 165 ترخيصاً صناعياً نهائياً استوفت الشروط والمتطلبات بلغ حجم الاستثمارات فيها حوالي 140 مليون دينار»، وهو حجم متواضع جداً ويدل على ضعف الاستثمارات العام الماضي.
أقول تحتاج البحرين إلى خطوات أكبر من تلك التي اختطتها اللجنة التنسيقية وعالجت بها تداعيات تقرير ديوان الرقابة المالية، خطوات تشمل على سبيل المثال توسيع صلاحيات ديوان الرقابة المالية لكي تتضمن الرقابة السابقة، إضافة إلى الرقابة اللاحقة التي يقوم بها في الوقت الحاضر.
فقد أثبتت التجارب على مدى السنوات العشر الأخيرة من تقارير الديوان أن هناك حالات ومشروعات كانت تتطلب الرقابة المسبقة، من بينها على سبيل المثال مشروعات الجسور التابعة لوزارة الأشغال والتي انتقد التقرير تقديراتها المتفاوتة وتسعيراتها المتباعدة وحمل الوزارة مسؤولية المبالغ الكبيرة التي خسرتها.
والرقابة المسبقة في مثل هذه الحالات ستمكن ديوان الرقابة من الاطلاع على التقديرات الأولية للمشروع ومن ثم على نتائج المناقصات، أي تقييم وإبداء الملاحظات على مرحلة ما قبل التنفيذ، وبالتالي تدارك الإهدار في الكلفة والمال العام.
وإضافة لذلك تحويل تبعية الديوان إلى مجلس النواب باعتبارهما جهتين رقابيتين متكاملتين ومختصتين في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وشركات القطاع العام.
ومن هذه الخطوات الكبيرة والمطلوبة أيضاً إنشاء الهيئة العامة للنزاهة «مكافحة الفساد» باعتبارها هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية، وهي الهيئة التي اقترحها مجلس النواب ورفضتها الحكومة معللة رفضها هذا بكفاية إدارة مكافحة الفساد بوزارة الداخلية، مع العلم أن هذه الإدارة تبقى جزءاً من وزارة وبالتالي تابعة للسلطة التنفيذية، وهو ما يتناقض مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والتي وقعت عليها البحرين.
ومن هذه الخطوات كذلك إصدار قانون حق الحصول على المعلومات وهو القانون المكمل لاتفاقية مكافحة الفساد وهيئة النزاهة ويجعل المعلومات المتعلقة بالفساد أكثر شفافية سواء بالنسبة لوسائل الإعلام أو لهيئة النزاهة.
وأخيراً وليس آخراً، إعادة بحث إصدار قانون الذمة المالية وهو القانون الذي أجهضته الحكومة في عام 2010 واعتبر وقتها ذا أهمية قصوى للارتقاء بمؤشر البحرين في مكافحة الفساد. فمن يا ترى سيعلق الجرس....؟
ولاشك أيضاً، أن ما كشفه تقرير ديوان الرقابة المالية 2012-2013 من التلاعب في المال العام وإهدار مئات الملايين من الدنانير ومن عدة جهات في الدولة، ما هو إلا مؤشر على تنامي الفساد المالي والإداري في جسم الدولة، ما يؤثر سلباً على المساعي التي تبذل من أجل الحفاظ على المال العام وعلى سمعة البحرين، وجعلها خالية من الفساد.
غير أن مؤشر تقرير ديوان الرقابة المالية على أهميته يعتبر صغيراً إذا ما قارناه مع مؤشر منظمة الشفافية الدولية لمدركات الفساد، والذي تصدره المنظمة سنوياً وتهتم به الدول، والشركات الاستثمارية والمستثمرون الأفراد حول العالم الذين يبحثون عن أماكن نظيفة وآمنة يوظفون فيها استثماراتهم ويقيمون فيها مشروعاتهم.
فهذا المؤشر هو الأشمل والأعم على المستوى الدولي، والذي يعطي العالم صورة واضحة عن مستوى الفساد ومدى زيادته أو تراجعه في 177 دولة، فكلما زادت النقاط التي تحصل عليها الدولة وصولاً إلى مائة نقطة، كلما اعتبرت الدولة أكثر نزاهة وخلواً من الفساد.
وبالنسبة للبحرين، فقد حصلت في مؤشر مدركات الفساد لعام 2013 على 48 نقطة فقط، وبالتالي تراجعت مكانتها إلى 57 على مستوى العالم بعد أن كانت 53 في 2012، وهو التراجع الذي ظل مستمراً على مدى السنوات الـ11 الأخيرة، حيث كانت تحتل في عام 2001 المرتبة 27 أي أنها تراجعت 30 نقطة.
وبالمقارنة فقد جاءت دولة الإمارات في الترتيب 26 عالمياً وحصلت على 69 نقطة وقطر في الترتيب 28 عالمياً وحصلت على 68 نقطة على مؤشر العام 2013، وبالتالي تصبح البحرين الثالثة خليجياً ولكن بفارق كبير في النقاط مع الإمارات وقطر.
وبناء على هذا الوضع، وعلى هذا التراجع في مؤشر الشفافية الدولية، فإن البحرين بحاجة إلى خطوات أوسع وإجراءات أكبر، وقادرة على انتشالها من هذا الفساد، ووقف تدهور مكانتها في ذلك المؤشر، والذي أضر كثيراً بسمعتها وبنمو اقتصادها، وبمقدرتها على جذب الاستثمارات المحلية والخارجية.
وبعبارة أكثر وضوحاً فقد ذكر تقرير رفعه وزير الصناعة والتجارة إلى مجلس الوزراء مؤخراً أن «الوزارة أصدرت خلال عام 2013 ما مجموعة 165 ترخيصاً صناعياً نهائياً استوفت الشروط والمتطلبات بلغ حجم الاستثمارات فيها حوالي 140 مليون دينار»، وهو حجم متواضع جداً ويدل على ضعف الاستثمارات العام الماضي.
أقول تحتاج البحرين إلى خطوات أكبر من تلك التي اختطتها اللجنة التنسيقية وعالجت بها تداعيات تقرير ديوان الرقابة المالية، خطوات تشمل على سبيل المثال توسيع صلاحيات ديوان الرقابة المالية لكي تتضمن الرقابة السابقة، إضافة إلى الرقابة اللاحقة التي يقوم بها في الوقت الحاضر.
فقد أثبتت التجارب على مدى السنوات العشر الأخيرة من تقارير الديوان أن هناك حالات ومشروعات كانت تتطلب الرقابة المسبقة، من بينها على سبيل المثال مشروعات الجسور التابعة لوزارة الأشغال والتي انتقد التقرير تقديراتها المتفاوتة وتسعيراتها المتباعدة وحمل الوزارة مسؤولية المبالغ الكبيرة التي خسرتها.
والرقابة المسبقة في مثل هذه الحالات ستمكن ديوان الرقابة من الاطلاع على التقديرات الأولية للمشروع ومن ثم على نتائج المناقصات، أي تقييم وإبداء الملاحظات على مرحلة ما قبل التنفيذ، وبالتالي تدارك الإهدار في الكلفة والمال العام.
وإضافة لذلك تحويل تبعية الديوان إلى مجلس النواب باعتبارهما جهتين رقابيتين متكاملتين ومختصتين في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وشركات القطاع العام.
ومن هذه الخطوات الكبيرة والمطلوبة أيضاً إنشاء الهيئة العامة للنزاهة «مكافحة الفساد» باعتبارها هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية، وهي الهيئة التي اقترحها مجلس النواب ورفضتها الحكومة معللة رفضها هذا بكفاية إدارة مكافحة الفساد بوزارة الداخلية، مع العلم أن هذه الإدارة تبقى جزءاً من وزارة وبالتالي تابعة للسلطة التنفيذية، وهو ما يتناقض مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والتي وقعت عليها البحرين.
ومن هذه الخطوات كذلك إصدار قانون حق الحصول على المعلومات وهو القانون المكمل لاتفاقية مكافحة الفساد وهيئة النزاهة ويجعل المعلومات المتعلقة بالفساد أكثر شفافية سواء بالنسبة لوسائل الإعلام أو لهيئة النزاهة.
وأخيراً وليس آخراً، إعادة بحث إصدار قانون الذمة المالية وهو القانون الذي أجهضته الحكومة في عام 2010 واعتبر وقتها ذا أهمية قصوى للارتقاء بمؤشر البحرين في مكافحة الفساد. فمن يا ترى سيعلق الجرس....؟