بعد أن كانت الناس تتكلم عنه بخجل وخوف وتتعوذ به من الشيطان الرجيم وداعية الله العلي القدير أن يحميها منه وكأنها تتكلم عن المرض الخبيث، فقد بات الآن ذكره على اللسان أيسر من اليسير والمطالبة به والإصرار عليه أمر لم يعد مستحيلاً، ولكن لا بد من وضع حدٍ وإجراء التدابير التي تحجمه وتقلصه، فإن لم يكن بإمكاننا بتره من الجذور لأنه حقيقة لا يمكن أن تلغى من الوجود، ولكن أقله أن يتم السيطرة عليه قبل أن يستفحل هذا الوباء على كل العقول.
حقيقة بأن ما كان يوصف بالأمس بأنه ظاهرة ولا بد أن تأخذ حجمها، ومن ثم تتوقف فقد بات الآن يوصف بأنه عادة، وعادة يسيرة التنفيذ ألا وهي «أبغض الحلال».
لقد ذهلت من الأخبار التي أسمعها من هنا وهناك على معدلات الطلاق التي تجتاح المملكة عاماً بعد عام، ولكي أكون متأكدة أكثر فقد استعنت بأحد محركات البحث على الإنترنت وإذ بي أفاجئ من الأرقام التي أقرأها، معدلات رقمية تفوق الخيال في فترات زمنية قليلة! غير أنه أصبح موضوع نقاش في مجلس النواب، ليس لأنهم أناس فارغين وليس لديهم مواضيع أخرى مهمة يمكنهم البحث والنقاش بها، بل لأنه لا بد من تكاتف كل الجهود لتضييق حجم الخلل الذي ممكن أن يصيب ويفتك بنواة البلد الأساسية ألا وهي «العائلة»، هل يمكن لنا أن نتخيل شكل الجيل الجديد وهو معتمد فقط على يد واحدة ويفترض منها أن تؤمن لها كل أحلامه الزاهية وهو في الحقيقة يعيش كابوساً نفسياً في أيامه ولياليه العارية من حنان متكاتف من ركيزة الدار الغالية؟!
أيعقل أن تكون هذه البلد الصغيرة التي ينعم أهلها بحياة طيبة آمنة، ممكن أن تخسر كل ما لديها من امتيازات ترفيهية تغدق بها النفس البشرية ألا وهي العيشة الهنية؟!
وختاماً لا شك بأن لكل منا وجهة نظره في الحياة التي لا بد أن تحترم، خاصة إذا كانت هذه النظرة غير اعتباطية ومبنية على أسس علمية أو دينية أو فكرية أو تجربة شخصية منطقية، وطالما أن هذه وجهة النظر لا تمس حقوق وحرية الآخرين، لذلك فإن هذا الشخص لديه كامل الحق بتنفيذها على نفسه ولكن لا يمكن أن يجبر الآخرين بالأخذ بها أو الامتثال لها، حتى وإن كانت هذه وجهة النظر من كبار الحكيمين. باعتبار أن كل امرئ يعرف ما يناسبه وما يتناسب معه.
إلا أن بعض الأحيان يقف القلم حزيناً عاجزاً عن تفسير كل ما نسمعه يدور في الطريق، فالأحداث التي تسير لا يمكن أن يقبل بها صديق قريب أو حتى عابر سبيل. فماذا يمكنني أن أضيف عندما يقع اللبن من الوعاء الثقيل بسبب غفلة من ماسكه أو تشتعل النار في البستان الكبير بسبب عقب سيجارة لم يدرك صاحبها بأنها لا تزال حامية ورماها في القش اليابس الذهيل.
ولكن دعوتي وكلامي موجه للأهل بأن يترووا ثم يترووا ثم يترووا قبل أن يدفعوا ابنتهم إلى القبول بأي من كان للباب طارقاً، في فكره أن يحظى بالعيش من إحدى الفتيات التي هي في هذا البيت ساكنة، فالحياة أكبر من رجل وسيم ولديه من المال الكثير حتى وإن كان ذا خلق ودين، أو فتاة تعجبه في الوصف الكثير فكل ذلك ممكن أن يكون ما هو إلا زينة خارجية تغري الناظرين. فالحياة عرفان، تضحية وجميل يصل شذاه لينعم بمسكه الطيب الجميل كل من كان للود ماسك أمين.