يفتتح جلالة الملك، اليوم، دور الانعقاد الرابع من فصل الانعقاد الحالي، والناس في ترقب لا لعودة عمل البرلمان بقدر ما هي التوقعات بأن تتزامن مع المسألة عملية تغييرات -ولو محدودة- في مناصب وزارية، أقلها لأشخاص أثبتوا بأن تغييرهم على الوجه الأسرع بحد ذاته تطوير لعمل الدولة عبر إحلال من هو أكفأ منهم.
بالنسبة للبرلمان؛ لم أشأ التطرق بإسهاب لمعاودة البرلمانيين عملهم بعد إجازة هي «الأطول» مهنياً بالنسبة للوظائف والأعمال في البحرين، وذلك لسبب بسيط جداً، يتمثل بأنه خلال الأيام الأخيرة بدأ بعض النواب يعيدون تشغيل الأسطوانة المشروخة مجدداً بأن هذا الفصل سيشهد محاربة للفساد وحسماً لأمور الرقابة والمساءلة، وهو ما يدفع للضحك، إذ بعد أيام فقط سيصدر تقرير جديد لديوان الرقابة المالية والنواب لم يفعلوا شيئاً أصلاً لا في تقرير العام الماضي ولا التقارير السابقة.
بالتالي ها هو دور انعقاد جديد يفترض أن يوزع فيه النواب «حبوب الضغط» على المواطنين الذين انتخبوهم، لأنهم لن يعدوهم بأي شيء جديد سوى «الإحباط» و»الخيبة».
والله لو كان الكلام بفلوس لما وجدنا أحداً يتكلم من عدد كبير من النواب الذين باتوا يظهرون في وسائل الإعلام أكثر من المذيعين!
السعودية.. والشعور بالخيانة!
اهتمت وسائل إعلامية عالمية خلال الأيام الماضية بموقف المملكة العربية السعودية بشأن عضوية مجلس الأمن، ففي الوقت الذي رأت فيه دول عربية وإسلامية بأنه موقف يعبر عن رفض لكيفية إدارة الملفات التي تمس المسلمين والعرب من قبل الغرب والأمم المتحدة، تحدثت بعض الدول الأجنبية ووسائل إعلام تمثلها عما اعتبرته «خطأ» ترتكبه السعودية.
صحف مثل «الفاينانشال تايمز» اعتبرت ما حصل ردة فعل قوية من السعودية التي دائماً ما تتخذ مواقف متشددة حينما تشعر بأن هناك مخططات تحاك، وأيضاً حينما تشعر السعودية بـ«الخيانة».
أركز على وصف الصحيفة البريطانية وتعليقها على موقف السعودية حين اعتبرت أن الرياض هي الخاسرة، وأن رفضها المقعد الأممي سوف يزيد من الشعور بالغربة عن المجتمع الدولي ويثير قضايا جديدة حول صنع القرارات في المملكة.
ودون تكثير لأي خبر، نقل موقع الـ «بي بي سي» خبراً عن منظمة العفو الدولية يستهدف السعودية بشكل صريح على صعيد حقوق الإنسان، وربطت ذلك بموقف السعودية من عضوية مجلس الأمن.
هذا غيض من فيض، وحجم الاستهداف الذي بدأ يبرز من خلال وسائل إعلام أجنبية معينة يكشف مدى تأثير الموقف السعودي، والغريب أن «الفاينانشال تايمز» نفسها تقول للسعودية بأنها ستشعر بـ «الغربة» الدولية، دون أن تشير الصحيفة المتميزة في المؤشرات الاقتصادية إلى حجم ومستوى تأثير الاستثمارات السعودية على الاقتصادين البريطاني والأمريكي تحديداً.
الفكرة هنا ليست بمفردات إنشائية وتوقعات وفرضيات يسوقها الإعلام الغربي، فقط لأنه يريد في الجانب الآخر أن يشعر السعودية بأنها ارتكبت خطأ كبيراً بموقفها من مجلس الأمن، على اعتبار أن هذه القنوات والوسائل ستمدح السعودية لو دخلت المجلس، بل الفكرة أن بروز الصوت السعودي بقوة ووقوفه بكل ما تعينه توصيفات الهيبة والسيادة هو مؤشر خطر لكثير من الأنظمة الغربية التي دأبت على التعامل مع الدول الخليجية والعربية بطريقة «الطرف الصديق المضمون».
إن كانت من «غربة» عن المجتمع الدولي، كما تدعيه وسائل الإعلام، فالسعودية لم تتخذ هذا الموقف والقرار إلا وهي تدرك أبعاده وتعرف أنها تقف على أرض صلبة، وأن الغرب يراها كقطب من أقطاب القوى العالمية، وهي حقيقة لا يمكن أن تنسفها كلمات أو تقارير أو حتى تصريحات مضادة.
هكذا تقف الدول القوية المعتدة بسيادتها، وليت كثيرين يتعلمون، إذ من يهادن ويخنع ويقبل بأن يتدخل في شأنه أياً كان، سيأتي عليه يوم لا يملك حتى قراره أو مصيره.