أنا واحد من المؤمنين أن هناك ثمة طرق تجعل الإنسان الذي يتصور نفسه ضعيفاً أقوى من سوبرمان، لأنه يملك قوة هائلة في داخله، قوة جبارة، لكنه لا يعرف كيفية استخدامها في صالحه وفي صالح الناس جميعاً على هذا الكوكب الجميل.
قوة ما إن تستخدمها حتى تتحول حياتك، مهما كانت الظروف التي تمر بها، إلى مجموعة متتابعة من المعجزات، فقط عبر الشكر والامتنان؛ اشكر ربك، اشكر والديك، إخوانك، أهلك، وطنك، الزمن الذي أنت فيه، السماء، البحر، الجو، تشكر لقمتك، بيتك، ملابسك، سرير نومك، تشكر كل شيء وأي شيء.
قبل فترة وقع في يدي كتاب جميل تحت عنوان «الرقص تحت المطر» للكاتبة فيفيان غرين يتكلم عن قوة الامتنان، والشكر لكل شيء، تقول المؤلفة «الحياة ليست لتنتظر مرور العاصفة.. بل لتتعلم كيف ترقص تحت المطر..».
وترى أن الفهم الحقيقي لقوة الامتنان يستطيع أن يغير حياتك للأبد! لذا استمتع بقصيدة «حديث الطقس»:
«عندما تعطيني الحياة غيوماً سوداء وأمطاراً.. أُقَدِّر النداوة التي تمنح شعري لفّات ناعمة.
عندما تعطيني الحياة أشعة الشمس.. أرفع وجهي للأعلى بامتنان لأشعر بدفئها على وجنتيّ.
عندما تعطي الحياة الضباب.. أحضن سترتي حولي.. وأقدم الشكر لحجاب الغموض البارد الذي يجعل الشيء العادي يبدو مختلفاً ومثيراً للاهتمام.
عندما تعطي الحياة الثلج.. أنطلق للخارج لأمسك برقاقات الثلج الأولى على لساني.. أتلذذ بطعم المعجزة الجليدية (رقاقة الثلج).
أحداث الحياة وتجاربها مثل الطقس.. تأتي وتذهب، لا يهم ماذا أفضل.. يجب أن أقرر الاستمتاع بها.. لأنه في الحقيقة يوجد وقت لكل هدف تحت السماء.. كل فصل يعطي هباته الفريدة الخاصة به.. وأنا أقدم شكري وامتناني..».
وتقول الدكتورة ناهد الخراشي في حوار معها تحت عنوان «الامتنان.. أسلوب حياة»: «لا شك أن الامتنان إحدى القوى التي تحقق لك السعادة والطريق إلى حياة ناجحة». وتضيف قال الله تعالى: (ولئن شكرتم لأزيدنكم)، ويرتبط الامتنان بجانبين رئيسيين:
أولاً: الامتنان للسمات الروحية التي تتمتع بها من صفاء النفس ونقاء القلب ونورانية الفكر.
ثانياً: الامتنان لكل النعم المادية والخيرات التي يهبها الله لك في كل لحظة».
عندما نشعر بالامتنان كل شيء يتغير حتى في الأوقات الصعبة وحين نمر بأزمات وصعاب.. شكرنا على الابتلاءات والمحن يعلمنا الصبر ويعطينا القوة لتحمل ما نمر به شاكرين الله لتلطفه سبحانه ولمسات حنانه الكبرى.
إن الامتنان يملأ قلوبنا بالسعادة ويسمح لنا برؤية الحقيقة فيعطينا القوة في اتخاذ أي قرارات صائبة، ومن خلال قلبك الممتن دائماً لله ولنعمه التي لا تعد ولا تحصي.. يهديك الله إلى الرشد والصواب ويحقق لك الخير الذي تتمناه.
والعبد المحب لله هو الذي يدعو دائماً أن يمنحه الله قلباً شاكراً لفضله ليتواصل به سبحانه، ولا يربط شكره لله بشيء مادي تحقق.. فالقلب الذي لم يتحل بالامتنان سيجد نفسه ساخطاً علي كل أوضاعه.
تستطيع أن تتخلص من جميع ظروفك المؤلمة بالشكر والامتنان لله في كل لحظة ونعم الله لا تعد ولا تحصى.
والعبد الشاكر هو الذي يتوقع الخير في الحياة توقعا دائماً مفعماً بالإشراق والتفاؤل وحسن الظن بالله.
إن الشكر والعرفان والامتنان الدائم يجعلك موصولاً بالله في كل لحظة، جاذبا للخير والنجاح والسعادة، وهو سلوك عظيم ينطوي على إيمان كامل بالله ووحدانيته وقدرته وكماله، وتصديق متكامل بنعمة الله وإحسانه المطلق.
لا تقل لي إنني أحمد وأشكر، إن الشكر الحقيقي لا بد أن يكون نابعاً من قلبك، عندما تقول الحمد لله يكون الصوت متغلغلاً في كل جسدك، تشعر كأنما هناك برق ورعد وأمطار وسيول تتحرك في كل كيانك.