من المنتظر أن يناقش مجلس الشورى يوم غد الإثنين اقتراحاً بقانون يتيح حصول نواب الانتخابات التكميلية، وأعضاء مجلس الشورى الذين عينوا لمدة تقل عن 4 سنوات وأعضاء المجالس البلدية الذين حلوا محل أعضاء سابقين، حصول كل هؤلاء على المعاش التقاعدي أسوة بغيرهم من الأعضاء الذين ينطبق عليهم قانون إنشاء صندوق ومكافآت التقاعد لأعضاء مجلسي الشورى والنواب والمجالس البلدية.
هذا ما يتضمنه التعديل بالنسبة للذين جاؤوا متأخرين ليسدوا فراعاً، ولم يحالفهم الحظ في العمل بكنف المجالس الثلاثة أربع سنوات بالكمال والتمام كما ينص على ذلك قانون صندوق تقاعدهم الخاص.
أما بالنسبة للأغلبية، أي أعضاء المجالس الشورى والنواب الذين خدموا أكثر من 4 سنوات أو أقل فلهم اقتراح بتعديل آخر أكثر شحومة ودسامة وحلاوة، يدعو إلى إلغاء سقف تقاعد النواب والشوريين المحدد حالياً في القانون بأربعة آلاف دينار، وذلك أسوة بمعاشات الوزراء، و«ما فيش حد أحسن من حد» فتبادل المواقع بين أعضاء مجلس الشورى والنواب والوزراء عرف متبع في مملكة البحرين.
لجنة الخدمات في مجلس الشورى ممثلة برئيسها كافحت بإصرار لمناقشة التعديلات في جلسة الإثنين الماضي، وعدم تأجيله أسبوعاً واحداً فقط، بحجة أن الحكومة تأخذ ستة شهور لصياغة الاقتراح بقانون، ودور الانعقاد الحالي بقي له 4 شهور فقط، دعونا نمرره بسرعة مادام أعضاء المجلس مرهقين ويريدون المغادرة بسرعة!
فإذا ما تمت الموافقة على هذا الاقتراح بقانون وتمريره الأسبوع القادم، فسيدل هذا على أن مجلسي الشورى والنواب همهم الأساسي مصالحهم الشخصية والخروج من هذين المجلسين بأكبر غنيمة ممكنة، أما المال العام والعمل من أجل الحفاظ عليه، وعدم التلاعب به وتبديده، فهذا كلام «جرايد» للاستهلاك العام..
مع العلم أن أعضاء مجلسي الشورى والنواب يدركون أكثر من غيرهم أن المال العام في البحرين يتعرض للإهدار من قبل وزارات الدولة وشركاتها وهيئاتها، وأن تقارير ديوان الرقابة المالية ما فتئت تقدم لنا المزيد من ضياع الأموال العامة في عمليات فساد وتبديد.
كما إن الميزانيات العامة التي تقدم لهذين المجلسين كل عامين تزخر بزيادات مضطردة في المصروفات المتكررة بغض النظر عن ارتفاع أو تراجع الإيرادات، وأن المصروفات المتكررة هذه تستهلك مجمل الإيرادات النفطية، ومن ثم يذهب معظمها إلى باب الرواتب والأجور في الميزانية.
وأن أعضاء المجلسين (الممثلين للشعب بكل فئاته وأطيافه) بدلاً من أن يسألوا الحكومة عن أسباب تضخم الجهاز الوظيفي لديها، وتضخم بند الرواتب والأجور التي تصرف معظمها على كبار الموظفين الذين يعملون، والذين لا يعملون، والذين ينتجون، والذين لا ينتجون، والذين لا يعرف أحد كم يتقاضون من رواتب وبدلات وتعديلات وضع ورواتب تقاعدية.
بدلاً من أن يسألوا عن كل هذا، ويطالبوا بمعرفة حقيقة هذه المصروفات، وبمناقشة هذه الرواتب وتقليصها، وبدلاً من أن يبادروا مثل أقرانهم في الدول الديمقراطية على التقدم بمشروع قانون لوضع حد أدنى وحد أعلى للأجور في الدولة يطبق على الوزراء والنواب والموظفين والعمال ومدراء الشركات والبنوك، على القطاعين العام والخاص، بهدف حماية المال العام.
بدلاً من ذلك يسعى الشوريون إلى تكبير حصتهم من نهب المال العام، مشركين معهم أعضاء المجالس الأخرى، ويسعى أعضاء مجلس النواب إلى تكبير مصروفات أسفارهم التي لا تسمن ولا تغني من جوع بإصدار تشريع يتيح لهم السفر بالطائرة على الدرجة الأولى بدلاً من درجة رجال الأعمال، أسوة بالوزراء، «وما فيش حد أحسن من حد».
قبل عشرات السنين، وبالتحديد في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي كان البحرينيون يفتخرون بأن إمارتهم كانت سباقة في إجراء أول انتخابات بلدية شاركت فيها المرأة كناخبة، لكن الذي لا يعرفه الكثيرون من أبناء الجيل الحالي، ومنهم النواب والشوريون أن مستشار حكومة البحرين تشارلز بلجريف، جعل من تلك الانتخابات خدمة وطنية وليست وظيفة يرجى منها مكسب مادي.
وتطبيقاً لهذا المبدأ اشترط على المنتخبين والمعينين من أعضاء المجالس البلدية وقتها (نصفهم منتخبين والنصف الآخر معينين) ألا يتقاضوا رواتب أو مكافآت، أي أن يقدموا خدماتهم في المجالس البلدية بالمجان.
وأضاف على ذلك أن أقصر العضوية المنتخبة والمعينة على التجار وأصحاب المهن الحرة، ومنعها عن الموظفين حتى لو استقالوا من أعمالهم، درءاً للفساد وحفاظاً على المال العام من أن تمتد إليه أيادي الطامعين في استغلال الوظيفة.
رحمك الله يا تشارلز بلجريف فلو كنت تعلم بأنه سيكون لدينا مجلس شورى ومجلس نواب لطبقت عليهم تشريعك هذا مقدماً.