من بين 1355 كلمة تمثل مفردات اللهجة البحرينية بكل تنوعاتها تأتي 137 كلمة هندية دخلت على اللهجة الدارجة لتشكل ما نسبته 10% فقط من لهجة البحرينيين اليوم هندية!
هذه ليست مفارقة، بل تعد اللغة الهندية عند البحرينيين ثالث لغة دخلت على لهجتهم المحلية بعد الإنجليزية والفارسية، وهي اللغات الثلاث الرئيسة من بين 16 لغة تشكل اللهجة البحرينية الشعبية العامة. في الأصل ومازالت لغتنا عربية، ولكن ظروف المجتمع وظروف الجغرافيا السياسية شكلت لهجته بهذه الطريقة، وهي حقيقة لا يمكن إنكارها، بل هي مسموعة في كل بيت من بيوت البحرين لتعكس تنوع هذا المجتمع والثراء الثقافي الذي يتمتع به منذ قرون.
اللغة الهندية تشكل اللهجة البحرينية الدراجة ما معنى ذلك؟
تأثرت البحرين كثيراً منذ ما لا يقل عن ثلاثة قرون بالهند، ليس بسبب الاستعمار البريطاني، وإنما للعلاقات التجارية التي تمت بين هاتين المنطقتين، فالهند كانت بوابة رئيسة للقارة الآسيوية، والبحرين كانت بوابة للخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
ولم تنقطع مثل هذه العلاقات يوماً، بل كانت دائماً محل اهتمام متبادل، وهو ما دفع مئات الملايين من الهنود للقدوم إلى منطقة الخليج العربي، والعمل في مدنها، وكان لهم دور بارز في عمليات التحديث التي شهدتها بلدان مجلس التعاون الخليجي منذ مطلع السبعينات وحتى اليوم. وهو ما ساهم في تضخم المصالح المشتركة بين الطرفين. غداً يعتزم جلالة الملك القيام بزيارة دولة رسمية إلى العاصمة الهندية، وهي زيارة تاريخية لجلالته، وتأتي استكمالاً لتوجه السياسة الخارجية البحرينية نحو آسيا. ولكن إلى أي مدى الهند مهمة للبحرين، ولدول الخليج العربي؟
هناك مجموعة من الحقائق ينبغي أن نفهمها عن الهند، فالنظام الدولي اليوم يقوم على قوة عظمى واحدة وهي الولايات المتحدة الأمريكية، مع ست قوى كبرى تملك نفوذاً أقل من القوة العظمى، وهي؛ روسيا، والصين، والاتحاد الأوروبي، والهند، والبرازيل، بالإضافة إلى اليابان. وجميع هذه الدول هي التي تملك النفوذ الأكبر على مستوى العالم في مختلف المجالات نتيجة لما تتمتع به مقومات القوة بشتى صورها.
تعد الهند سادس دولة في العالم من حيث الإنفاق العسكري؛ 38.5 مليار دولار. كما أنها تنفق على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 3.3%، وتنفق على البحث والتطوير ما يقارب 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي عوامل ساهمت في دخول 5 جامعات هندية ضمن قائمة أفضل 400 في العالم.
خلال العام 2011 تمكنت الهند من نيل 5168 براءة اختراع، وهو ما يعني أنها كانت تبتكر 14 اختراعاً يومياً طوال العام. وبشكل عام فإن من بين كل مليون مواطن هندي يظهر 5.1 اختراع تم تسجيله. وللعلم فإن الناتج المحلي الإجمالي الهندي وصل في العام 2012 إلى 1.8 ترليون دولار. وبلغ متوسط معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي للهند في العام نفسه نحو 6.8%، وهي الثانية بعد الصين التي وصل متوسط معدل نموها الحقيقي في العام نفسه إلى 9.2%. ومن المتوقع أن يصل هذا المتوسط في الهند بحلول العام 2018 إلى 6.5%.
لو تتبعنا تطور حصة الهند من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فسنجدها في العام 1993 بنحو 1.1%، ثم تطورت بعد عشر سنوات في العام 2003 إلى 1.6%، وخلال العام الماضي 2013 صارت حصتها 2.7%، ومن المتوقع أن تتطور إلى 3% في العام 2018.
وبفضل طموحاتها الدولية صارت الهند رابع قوة عسكرية في العالم وتملك قدرات عسكرية نووية، كما تمتلك 346 مطاراً في مختلف الأقاليم. وباتت من الدول القليلة في العالم المصنعة لحاملات الطائرات الضخمة.
على الصعيد التجاري، فإن الهند رابع مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والصين واليابان. وأكبر الشركاء التجاريين للهند من حيث الصادرات كل من الاتحاد الأوروبي، الإمارات العربية المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، سنغافورة. أما شركاء الواردات للهند: الصين، الاتحاد الأوروبي، الإمارات العربية المتحدة، سويسرا، السعودية.
هذه مجرد حقائق تتيح لنا معرفتها تشكيل صورة فعلية وعميقة حول ما تمثله الهند اليوم على الصعيد الدولي لتتغيّر الصورة النمطية التي اعتاد عليها الرأي العام الخليجي منذ عقود.