تنفيذ توصيات بسيوني وتوصيات جنيف، وتعديل الدوائر الانتخابية وتشكيل حكومة منتخبة من خلال نتائج الانتخابات، وتمثيل الكتلة النيابية في الحكومة بما يتناسب مع ثقلها الانتخابي، وتفرد المجلس النيابي المنتخب بكامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، وفتح أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية للمليشيات الوفاقية، ووقف الإعلام المضاد للوفاق، وإطلاق سراح قادة الإرهاب المسجونين ومشاركتهم في الحوار، هذا ما اشترطته الوفاق قبل الحوار.
إذاً ماذا بقي من الدولة؟ فسلموهم الدولة وانتهى الأمر، لأن هؤلاء ليست بغيتهم إلا سدة الحكم، وذلك عندما يكون رئيس الحكومة المنتخبة منهم، وتمثيل الكتلة النيابية في الحكومة بما يناسب ثقلهم، وهو شيء طبيعي؛ فهي كتلة الوفاق لأنها كتلة واحدة لا يمكن أن تنقسم حسب دستور الولي الفقيه الإيماني، وهكذا تندمج ميلشياتهم في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتصبح الدولة حكومة وشرطة وجيشاً وفاقياً موالياً لإيران، ويحصل ما هو حاصل بالضبط في العراق ولبنان واليمن، التي ألغيت فيها الدولة وأصبح الحكم للميلشيات التي تتجول في مركبات الأمن ودبابات ومدرعات الجيش وتقرر الحرب، كما تقرر كيف تواجه المظاهرات والاحتجاجات التي سوف يطلق عليها إرهاب التكفيرين والقاعدة، فيسمح لهم المجتمع الدولي بدك المتظاهرين ومدنهم ومناطقهم بالمدافع والصواريخ، كما يفعل المالكي في مظاهرات الأنبار والفلوجة اليوم.
هذه هي صورة البحرين المقبلة إذا تحققت هذه الاشتراطات، وسيبقى لدى الوفاق أشواط لم تستكملها، وستستخدمها على فترات متلاحقة بعد أن ترتب أمورها أولاً بأول وتستخدم ما قدم لها من مناصب وفتح لها من مجال، كي تستعد للجولة القادمة بعد زيادة التمكين، خاصة أن مصادر الثروة في يدها، فلديها تمويل من الدولة لتمول مشاريعها التعليمية والعملية في مشروع التوظيف وموارد هيئة سوق العمل، الذي أحسن المسؤولون استخدامه في زيادة التمكين لمليشياتهم وتقديم الدعم لتعليمهم ودعم مؤسساتهم وتجارتهم وتجارهم، والاستحواذ على فرص العمل في الشركات الوطنية الكبرى وفتح باب التوظيف لهم في مؤسسات الدولة، وقد شهدنا كيف تم توظيف قائمة الوفاق 1912، والتي أقفلت باب التوظيف في وجه أي مواطن جامعي خارج القائمة واستجابت لهم الدولة.
بعدها تم إطلاق مشروع جديد للتوظيف، وكانت «تمكين» أبرز مموليه، وذلك حسب ما جاء في تصريح وزير العمل السابق لصحيفة محلية بتاريخ 19 يونيو 2009، وهكذا هو البرنامج يسير ويمول، وهكذا مشاريع السيطرة التي بدأت منذ زمن طويل حتى باتت الدولة في يدهم، وأكبر شاهد ما حصل من عصيان في 2011 حيث توقفت الشركات الاقتصادية الوطنية والمؤسسات الحكومية، وهكذا يستطيعون الضغط على الدولة حين يقررون وقف المعاملات المالية، وذلك بعدما سيطروا على الاقتصاد وعلى أم الاقتصاد، وعلى الشركات التي تعتبر من الأمن القومي، وغيرها من وظائف ومناصب والتي تعتبر عصب الدولة، وما اشتراطهم اليوم بهذه الشروط قبل الحوار، إلا بعد تمكنهم علمياً وعملياً واقتصادياً وعسكرياً، فقد اكتملت التدريبات العسكرية ووضبوا المجتمع الدولي وقدموا لهم المبررات التي يستطيع من خلالها هذا المجتمع المتمثل في الاتحاد الأوروبي أن يتدخل ويفرض على البحرين قرارتها، وهي بالضبط التمثيلية التي احتلت فيها العراق، عندما اعتمدت هذه الدول نفسها بقيادة أمريكا التقرير الملفق بوجود أسلحة دمار شامل، وإن كانت تعلم هذه الدول أنه تقرير ملفق ومزور إلا أنهم يحتاجون مثله كجزء من الاشتراطات الدولية بجواز مرور وإن كان مزوراً.
إنها مرحلة من مراحل الخطة العلقمية التي قد تأتي على البحرين، لأن مدرسة ابن العلقمي مازال يضخ منها أحفاده الذين توالوا بعده، وقد كان نصيب البحرين من أحفاده كبير.
وهذا يفسر ويوضح لنا ما أكده علي سلمان بأنه سيكون في السلطة في المنظور القريب، وأنه سيستخدم كل وسائله وفسائله، حيث إنه لم يستخدم من قوته إلا شيئاً قليلاً. يجب ألا يحدونا الأمل بأن أمثال هؤلاء قد يؤمن لهم إذ يتحدثون اليوم بمنطق الحكام والملوك، وهذا خطابهم يبتدأ كما يبتدأ الحاكم وهو يخاطب شعبه، وهذا نص من خطابهم بتاريخ 13 فبراير 2014 «يحيي شعبنا الذكرى السنوية الثالثة للحركة الشعبية..»، وهكذا هو خطابهم نفس خطاب الحكام، بل إن في خطابهم اشتراطات على حكام الدولة الشرعيين أن جعلوا للحاكم نصيباً حددوا فيه موقعه ومكاناً لا يتعدى بقولهم «أن يكون للحكم رؤيته الذاتية بالحل السياسي أثناء هذه الاجتماعات»، أما بالنسبة لأهل الفاتح فقد اشترطوا إخراس صوتهم منذ البداية، أي أنهم الدولة والشعب، وأهل الفاتح خارج دائرة «شعبنا» لأنهم سيكونون بعد ذلك إرهابيون تكفيريون ينتمون للقاعدة.
هذا مجمل التفصيل ومختصر التحصيل، وهذا هو الحال قبل أن يتسلموا فكيف بالله عليكم سيكون عليه الحال في البحرين بعد أن يستلموا.