قبل أيام جاءني من يخبرني بأن فلاناً وعلاناً نشروا تغريدات على الفيسبوك والتويتر تنتقدني، قلت هذا حقهم، فانتقاد الفكرة أو الرأي يصبح حقاً للآخرين طالما نشرا على الملأ، وكما أن من حقهم أن يقبلوها، فإن من حقهم أن ينتقدوها ويرفضوها وهذا أمر طبيعي. فقيل لي إنهم لم ينتقدوا آراءك وأفكارك وإنما تعرضوا لشخصك ووجهوا إليك الشتائم، فقلت هذا يعني أمرين؛ الأول هو أنهم تجاوزوا حقهم وهو ما يعبر عن خلل في عقليتهم وفهمهم، والثاني هو أنهم عبروا عن ضعفهم؛ لأن القوي لا يشتم وإنما يرد على الرأي بالرأي وعلى الفكرة بالفكرة، فالعلاقة الطبيعية هنا هي بينهم وبين ما نشرت من آراء وأفكار وليس بينهم وبين أمر شخصي.
ليس هذا فقط، فالطبيعي والصحيح هو أن تظل العلاقة بيننا جميعاً عادية لا تتأثر باختلاف الآراء والمواقف، لأنه لا يمكن للناس جميعاً أن يكونوا على رأي واحد وقناعة واحدة، فلكل ثقافته وقدراته وقناعاته والزاوية التي ينظر منها إلى الأمور، واختلاف الرأي ينبغي ألا يفسد الود بيننا.
ذات مرة كتبت عن اثنين من الإمارات شهدت مناقشتهما لموضوع في بيت أحدهما بدبي، الأول شيوعي والثاني إخواني، احتد النقاش بينهما حتى ظننت أنهما سيتقاتلان، لكنني فوجئت بعد أن انتهيا من المناقشة وكأن شيئاً لم يكن، حيث عادا صديقين ودودين، فسألتهما عن هذا الذي شهدته فقالا إن هذا خلاف فكري ومن الطبيعي أن يدافع كل منا عن رأيه بما يمتلك من معلومات وقدرات، لكن هذا أمر وعلاقة الصداقة بيننا أمر آخر.
هذا مستوى من النضج موجود لدى البعض أيضاً هنا في البحرين، ولكنه للأسف غير موجود لدى الغالبية، خصوصاً مع الأحداث التي أثرت على السلوكيات وصار الكثيرون يجدون صعوبة في التحكم في أعصابهم بسببها، ولهذا فإنني لا أستغرب إن تعرض البعض لي أو لغيري من كتاب الرأي بالسب والشتم، فهؤلاء إضافة إلى تدني مستوى النضج لديهم وضعف مستواهم الثقافي فإنهم متأثرون بما يجري من أحداث منذ سنتين ونيف إلى الحد الذي صاروا معه دون القدرة على التحكم في.. ذرابتهم!
لو قام المهتمون بالشأن الاجتماعي برصد التغريدات التي تحتوي على شتائم والتي يعتبرها أصحابها نقداً لتوصلوا إلى تحليل مفيد لهذه الظاهرة، فهذا النوع من التغريدات يكشف عن أمور مهمة يمكن إن رصدت وتم تحليلها التوصل إلى استنتاجات يخدمون من خلالها هذا الوطن الذي لا يستحق كل هذا الذي يجري عليه منذ قيام ذلك البعض بتلك القفزة المتهورة في الهواء.
انتقاد الآراء والموضوعات حق مكفول دستورياً ومنظم قانوناً، والشتم والتعرض لشخص صاحب الرأي أو أهله يعاقب عليه القانون لأنه خارج إطار النقد، فللناقد حق انتقاد الموضوع والآراء التي تطرح وليس انتقاد الشخص أو السخرية منه أو تعييره بأصله وفصله وطوله ولونه، لأن هذه الأمور شخصية، ولأن لكل إنسان عيوبه ولا يوجد إنسان يقبل أن توجه إليه الشتائم والسباب أو يطال شيء من ذلك أهله. فإذا أضفنا إلى كل هذا أن النقد الشتام صادر من بحريني فإن هذا يعني أنها طامة كبرى لأن ما يميز أهل البحرين عن كثير من الشعوب هو نسبة الأخلاق العالية التي ظلوا على مدى التاريخ يتمتعون بها وعنوانها.
هنا قول شهير لألبير كامو «اسمعني جيداً حتى تفهمني، لا تقاطع حديثي لأكمل أفكاري، اخفض صوتك حتى أفهم لغتك، ابتسم حتى أقبل آراءك».
أعتقد أنه قول جميل لكنه للأسف لم يصل بعد إلى أولئك الذين صارت الشتائم عندهم.. على بيزة.
{{ article.visit_count }}
ليس هذا فقط، فالطبيعي والصحيح هو أن تظل العلاقة بيننا جميعاً عادية لا تتأثر باختلاف الآراء والمواقف، لأنه لا يمكن للناس جميعاً أن يكونوا على رأي واحد وقناعة واحدة، فلكل ثقافته وقدراته وقناعاته والزاوية التي ينظر منها إلى الأمور، واختلاف الرأي ينبغي ألا يفسد الود بيننا.
ذات مرة كتبت عن اثنين من الإمارات شهدت مناقشتهما لموضوع في بيت أحدهما بدبي، الأول شيوعي والثاني إخواني، احتد النقاش بينهما حتى ظننت أنهما سيتقاتلان، لكنني فوجئت بعد أن انتهيا من المناقشة وكأن شيئاً لم يكن، حيث عادا صديقين ودودين، فسألتهما عن هذا الذي شهدته فقالا إن هذا خلاف فكري ومن الطبيعي أن يدافع كل منا عن رأيه بما يمتلك من معلومات وقدرات، لكن هذا أمر وعلاقة الصداقة بيننا أمر آخر.
هذا مستوى من النضج موجود لدى البعض أيضاً هنا في البحرين، ولكنه للأسف غير موجود لدى الغالبية، خصوصاً مع الأحداث التي أثرت على السلوكيات وصار الكثيرون يجدون صعوبة في التحكم في أعصابهم بسببها، ولهذا فإنني لا أستغرب إن تعرض البعض لي أو لغيري من كتاب الرأي بالسب والشتم، فهؤلاء إضافة إلى تدني مستوى النضج لديهم وضعف مستواهم الثقافي فإنهم متأثرون بما يجري من أحداث منذ سنتين ونيف إلى الحد الذي صاروا معه دون القدرة على التحكم في.. ذرابتهم!
لو قام المهتمون بالشأن الاجتماعي برصد التغريدات التي تحتوي على شتائم والتي يعتبرها أصحابها نقداً لتوصلوا إلى تحليل مفيد لهذه الظاهرة، فهذا النوع من التغريدات يكشف عن أمور مهمة يمكن إن رصدت وتم تحليلها التوصل إلى استنتاجات يخدمون من خلالها هذا الوطن الذي لا يستحق كل هذا الذي يجري عليه منذ قيام ذلك البعض بتلك القفزة المتهورة في الهواء.
انتقاد الآراء والموضوعات حق مكفول دستورياً ومنظم قانوناً، والشتم والتعرض لشخص صاحب الرأي أو أهله يعاقب عليه القانون لأنه خارج إطار النقد، فللناقد حق انتقاد الموضوع والآراء التي تطرح وليس انتقاد الشخص أو السخرية منه أو تعييره بأصله وفصله وطوله ولونه، لأن هذه الأمور شخصية، ولأن لكل إنسان عيوبه ولا يوجد إنسان يقبل أن توجه إليه الشتائم والسباب أو يطال شيء من ذلك أهله. فإذا أضفنا إلى كل هذا أن النقد الشتام صادر من بحريني فإن هذا يعني أنها طامة كبرى لأن ما يميز أهل البحرين عن كثير من الشعوب هو نسبة الأخلاق العالية التي ظلوا على مدى التاريخ يتمتعون بها وعنوانها.
هنا قول شهير لألبير كامو «اسمعني جيداً حتى تفهمني، لا تقاطع حديثي لأكمل أفكاري، اخفض صوتك حتى أفهم لغتك، ابتسم حتى أقبل آراءك».
أعتقد أنه قول جميل لكنه للأسف لم يصل بعد إلى أولئك الذين صارت الشتائم عندهم.. على بيزة.