لو طالت غيبوبتي ثلاث دقائق إضافية لكنت إلى جوار اثنين من إخوتي ورفاق مسيرتي في أحد أدراج ثلاجة مستشفى بعقوبة في محافظة ديالى بالعراق. كنا في «أشرف» صبيحة يوم 8 أبريل2011 عندما دخلت القوات العراقية الإرهابية العميلة لنظام الملالي في طهران.. أكمل المجرمون المهمة المكلفين بها بعد أن أراقوا دماءنا البريئة على الأرض وقد أخذونا نحن الثلاثة من على الأرض كجثث ونقلونا معهم إلى مستشفى بعقوبة.. وكان قد تكسر رأسي ووجهي ويدي .. ونزيف شديد مني إثر ضرباتهم بالهراوات إلى حد الموت، كما تحطمت عظام ساقي بطلقة بندقية الـ ”إم16“ الأمريكية. ولم يفحصوني ولو بنظرة واحدة في المستشفى، حيث أرادوا تسليمي إلى الطب العدلي كجثة هامدة وأنا في غيبوبة. ولا أعرف! لربما كان رفاقي الاثنين الآخرين أحياء ونقلوهما إلى ثلاجة المشرحة بالطب العدلي لتجميدهما أحياء. وهكذا وقعنا بين مسلحين مجرمين مرتزقة وأطباء بلا قيم (مجرمون أيضاً)، إلا أنه قد شاء الله وحالفني الذي لم يحالفهما ليفيقا من الغيبوبة مثلي قبل أن يوضعا في أدراج الثلاجة.
ومنذ ذلك اليوم إلى هذه اللحظة وأنا أفكر في قرارة نفسي متسائلاً «لماذا بقيت حياً؟»
كلا! لن أقول إنني شبعت من الحياة أو إنني لا أحبها. بل على العكس من ذلك، مع الحال التي عشتها بت أعشق الحياة بكل جوانبها، أشكالها ومواهبها! من لمسة زهرة حمراء وشم أريجها إلى التجول والركض تحت زخ مطر الشتاء، ومشاهدة رقص أطفال سعداء يلهون يعبثون أو سماع موسيقى جميلة هادئة.
أجل؛ الحياة عندي جميلة بحيث أرى تحمل المصائب.. وأخيرًا التضحية بالنفس من أجلها جزء منها.. فقد تعلمت من التاريخ أن الشعوب وبهكذا تضحيات تثبت وجودها اللائق وتنال حريتها وتوفيقها بحق وجدارة.. فلأكن أنا جزءًا من هذا البهاء للحياة ومبرراً وجودي الراقي المترفع في صفحات تكليفي فيها.
أجل؛ هكذا يكون في وسعنا إدراك المعنى المقصود لكلمة الوجود والحياة والتنعم بها.
والآن ها أنذا مازلت حياً.. وأقول مرة أخرى وفي اليوم الثالث والثمانين من الإضراب عن الطعام: إن الحياة بهية إلى حد أنها تستحق أن أضحي بكل جزء من كياني وقطرة من دمي من أجلها.. من أجل مسيرتنا الجميلة وليس من أجل نفسي بل من أجل أرواح الرهائن السبعة المختطفين!
اختطفوا السبعة كرهائن في صبيحة أحد أيام الصمود من أجل الشرف والحرية والكرامة في أشرف.. وأعلم أن الرهائن السبعة على وشك تسليمهم إلى النظام الإيراني لممارسة شتى أصناف التعذيب والتنكيل بالكرامة الإنسانية ومن ثم إعدامهم.
يتنامى يقيني في كل لحظة وكل حين بتكليفي في الحياة وواجب العطاء والعمل المثمر والتضحية والإيثار حتى الرمق الأخير.. ويرحلون ونمضي خلفهم لنكمل المسيرة بشرف وصمود «والحياة بهية ومازلت حياً أستحق الوجود».
*مهندس كهربائي
نجا مجتبى من الموت بمعجزة إلهية بعد اقتحام مدينة أشرف في 8 أبريل 2011
ومنذ ذلك اليوم إلى هذه اللحظة وأنا أفكر في قرارة نفسي متسائلاً «لماذا بقيت حياً؟»
كلا! لن أقول إنني شبعت من الحياة أو إنني لا أحبها. بل على العكس من ذلك، مع الحال التي عشتها بت أعشق الحياة بكل جوانبها، أشكالها ومواهبها! من لمسة زهرة حمراء وشم أريجها إلى التجول والركض تحت زخ مطر الشتاء، ومشاهدة رقص أطفال سعداء يلهون يعبثون أو سماع موسيقى جميلة هادئة.
أجل؛ الحياة عندي جميلة بحيث أرى تحمل المصائب.. وأخيرًا التضحية بالنفس من أجلها جزء منها.. فقد تعلمت من التاريخ أن الشعوب وبهكذا تضحيات تثبت وجودها اللائق وتنال حريتها وتوفيقها بحق وجدارة.. فلأكن أنا جزءًا من هذا البهاء للحياة ومبرراً وجودي الراقي المترفع في صفحات تكليفي فيها.
أجل؛ هكذا يكون في وسعنا إدراك المعنى المقصود لكلمة الوجود والحياة والتنعم بها.
والآن ها أنذا مازلت حياً.. وأقول مرة أخرى وفي اليوم الثالث والثمانين من الإضراب عن الطعام: إن الحياة بهية إلى حد أنها تستحق أن أضحي بكل جزء من كياني وقطرة من دمي من أجلها.. من أجل مسيرتنا الجميلة وليس من أجل نفسي بل من أجل أرواح الرهائن السبعة المختطفين!
اختطفوا السبعة كرهائن في صبيحة أحد أيام الصمود من أجل الشرف والحرية والكرامة في أشرف.. وأعلم أن الرهائن السبعة على وشك تسليمهم إلى النظام الإيراني لممارسة شتى أصناف التعذيب والتنكيل بالكرامة الإنسانية ومن ثم إعدامهم.
يتنامى يقيني في كل لحظة وكل حين بتكليفي في الحياة وواجب العطاء والعمل المثمر والتضحية والإيثار حتى الرمق الأخير.. ويرحلون ونمضي خلفهم لنكمل المسيرة بشرف وصمود «والحياة بهية ومازلت حياً أستحق الوجود».
*مهندس كهربائي
نجا مجتبى من الموت بمعجزة إلهية بعد اقتحام مدينة أشرف في 8 أبريل 2011