الاتفاق المبدئي الذي أعلن عنه أمس بين طهران والغرب بشأن البرنامج الإيراني النووي المثير للجدل مازال يلفه كثير من الغموض والتضارب حسب البنود المعلنة، وحسب المواقف الدولية المتضاربة بين العواصم. من الواضح مبكراً أن هناك خلافاً حول تفسير بنود الاتفاق، وهناك من يتحدث عن بنود أخرى غير معلنة، وهناك من يعتبر هذا الاتفاق ليس إلا بداية النهاية نحو تحالف غربي جديد مع طهران.
طهران بعد الاتفاق الأولي تشعر بالانتصار كثيراً، وأنها الفائزة من هذا الاتفاق النادر، ولكن الأسئلة التي تثار اليوم تجاه طهران؛ هل ستتجه نحو تقارب أكثر مع الغرب؟ أو هل ستتجه نحو تقارب آخر مع دول الخليج العربية التي تشعر بتوجس كبير تجاهها إثر تدخلاتها السياسية والأمنية المتكررة في الشؤون الداخلية لهذه الدول؟
لن أجيب، ولكن طهران عندما تدخلت بشكل مبالغ فيه في الشؤون الداخلية البحرينية والخليجية كانت تعاني من حصار اقتصادي دولي مفروض عليها أدى إلى خسارتها مليارات الدولارات شهرياً، ولكن هذه الخسائر انتهت اليوم وبدأت الأموال بالعودة، ومن الطبيعي أن ينتقل الانشغال الإيراني بالخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة إلى انشغال من نوع آخر بمد النفوذ أكثر فأكثر في الخليج العربي وبؤر الأزمات في الشرق الأوسط، وأبرزها سوريا والعراق.
دول مجلس التعاون الخليجي بات صوتها مطلوباً أكثر من أي وقت مضى إزاء هذه التطورات المتسارعة والمثيرة. وليس مطلوباً هنا صوت واحد أو موقف انفرادي من هذه العاصمة أو تلك، بل المطلوب صوت جماعـــي يضع النقاط على الحروف، ويحدد أطر التعامل الخليجي مع التطورات الجديدة في النظام الإقليمي الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط. كل هذه التطورات تأتي قبل أقل من شهر واحد من التاريخ المتوقع لانعقاد القمة الخليجية التي تستضيفها الكويت، وهو ما يزيد من سقف التوقعات المطلوبة من القمة المرتقبة.
أيضاً من المتوقع أن تكون القضية الإقليمية المقبلة في المنطقة هي ظهور خلافات مستمرة قد تكون حادة أحياناً بشأن تفسير الاتفاق النووي الإيراني ـ الغربي، وتستمر المواجهات الدبلوماسية بشأن القضية أكثر فأكثر، هذا مجرد سيناريو.
أما السيناريوهات الأخرى فإنها مفتوحة، وما سيحددها طبيعة المصالح الخليجية من هذه التطورات، فليس مقبولاً خليجياً أن تكون هذه المستجدات على حساب المصالح الخليجية الاستراتيجية سواءً على المدى القصير أو المتوسط أو حتى البعيد.
ما لدينا اليوم اتفاق أولي، مازال غامضاً، وسيدفع نحو أوضاع أكثر تعقيداً، فما هو الحال إذا كان الاتفاق نهائياً؟