الأسبوع الماضي منّ الله على البحرين وعلى دول الخليج، وعلى مدار خمسة أيام، بأمطار غزيرة، فرح من فرح وتضرر من تضرر من هطول المطر، وانكشف المستور بعد أول يوم من نزول المطر. ورغم ذلك كله؛ ندعو الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الغيث خيراً وبركة ورحمة من المولى لنا جميعاً.
اليوم، وبفضل التقدم التكنولوجي والتطور التقني أصبح الجميع يمتلك الجوال، ومعظم هذه الجولات تمتلك مميزات كثيرة في جهاز واحد، فبجانب المحادثة وإرسال الرسائل النصية، يمكن للجهاز أيضاً أن يلتقط الصور الفوتوغرافية بجودة عالية، ويمكن التصوير بالفيديو وتسجيل المحادثات، ومن خلال تقنية هذا الجهاز يمكن التعرض لوسائل ومواقع التواصل الاجتماعي من خلاله مثل الإنستغرام والكيك والتوتير والوتس آب والفيس بوك وغيرها كثير، فلو بحث المستخدم لهذه المواقع لوجدها جمة لا تنتهي.
وبفضل تقنية متعددة الأغراض والاستخدامات، وفي ضوء ما تعرضت له معظم الشعوب العربية بما يسمى بـ«الربيع العربي»، وفي ظل السبق في تناول الأخبار وتداولها ونشرها بين الناس، أصبح كل فرد صحافياً، يمارس الصحافة بطريقته الخاصة.
الجميع تلقى عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً وصوراً وفيديوهات وتعليقات وسخريات عن المطر وما كشفه من بلاوٍ عظيمة، بعض الصور والفيديوهات بينت المآسي التي عاشها طلاب المدارس حتى يصلوا إلى صفوف الدراسة، بعض الصور كشفت لنا تضرر بعض المجمعات التجارية، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي تم نشر صور بيوت تضررت من المطر، وحوادث سيارات جمة، ناهيك عن البيوت الإسكانية الجديدة التي دُمرت من ارتفاع ماء المطر بين الطرقات، والذي كان بالتأكيد ناتجاً عن سوء تخطيط تصريف ماء الأمطار وسوء بناء وهندسة هذه البيوت، والصور كانت شاهد عيان عن ذلك كله.
من الصعب اليوم التحكم في ما ينشره الأفراد في مواقعهم الاجتماعية، ومن الصعب إخفاء الحقائق أو تكذيبها، لأن الصور هي اللي أصبحت تحكي وتغني عن ألف كلمة ما لم تكن مفبركة، كما فعله ويفعله البعض منذ أحداث البحرين، حتى رسائل الإنذار أو الاستجواب التي بعثها بعض المسؤولين لتوبيخ بعض الموظفين لم تسلم من نشرها في المواقع الاجتماعية، عندما صور بعض الموظفين مشاهد كانت دليلاً قاطعاً على تضرر الطلبة في المدارس من المطر وخصوصاً الطلبة الذين صفوفهم عبارة عن كبائن من خشب وتعذر عليهم الوصول إليها.
الصور تحكي، لذلك هي برهان على ما شهدته البحرين هذا العام من سوء تخطيط للطرقات وسوء بنية تحتية وسوء تصريف للمياه، والمتضرر الأول هو المواطن. فمن يعوض المواطن الذي تدمر منزله وأثاثه وسيارته من جراء هذه السيول وتجمع مياه الأمطار.
العوامل الطبيعية مثل هطول الأمطار بغزارة كما شهدناها، لا يمكن التحكم بها ولا يمكن أن نلوم أي وزير أو أي مسؤول في قطاع ما عنها، لكنه مسؤول على جودة عمله وجودة المواد التي يستخدمها في البناء، ومسؤول أيضاً على التخطيط الصحيح لصرف المياه في المكان الصحيح، ومسؤول على سلامة الطلبة، فالجميع هنا مسؤول عن مجتمعه مثلما المواطن الصحافي مسؤول عن التقاط الصور ونشرها بكل موضوعية، فمسؤولية المواطن الصحافي ليست فقط نشر الأخبار والصور بقدر ما تقع عليه المسؤولية ماذا ينشر من خبر وصور ومتى ينشرها؟.
جميعنا تقع علينا المسؤولية؛ لكن هناك من يتعمد أن يحمل البحرين كل هذه الخسائر لتكون في دائرة الفساد.