خلال اليومين الماضيين تطور مشهد ما بعد أزمة 2011 كثيراً، حيث صارت مساراته أكثر وضوحاً، وتبينت درجة التثوير التي يعاني منها الرأي العام البحريني، وخاصة المكوّن السني منه بعد أن بلغت دوافع التثوير نحو 22 دافعاً!
بلاشك فإن 22 دافعاً رقم كبير للغاية في مجتمع منقسم ينشد الاستقرار والأمن والتعايش السلمي بين جميع مكوناته بعد أزمة عصفت به على مدى شهرين واستمرت تداعياتها قرابة الثلاثة أعوام.
دوافع التثوير هي قائمة طويلة تمثل أحداثاً وقرارات وسياسات عصفت بالبلاد، وتأثرت بها كافة مكونات المجتمع، ولكنها كانت أشد تأثيراً على المكون السني، بل ساهمت في تغيير رؤيته للواقع المحلي، وتساهم طردياً في تغيير ثقافته السياسية نحو ثقافة أكثر تطرفاً، وأكثر راديكالية.
لن أستعرض دوافع التثوير التي يعاني منها المكون السني اليوم فهي طويلة، ولا يتوقع لها التوقف حالياً في ظل عدم الاهتمام بها، واعتبارها مجرد أحداث عرضية تمثل في بعض الأوقات أخطاء فردية ولا تعكس وجهة نظر حكومية.
مشكلة هذه الدوافع أنها باتت نتاجاً حكومياً صرفاً، ولا أعتقد أنها مقصودة، بل هي للأسف الشديد عفوية وغير مقصودة، وعندما تحدث تكون مفاجئة للغاية وقادرة على إحداث الصدمات الأكثر خطراً.
لا أعتقد أن هناك من يتتبع مثل هذه الدوافع ويربطها مع بعضها بعضاً تماماً، بل دائماً ما تأخذ هذه الدوافع زخماً كبيراً في وقتها، ولكنها سرعان ما تنتهي، ولا يتم إدراك حقيقة أن هذه الدوافع التي انتهى زخمها الإعلامي باتت موجودة في الذاكرة البحرينية، والرأي العام المحلي لديه القدرة على استرجاعها في أي وقت، وهو ما يساهم في اتخاذ مواقف جديدة مبنية على معطيات سابقة. ومن الأهمية بمكان تقديم مثال هنا؛ فعندما يتابع الرأي العام نتائج توصيات تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير فإنه يسترجع نتائج توصيات التقارير السابقة وعدم تحقيقها أي نتائج تذكر، وبالتالي يحدد موقفه بأن التحركات الأخيرة لن تؤدي إلى نتائج حقيقة فعلية على أرض الواقع.
هذه العملية باتت سمة من سمات الرأي العام البحريني بعد الأزمة الأخيرة، وإذا استمر تجاهل هذه الظاهرة، فإنها ستتفاقم ويكون مصيرها تثوير مكونات المجتمع بصورة خطرة من الصعوبة بمكان التحكم فيها أو السيطرة عليها أو حتى إدارتها. هذه هي الحقيقة التي على الجميع معرفتها بشكل سريع لاحتواء أي تطور في صدمات الرأي العام خلال الفترة المقبلة.