مصطلح «الربيع العربي» يستخدم الآن الثورات العربية التي قامت في البلدان العربية التي أكلت استقرارها كما تأكل النار في الهشيم، وأدت إلى سفك الدماء بين فئتين في كل دولة.
في يوم الجمعة الماضية، أقامت تونس حفلاً أممياً كبيراً، حضره قادة ورؤساء وبرلمانيو العالم، ليلقوا كلمات بمناسبة تدشين الدستور التونسي الجديد، فكما كانت تونس سباقة الثورات العربية، استطاعت النجاة من مستنقع هذه الثورات إلى بر الأمان، رغم الاختلافات العميقة التي لا تزال قائمة بين الأطراف التونسية.
فكما قامت أول ثورة في تونس، كان الدستور التونسي الذي صوت عليه 200 عضو من أصل 216 عضواً في المجلس التأسيسي هو أول ناتج إيجابي لحياة سياسية جديدة بعد هروب البنعلي.
لقد فهمت تلك الأطراف؛ الإسلامية وغير الإسلامية، أن عدم التنازل عن بعض الشيء، سيؤدي في النهاية إلى المصير المصري أو المصير الليبي أو المصير السوري أو حتى اليمني، فالإسلاميون في تونس قدموا بعض التنازلات لصالح الليبراليين -في حدود المسموح لهم- مقابل كسر القيود المفروضة عن الإسلام، فالتونسي الآن أصبح يستطيع أن يفتح الإنارة في حمامه وقت الفجر ليتوضأ دون خوف أو خشية من أن يسأل لماذا فتح الإنارة في هذا الوقت أو ليعترف أنه كان سيصلي.
الدستور التونسي قد لا يلبي طموح طرف ما، ولكنه أعاد حرية ممارسة السياسة، وفتح المجال للأحزاب لتثبت جدارتها أمام شارعها، مع الاحتفاظ بالهوية العربية والإسلامية، والحفاظ على الحريات التي يطالب بها الآخرون أيضاً، لتكون هناك ساحة كبيرة مفتوحة لممارسة السياسة بشكل سلمي دون إراقة الدماء.
المهم في هؤلاء الأطراف، أن كل طرف اعترف بقوة الآخر، واتفقوا على أن يجعلوا الاحتراب فيما بينهم في الساحة السياسية، فأصدروا دستوراً جديداً متفقاً عليه بتحفظ، وهي خطوة وطنية كبيرة تحسب لتونس.. ودليل على الحس الوطني والرقي لدى هذا الشعب الطيب.
الأحلام لن تتحقق بعد الثورة مباشرة، ولكن تحقيق الأحلام قد بدأ بعد هذا الدستور، إن الممارسة السياسية هي السبيل لإقناع الشارع بصدقية الطرح، ولا تزال الفرص مفتوحة لتحقيق المزيد من التقدم السياسي حتى لو كانت هذه الخطوة لا تلبي الطموح، ولكن لا بد من الاعتراف أنها خطوة سبقت بقية الدولة الأخرى كما سبقتهم بالثورات، رغم إقرارنا بالاختلاف الكبير بين كل حالة في كل دولة.
في هذه الأجواء أيضاً لا بد من التحذير من التغلغل الإيراني الذي لم يترك دولة إلا ويحاول قدر الإمكان وضع ذراع فيها، ففي هذا الاحتفال الذي أقيم في تونس، تحدث رئيس مجلس النواب الإيراني علي لاريجاني وأخذ يسوق لثورة الخامنائي ويشبه ثورة تونس بها، وتطرق أيضاً للأسطوانة المشروخة وهي محو إسرائيل من الخارطة.
لدي بعض الأصدقاء في تونس يؤكدون لي أن إيران لديها محركاتها في تونس ولديها وسائل إعلام تقدم لها الدعم في سبيل الترويج لقضاياها، وهذا ما يجب الالتفات له سواء على الصعيد الداخلي في تونس، وحتى على صعيد الخليج.
قد تكون تونس مخترقة إيرانياً نوعاً ما، ولكن لم أكن أتصور أن يقوم منظمو الحفل بتقديم كلمة لاريجاني على كلمة بعض الدول العربية ومنها الخليجية! إن هذا يعطي مؤشراً لا يبشر بالخير عن النفوذ الإيراني هناك.
{{ article.visit_count }}
في يوم الجمعة الماضية، أقامت تونس حفلاً أممياً كبيراً، حضره قادة ورؤساء وبرلمانيو العالم، ليلقوا كلمات بمناسبة تدشين الدستور التونسي الجديد، فكما كانت تونس سباقة الثورات العربية، استطاعت النجاة من مستنقع هذه الثورات إلى بر الأمان، رغم الاختلافات العميقة التي لا تزال قائمة بين الأطراف التونسية.
فكما قامت أول ثورة في تونس، كان الدستور التونسي الذي صوت عليه 200 عضو من أصل 216 عضواً في المجلس التأسيسي هو أول ناتج إيجابي لحياة سياسية جديدة بعد هروب البنعلي.
لقد فهمت تلك الأطراف؛ الإسلامية وغير الإسلامية، أن عدم التنازل عن بعض الشيء، سيؤدي في النهاية إلى المصير المصري أو المصير الليبي أو المصير السوري أو حتى اليمني، فالإسلاميون في تونس قدموا بعض التنازلات لصالح الليبراليين -في حدود المسموح لهم- مقابل كسر القيود المفروضة عن الإسلام، فالتونسي الآن أصبح يستطيع أن يفتح الإنارة في حمامه وقت الفجر ليتوضأ دون خوف أو خشية من أن يسأل لماذا فتح الإنارة في هذا الوقت أو ليعترف أنه كان سيصلي.
الدستور التونسي قد لا يلبي طموح طرف ما، ولكنه أعاد حرية ممارسة السياسة، وفتح المجال للأحزاب لتثبت جدارتها أمام شارعها، مع الاحتفاظ بالهوية العربية والإسلامية، والحفاظ على الحريات التي يطالب بها الآخرون أيضاً، لتكون هناك ساحة كبيرة مفتوحة لممارسة السياسة بشكل سلمي دون إراقة الدماء.
المهم في هؤلاء الأطراف، أن كل طرف اعترف بقوة الآخر، واتفقوا على أن يجعلوا الاحتراب فيما بينهم في الساحة السياسية، فأصدروا دستوراً جديداً متفقاً عليه بتحفظ، وهي خطوة وطنية كبيرة تحسب لتونس.. ودليل على الحس الوطني والرقي لدى هذا الشعب الطيب.
الأحلام لن تتحقق بعد الثورة مباشرة، ولكن تحقيق الأحلام قد بدأ بعد هذا الدستور، إن الممارسة السياسية هي السبيل لإقناع الشارع بصدقية الطرح، ولا تزال الفرص مفتوحة لتحقيق المزيد من التقدم السياسي حتى لو كانت هذه الخطوة لا تلبي الطموح، ولكن لا بد من الاعتراف أنها خطوة سبقت بقية الدولة الأخرى كما سبقتهم بالثورات، رغم إقرارنا بالاختلاف الكبير بين كل حالة في كل دولة.
في هذه الأجواء أيضاً لا بد من التحذير من التغلغل الإيراني الذي لم يترك دولة إلا ويحاول قدر الإمكان وضع ذراع فيها، ففي هذا الاحتفال الذي أقيم في تونس، تحدث رئيس مجلس النواب الإيراني علي لاريجاني وأخذ يسوق لثورة الخامنائي ويشبه ثورة تونس بها، وتطرق أيضاً للأسطوانة المشروخة وهي محو إسرائيل من الخارطة.
لدي بعض الأصدقاء في تونس يؤكدون لي أن إيران لديها محركاتها في تونس ولديها وسائل إعلام تقدم لها الدعم في سبيل الترويج لقضاياها، وهذا ما يجب الالتفات له سواء على الصعيد الداخلي في تونس، وحتى على صعيد الخليج.
قد تكون تونس مخترقة إيرانياً نوعاً ما، ولكن لم أكن أتصور أن يقوم منظمو الحفل بتقديم كلمة لاريجاني على كلمة بعض الدول العربية ومنها الخليجية! إن هذا يعطي مؤشراً لا يبشر بالخير عن النفوذ الإيراني هناك.