طرحنا قبل أيام قليلة مشكلة وطنية مجتمعية فتحت للناس جروحاً أخرى، وهذا ما حصل تماماً حين تناولنا موضوع العمالة السائبة في البحرين، ومن يقف وراء هذه الظاهرة الخطيرة. جاءت ردود الأفعال صارخة وواضحة من قبل الشارع البحريني، بل هنالك من فتح موضوعاً آخر في غاية الأهمية، له علاقة بذات الموضوع؛ ألا وهو مسألة الشغالات والخدم.من قبل ولأكثر من مقالة تعرضت فيها وبكل صراحة إلى ظاهرة هروب الخدم من المنازل، وكيف يتحمل المواطن تكلفة الهروب ودفع كل فواتيرها، وحين تحدثت بالأمس القريب عن مسألة الاتجار بالبشر، أرسل لي أحد المواطنين البسطاء رسالة يتحدث عن معاناته الشخصية في هذا الأمر بطريقة عفوية جداً، بل ومعاناة آلاف البحرينيين بعد انتشار ظاهرة هروب الخدم من المنازل، وربط كل ذلك بقضايا الاتجار بالبشر.يقول هذا المواطن: «شلون تبــي تحاســب المسؤولين عن جلب العمالة الأجنبية إذا كانوا هم من يضعون القوانين التي تعاقب المواطن العادي حين هروب شغالته، وهم في الأساس ينسون أنفسهم؟ شلون تبيهم يحاسبون أنفسهم وهم من يجلب تلك العمالة بالمئات إذا مب بالآلاف؟ قانونهم ما يمشي إلا على المواطن الفقير العادي، إذا هربت شغالته في سبيل تروح تشتغل في الدعارة أو أحد الفنادق التابعة (.....).. المواطن اليوم يجبرونه إذا هربت شغالته ولجأت إلى سفارة بلدها أو إلى أحد مراكز الشرطة على دفع قيمة تذكرة سفرها وتكاليف إرجاعها لموطنها الأصلي، ودفع كل الغرامات، هذا ناهيك عن آلاف الدنانير المدفوعة لمكاتب الخدم». ثم يضيف هذا المواطن البسيط قائلاً: «نحن ولحد الآن وفي غضون أربعة أشهر فقط، هربت من عندنا ثلاث شغالات إندونيسيات، آخر وحده كان هروبها الأسبوع الفائت فقط، وقد تم العثور على واحدة منهن وهي تعمل في خان خاص بالجاليات الأجنبية الهاربة أيضاً، تقدم لهم خدماتها القذرة مقابل مبلغ من المال، وحين تم القبض عليها، أُلزمنا بدفع مبلغ تذكرتها لتعود إلى وطنها مكرمة ومعززة، مع العلم أنها لم تمكث للعمل في بيتنا سوى شهرين فقط».لا أعتقد أن المسألة تحتاج إلى تعليق، بل تحتاج إلى تطبيق، وتحتاج إلى قلوب رسمية حساسة تستمع لهموم الناس وشكواهم، فقضايا الخدم إضافة لقضايا العمالة السائبة يتحملها وزير العمل ووزارته كما ذكرنا، كما يتحمل غالبية مكاتب استقدام الأيدي العاملة والخدم في البحرين جزءاً كبيراً من هذه المشكلة، وإلا لو كانت القوانين مطبقة بحذافيرها، وكانت الوزارة حازمة وصارمة مع كل من يخالف أنظمة الإقامة في الوطن، لما استطاعت شغالة واحدة أن تفر من بيت كفيلها لتلجأ إلى سكن عمال أو سفارة تكون كل وظيفتها الدفاع عن الهاربات، أو أن تجد أجنبياً يقف إلى جانبك في المنامة وإلى جانبه رجل أمن وهو يقول لك بكل ثقة «أغسل سيارتك رفيق»؟ لكنها فوضى الاتجار بالبشر، نصفهم مرمي في الشارع ونصفهم الآخر مبتلى بهم أهل البحرين في منازلهم.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90