بات من المعروف لدينا أن وزارة التربية والتعليـــم لا تـــرد علـــى كــل إشكــــالات الإعلاميين والصحافيين إلا ما ندر، فأُذن من طين وأُذن من عجين كما يقولون، ولعل هذا الخلل الكبير يقع بالدرجة الأولى على عاتق إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة التربية، وربما يكون لمكتب الوزير والوكلاء في الوزارة مهمة كبيرة بتحريك وتنشيط أداء هذه الإدارة الراقدة.
لا يمكن لوزارة التربية والتعليم وهي تريد أن تنهض بالتعليم في البحرين أن تعتمد على مسؤولين ومعلمين ومديري أقسام ومديري مدارس، كل همهم أن يقوموا بتلميع صورة الوزارة، واستخدام طاقتهم القصوى في ضرب «الباليس»، سواء دعت الحاجة لذلك أم لا، أو يكون جلّ اهتمامهم بطابور الصباح، أو إرسال وفود تربوية إلى المدارس للكشف عنها وتقييمها، لكنهم في ذات الوقت يتعاملون مع الهيئات التعليمية بفوقية غريبة وعجيبة.
إن تطوير العملية التعليمية يعتبر من أصعب وأكثر القضايا تعقيداً في عصرنا الراهن، ولكي تتطور الحركة التعليمية يجب أن تسبقها حركة تصحيحية كبيرة وشاملة لكل مفاصلها وتفاصيلها، كما تحتاج إلى مزيد من الحريات للمعلمين والإدارات التعليمية في مدارس البحرين، بعيـــداً عـــن ثقافـــة «الصبـــغ والبشـــت والباليس»، فهذه الأمور ربما تظهر الوجه «الممكيج» للوزارة، لكنها لا تظهر حقيقة العيوب التربوية والتعليمية في مؤسساتنا التعليمية كلها، ومن هنا نستطيع أن نعرف لماذا أصبح تطور الأداء والمستوى التعليمي في البحرين سلحفائياً.
على المسؤولين الكبار في وزارة التربية والتعليـــم وبـــدل أن يلزمـــوا الهيئـــات التعليميـــة باستخـــدام وسائـــل المـــدح الممجوجـــة والثناء الفارغ، أن يقومـــوا بمحاكاتهـــم والإصغاء إلى مشاكلهـــم وقضاياهم حتى تتحقق الشراكة الفعلية في مسائل التعليم وتطويره، وكما تقول إحدى التربويات: «نحن لا نريد تجهيز طاقم للتصوير وطالبات ومعلمات أعددن سابقا للتحدث بإيجابية عن الوزارة وعن تمديد الدوام المدرسي».
المديح الزائد من طرف المعلمين والتربويين والأخصائييــــن والمديريــــن والوزارة نفسها، لن يخفي عيوب الحركة التعليمية في البحرين ولن يصححها، ولن يستطيعوا كلهم لو اجتمعت كلمتهم في أن يقنعوا طالباً واحداً بهذا الأمر، بل هنالك أعضاء من الإدارات التعليمية يعترفون أمامنا بأنهم مجبرون على نثر المديح الباطل في وجه الوزارة والمجتمع، لأن سياسة الوزارة هي التي تدفعهم وتشجعهم على هذا الفعل السلبي، وذلك عبر حزمة من القوانين الشكلية فقط، كما أنهم يعترفون بينهم وبين أنفسهم أن ما يقومون به من تلميع لا يغير خريطة الواقع التعليمي أبداً.
على الإخوة في وزارة التربية والتعليم أن يخرجوا قليلاً من مكاتبهم ومن غرف اجتماعاتهم الفخمة كي يختلطوا بالطالب والمعلم والإدارات التعليمية في كل مدارس البحرين، وأن يعطوهم كامل الثقة في أن يتحدثوا عن كل السلبيات والتحديات التي يواجهونها على أرض الواقع، بعيداً عن التنظير وقضايا الجودة الورقية الباردة، كما يجب على المسؤولين في حال أرادوا تطوير وتصحيح الحركة التعليمية في هذا الوطن الجميل أن يطردوا عنهم كل مداح وأفاكٍ يريد أن يبقى في منصبه حتى يوم الدين، فالمسألة التعليمية أصبحت قضية وطن وليست قضية شخص متملق أو مدَّاح.