المقابلـــة التـــي أجراهـــا الزميــل عيســـى الشايجي، رئيس تحرير «الأيام»، مع معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ونشرت الأسبوع الماضي تضمنت الكثير من المعلومات المهمة والمواقف الواضحة لهذه الوزارة التي من الطبيعي أن تكون في الواجهة كونها تتصدى إلى ما لم تعرفه البلاد من قبل ولم يعرفه أهل البحرين بكل فئاتهم على مدى التاريخ.
لفتتنـــي في المقابلــة أمور كثيرة؛ منهـــا التأكيد على أن دستور البحرين لا يفرق بين المواطنين، وأنه لا توجد في البحرين محاصصة طائفية كما هي في دول أخرى، وأن شيعة البحرين مواطنون وليسوا حزباً ليتم التعامل معهم بطريقة مختلفة. فالمواطن في البحرين مواطن له كل الحقوق وعليه كل الواجبات، بغض النظر عن أصله وفصله ودينه ومذهبه ولونه ومواقفه الفكرية واعتقاداته، وهذا ليس جديداً على البحرين ذات العمق الحضاري، كما إنه لا يوجد في البحرين محاصصة طائفية ولن توجد، ومن المهم هنا عدم خلط الأوراق؛ حيث إن الفترة التي نمـــر بها غير عادية، وبالتالي لا يمكن اعتبارها مقياساً ودليلاً على أي شيء، فعندما تكون الفترة غير عادية من الطبيعي أن يكون فيها كل شيء غير عادي وإلا كيف تكون غير عادية؟! وبالتأكيد فإن شيعة البحرين ليسوا هم الوفاق أو غيرها من الأحزاب أو الجمعيات السياسية، وكون أعضاء الوفاق شيعة فهذا لا يعني أنهم يمثلون الشيعة لأن الوفاق تعمل ضمن أجندة سياسية ليس بالضرورة أن يكون لها علاقة بالمذهب.
هذا التأكيد من وزير الداخلية أراه مهماً، خصوصاً في هذه الفترة التي بدا من الواضح فيها أن البعض بدأ يعزف على هذا الوتر الحساس، فانتشرت تصريحات في هذا الخصوص تورط فيها أولاً الرئيس الأمريكي أوباما عبر الكلمة التي ألقاها في الأمم المتحدة وتسلمتها إيران لتنفخ فيها من جديــــد، وتركت الباقي لـ«المعارضة» لتتسلى بها، فتقول عن البحرين ما شاء لها أن تقول طالما أنه يصب في النتيجة المرجوة وهي الإساءة إلى البحرين وقيادتها، حيث يبدو أن «المعارضة» تعتبر كل تهجم على البحرين حلالاً وفرصة ينبغي استغلالها.
في المقابلة المذكورة لفتني أيضاً تأكيد الوزيـــر علـــى أن حل المشكلــة البحرينية، بحريني بحت ولا دور فيه للخارج، الذي عليه الابتعاد عنها تماماً وعدم السماح لنفسه التدخل تحت أي ذريعة، فالمشكلة بحرينية وحلها لا يمكن إلا أن يكون بحرينياً صرفاً. كذلك لفتني تأكيد الوزير على أن توصيات المجلس الوطني هي إحدى ثمار الديمقراطية البحرينية، وأنها تعبير عن الإرادة الشعبية لحمايته من الإرهاب، فالتوصيات جاءت من قبل ممثلين للشعب الذي ضاق بما يتعرض له يومياً من عمليات لا يمكن وصفها إلا بهذه الصفة، وصار يشعر بخطرها على الوطن، خصوصاً مع تكشف كثير من الأوراق والتواصل مع الخارج «عيني عينك».
أما المسألة الأهم التي تناولتها المقابلة، من وجهة نظري، فهي تعليق وزير الداخلية على موضوع الانسحاب من الحوار وتعثره، حيث قال الشيخ راشد؛ إن المشاركة في الحوار لها ثمن، وإن الانسحاب منه له ثمن أيضاً. ونبه إلى المسألة الأكثر أهمية وهي أن استمــرار أعمال العنـــف والإرهـــاب أثناء انعقاد الحوار هو أحد أهم الأسباب التي لم تخدم استمرار عملية الحوار، كما نبه إلى أن «توقف الحوار لا يساعد على حلحلة الأمور العالقة وإنما يعقد الشأن الداخلي، لأن الأمور في مجملها مترابطة والقضايا متداخلة، وظهور قضية ما قد يقود إلى ظهور قضايا أخرى وحل قضية ما قد يقود إلى حل قضايا أخرى».
تفكر «المعارضة» في تصريحات الوزير والنظر إلى الأمور بواقعية من شأنه أن يدفعها نحو القرارات الصحيحة التي يمكن أن تخدم الوطن.. وتخدمها.