أثار مضمون مقالي الأسبوع الماضي «الحلقة الأضعف» حفيظة مجموعة من الأشخاص بسؤالهم لي ماذا أقصد بالتنمر (Bullying)، بداية تفاجأت بأنه تم الاستفسار عن أمر شائع ومعروف، حيث إنها ظاهرة ليست جديدة، وحاولت أن أستفسر من المقربين عن المعنى المرادف للتنمر باللهجة البحرينية، فالأغلب قال لي بأن لها نفس المعنى، وبدأت أنا وهم في دوامة البحث عن أقرب معنى يكون واضحاً للجميع، ولجأت الى التفسير وإعطاء مجموع من الأمثلة التوضيحية.
المضحك المبكي أن أحد الذين سألوني عن التنمر وما المقصود بهذا المصطلح هم أنفسهم يمارسون سلوك التنمر على الآخرين؛ وهم لا يدركون ذلك، أي يعني التنمر سلوكاً غير منحصر بفئة عمرية أو مكانة اجتماعية أو مرتبة علمية؛ بل حقيقة مرتبط بالثقافة المنزلية والتربية المدرسية.
فالتنمر باختصار هو شكل من أشكال الإساءة المتعمدة أو المضايقات المتكررة التي يرتكبها أحد ما بحق شخص آخر أضعف منه جسدياً أو معنوياً، وهو يتخذ مظاهر مختلفة بين الأذى الجسدي كالضرب والركل أو الأذى المعنوي كالإغاظة والتنابز بالألقاب على سبيل الاستهزاء. وفي عصر التكنولوجيا بات التنمر ممكنا من خلال رسائل قدح وذم عبر البريد الإلكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي.
ويؤكد المختصين في الشأن التربوي أن ظاهرة «التنمر» مشكلة قابلة للحل إذا ما تضافرت جهود المدرسة والأهل لوضع حد لها، وذلك بوضع سياسة داخلية في المدرسة تمنع وقوع أعمال التنمر وتعاقب عليها بصرامة (أي تمنع ممارسة العنف اللفظي والبدني بين الطلبة)، وأن الطالب الذي يمارس عليه أي نوع من أنواع الانتهاكات لا بد من اللجوء إلى المعلم وحتى إلى إدارة المدرسة لكي تحميه من هذه الاعتداءات والخروقات.
أما السؤال الذي يطرح نفسه ماذا يمكن أن يفعل هذا الطفل إذا وقع عليه أقبح مظاهر العنف من المعلم نفسه؟ ففي هذه الحالة إلى من يلجأ؟ فإذا كان الحامي هو حرامي والمراقب جزار، والمدافع سفاك، والمتحدث أبكم، والناظر كفيف، والسامع أصم، مدرسون يبطشون بطشتهم وفي المقابل يوجد من المسؤولين ما يستنكرون ويرفضون ويقولون بأن الأطفال يخترعون وأن الأهالي يدعون وكل ما تم وجرى فهو لا يتعدى صرخة أو هزة عصى.
كفى!!! كفى!!! لمن يعتقد بأن فتح الحضانات ورياض الأطفال تجارة لن تبور والاستثمار الذي لا ينضب، للأسف يوجد جموع من الناس يفكرون بفتح روضة أو حضانة بنفس النهج الفكري أثناء تفكيرهم بفتح صالون تزيين نسائي، ويبدؤون بوضع دراسة مقارنة أيهما سوف يحقق لهم الغنائم الوفيرة ويجنبهم الخسائر الجزيلة.
وكي لا يعتبر كلامي فيه أي نوع من أنواع التنمر (أي القذف والأذى)؛ فقد دخلت على الموقع الخاص بإعطاء التراخيص للحضانات وتمنيت أن أقرأ شرطاً ضمن قائمة الطلبات المذكورة أنه لابد من القيمين والعاملين في دار الحضانة بأن يتم إخضاعهم إلى برنامج تأهيل نفسي في تعاملهم مع الأطفال، إضافة إلى إحضار مذكرة من الجهات المختصة تشير أن هذا المدرس أو ذاك الذي سوف يعمل، هو أو هي شخصاً يتمتع بسلوك إنساني راقي ويجيد التعامل مع هذه الفئة العمرية الحساسة.
لا تعتقدون بأن ما اذكره خارج عن نطاق المألوف، فهذا النظام مطبق في الدول الأوروبية التي عادة ما نتباهى بأنظمتها واستراتيجيتها، وإن كان من السهل بناء الحجر ولكن من الصعب جداً بناء البشر، وإن نسينا أن العلم في الصغر كالنقش على الحجر، لكن لا يسعنا أن نتغافل بأن بناء الأوطان يبدأ من تنشئة الأطفال بالشكل المثالي. أليسوا من هم نواة المستقبل؟!
{{ article.visit_count }}
المضحك المبكي أن أحد الذين سألوني عن التنمر وما المقصود بهذا المصطلح هم أنفسهم يمارسون سلوك التنمر على الآخرين؛ وهم لا يدركون ذلك، أي يعني التنمر سلوكاً غير منحصر بفئة عمرية أو مكانة اجتماعية أو مرتبة علمية؛ بل حقيقة مرتبط بالثقافة المنزلية والتربية المدرسية.
فالتنمر باختصار هو شكل من أشكال الإساءة المتعمدة أو المضايقات المتكررة التي يرتكبها أحد ما بحق شخص آخر أضعف منه جسدياً أو معنوياً، وهو يتخذ مظاهر مختلفة بين الأذى الجسدي كالضرب والركل أو الأذى المعنوي كالإغاظة والتنابز بالألقاب على سبيل الاستهزاء. وفي عصر التكنولوجيا بات التنمر ممكنا من خلال رسائل قدح وذم عبر البريد الإلكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي.
ويؤكد المختصين في الشأن التربوي أن ظاهرة «التنمر» مشكلة قابلة للحل إذا ما تضافرت جهود المدرسة والأهل لوضع حد لها، وذلك بوضع سياسة داخلية في المدرسة تمنع وقوع أعمال التنمر وتعاقب عليها بصرامة (أي تمنع ممارسة العنف اللفظي والبدني بين الطلبة)، وأن الطالب الذي يمارس عليه أي نوع من أنواع الانتهاكات لا بد من اللجوء إلى المعلم وحتى إلى إدارة المدرسة لكي تحميه من هذه الاعتداءات والخروقات.
أما السؤال الذي يطرح نفسه ماذا يمكن أن يفعل هذا الطفل إذا وقع عليه أقبح مظاهر العنف من المعلم نفسه؟ ففي هذه الحالة إلى من يلجأ؟ فإذا كان الحامي هو حرامي والمراقب جزار، والمدافع سفاك، والمتحدث أبكم، والناظر كفيف، والسامع أصم، مدرسون يبطشون بطشتهم وفي المقابل يوجد من المسؤولين ما يستنكرون ويرفضون ويقولون بأن الأطفال يخترعون وأن الأهالي يدعون وكل ما تم وجرى فهو لا يتعدى صرخة أو هزة عصى.
كفى!!! كفى!!! لمن يعتقد بأن فتح الحضانات ورياض الأطفال تجارة لن تبور والاستثمار الذي لا ينضب، للأسف يوجد جموع من الناس يفكرون بفتح روضة أو حضانة بنفس النهج الفكري أثناء تفكيرهم بفتح صالون تزيين نسائي، ويبدؤون بوضع دراسة مقارنة أيهما سوف يحقق لهم الغنائم الوفيرة ويجنبهم الخسائر الجزيلة.
وكي لا يعتبر كلامي فيه أي نوع من أنواع التنمر (أي القذف والأذى)؛ فقد دخلت على الموقع الخاص بإعطاء التراخيص للحضانات وتمنيت أن أقرأ شرطاً ضمن قائمة الطلبات المذكورة أنه لابد من القيمين والعاملين في دار الحضانة بأن يتم إخضاعهم إلى برنامج تأهيل نفسي في تعاملهم مع الأطفال، إضافة إلى إحضار مذكرة من الجهات المختصة تشير أن هذا المدرس أو ذاك الذي سوف يعمل، هو أو هي شخصاً يتمتع بسلوك إنساني راقي ويجيد التعامل مع هذه الفئة العمرية الحساسة.
لا تعتقدون بأن ما اذكره خارج عن نطاق المألوف، فهذا النظام مطبق في الدول الأوروبية التي عادة ما نتباهى بأنظمتها واستراتيجيتها، وإن كان من السهل بناء الحجر ولكن من الصعب جداً بناء البشر، وإن نسينا أن العلم في الصغر كالنقش على الحجر، لكن لا يسعنا أن نتغافل بأن بناء الأوطان يبدأ من تنشئة الأطفال بالشكل المثالي. أليسوا من هم نواة المستقبل؟!