مع بزوغ يوم جديد من الفساد في البحرين، يضطر الجميع أن يصغوا بألم شديد إلى ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، التقرير الذي يؤكد لكل البحرينيين أن الفساد بخير والمفسدين بألف خير، لأنهم لو لم يكونوا كذلك لانتهى أمرهم مع أول تقرير أصدره الديوان.
مادام الفساد مستمراً منذ عقود، رغم إنشاء ديوان لمراقبة الفساد والمفسدين في البلاد، فهذا يعني أن من يمارس هذا الفساد في مأمنٍ كامل، بل ربما في حماية تعصمه من المحاسبة، وبهذا فإن تقرير ديوان الرقابة أصبح كالمنبه الذي ينبهنا لميقاتنا، لكنه لا يمكن أن يوقظنا من نومنا، لأن هناك فرقاً بين المنبه وبين القانون والضمير.
أتذكر جيداً حين أطلقتها هنا قبل عام من الزمان أو أكثر وبكل صراحة، ومازلت عند قولي، أنه في حال عدم مقدرة الدولة تفعيل ولو جزء يسيراً مما ورد في تقرير ديوان الرقابة وذلك عبر محاسبة المقصرين والمفسدين، فإنه من الأفضل أن يتم إلغاء هذا الجهاز، لأنه سيظل يذكرنا بالألم دون أن يملك العلاج.
وقلتُ من قبل أيضاً، ومازلت متمسكاً برأيي، بأن الملايين التي تصرف على ديوان الرقابة المالية والإدارية كل عام، إضافة للجهود المخلصة التي يبذلها أهل الديوان، تذهب سدى دون جدوى أو فائدة تذكر. طبعاً ليست المشكلة في ديوان الرقابة أبداً، بل كل المشكلة تكمن في الجهات التي من المفترض أن تقوم بتطبيق ما جاء فيه، أقول هذا حتى لا يساء الفهم أو أنني أعمل ضد فكرة إنشاء ديوان للرقابة.
أصبح ديوان الرقابة المالية والإدارية ينفخ في «جربة مقضوضة»، أو كأنه امتثال حقيقي لقول الشاعر «قد أسمعتَ لو ناديتَ حيا ولكن لا حياة لمن تنادي»، وفي حال انتفاء صفة الحياة والحياء من المفسد والمحاسب، فإن وجود الديوان سيكون «سالباً بانتفاء الموضوع» كما يقول المناطقة، ومن هنا فإما أن توسع صلاحيات الديوان ليشمل المحاسبة على اعتبار أنه جهة محايدة، أو أن ينتهي دورهُ بانتهاء واقعيته على الأرض، أما أن يكون التقرير السنوي بمثابة إعلامنا بمواضع الألم والخلل دون علاج فهذا الأمر يؤلمنا أكثر مما يرِيحنا ويداوينا من كل أشكال أمراض الفساد التي تعج بها صفحاته.
كيـــــف يمكـــــن للفســــــاد أن ينتهــــــي؟ وكيـــف للمفسدين أن يكفوا عن الفساد؟ أليس بمحاسبتهم وبتطبيق الحدود القانونية ضدهم؟ أم هو بالسكوت عنهم؟ أم أن تقوم الجهات المتهمة أصلاً بالتغطية على فسادهم بتدويرهم في مراكز ومناصب أخرى؟ حين تقوم بتدوير المفسد في مؤسسات الدولة، فإنك تقوم بتدوير الفساد أيضاً، إذ لا يمكن افتكاك المفسد عن الفساد، لأنهما صنوان لا يفترقان، وبهذا فإن من يدور مفسداً فإنه يدور فساداً بأكمله، وبذلك لن ينتهي الفساد من البحرين، وهذا الوجع هـــو زبـــدة الألـــم.
{{ article.visit_count }}
مادام الفساد مستمراً منذ عقود، رغم إنشاء ديوان لمراقبة الفساد والمفسدين في البلاد، فهذا يعني أن من يمارس هذا الفساد في مأمنٍ كامل، بل ربما في حماية تعصمه من المحاسبة، وبهذا فإن تقرير ديوان الرقابة أصبح كالمنبه الذي ينبهنا لميقاتنا، لكنه لا يمكن أن يوقظنا من نومنا، لأن هناك فرقاً بين المنبه وبين القانون والضمير.
أتذكر جيداً حين أطلقتها هنا قبل عام من الزمان أو أكثر وبكل صراحة، ومازلت عند قولي، أنه في حال عدم مقدرة الدولة تفعيل ولو جزء يسيراً مما ورد في تقرير ديوان الرقابة وذلك عبر محاسبة المقصرين والمفسدين، فإنه من الأفضل أن يتم إلغاء هذا الجهاز، لأنه سيظل يذكرنا بالألم دون أن يملك العلاج.
وقلتُ من قبل أيضاً، ومازلت متمسكاً برأيي، بأن الملايين التي تصرف على ديوان الرقابة المالية والإدارية كل عام، إضافة للجهود المخلصة التي يبذلها أهل الديوان، تذهب سدى دون جدوى أو فائدة تذكر. طبعاً ليست المشكلة في ديوان الرقابة أبداً، بل كل المشكلة تكمن في الجهات التي من المفترض أن تقوم بتطبيق ما جاء فيه، أقول هذا حتى لا يساء الفهم أو أنني أعمل ضد فكرة إنشاء ديوان للرقابة.
أصبح ديوان الرقابة المالية والإدارية ينفخ في «جربة مقضوضة»، أو كأنه امتثال حقيقي لقول الشاعر «قد أسمعتَ لو ناديتَ حيا ولكن لا حياة لمن تنادي»، وفي حال انتفاء صفة الحياة والحياء من المفسد والمحاسب، فإن وجود الديوان سيكون «سالباً بانتفاء الموضوع» كما يقول المناطقة، ومن هنا فإما أن توسع صلاحيات الديوان ليشمل المحاسبة على اعتبار أنه جهة محايدة، أو أن ينتهي دورهُ بانتهاء واقعيته على الأرض، أما أن يكون التقرير السنوي بمثابة إعلامنا بمواضع الألم والخلل دون علاج فهذا الأمر يؤلمنا أكثر مما يرِيحنا ويداوينا من كل أشكال أمراض الفساد التي تعج بها صفحاته.
كيـــــف يمكـــــن للفســــــاد أن ينتهــــــي؟ وكيـــف للمفسدين أن يكفوا عن الفساد؟ أليس بمحاسبتهم وبتطبيق الحدود القانونية ضدهم؟ أم هو بالسكوت عنهم؟ أم أن تقوم الجهات المتهمة أصلاً بالتغطية على فسادهم بتدويرهم في مراكز ومناصب أخرى؟ حين تقوم بتدوير المفسد في مؤسسات الدولة، فإنك تقوم بتدوير الفساد أيضاً، إذ لا يمكن افتكاك المفسد عن الفساد، لأنهما صنوان لا يفترقان، وبهذا فإن من يدور مفسداً فإنه يدور فساداً بأكمله، وبذلك لن ينتهي الفساد من البحرين، وهذا الوجع هـــو زبـــدة الألـــم.