حتى وإن كانت هذه التصريحات (تدغدغ) مشاعر المواطنين، إلا أن ما يصدر من تصريحات من مجلس النواب أصبحت في كثير من الأحيان لا يأخذها المواطن على محمل الجد.
أمس صرح الأخ النائب أحمد الساعاتي بأن مجلس النواب لن ينهي دور الانعقاد الحالي دون استجواب وزراء مخالفين، جاء ذلك خلال اجتماع تنسيقي للكتل النيابية بحضور 17 نائباً اتفقوا جميعاً على ألا تقف كتله ضد أي استجواب لأي وزير.
هذا الكلام من تصريح منقول عن خبر اجتماع اللجنة التنسقية للكتل النيابية، وقد خصصت اللجنة المالية بمجلس النواب فترة شهر لإنهاء تقريرها وتوصياتها النهائية بخصوص تقرير ديوان الرقابة الأخير.
بعيداً عن مجلس النواب؛ فقد خرج بيان لتجمع الوحدة الوطنية يقول إن عدم محاسبة مرتكبي التجاوزات أسس لاستمرار المخالفات كل عام، ونحمد الله أننا سمعنا صوت تجمع الوحدة الوطنية.
ما نسمعه من مجلس النواب هذه المرة من أن هناك اتفاقاً بين الكتل على عدم الوقوف ضد أي استجواب قد يكون هذا أمراً طيباً؛ لكن السؤال هل المجلس قادر على الاستجواب؟
هل المجلس سيقوم باستجواب فقط ليقول إننا استجوبنا، أم أنه سيستجوب من أجل أن يصل إلى نتيجة معينة من بعد التأكد من مخالفات حقيقية؟
حين يقول الأعضاء بالمجلس النيابي إن اللجنة التنسيقية بين الكتل اتفقت على أن لا تقف ضد أي استجواب فهل هذا اعتراف صريح من المجلس أن هناك من يقف ضد الاستجوابات من داخل المجلس؟
هل لدى الكتل والنواب مصالح معينة مع جهات أو وزراء تمنعهم من أن يقوموا باستجواب معين؟
حتى وإن افترضنا أن هناك صلاحيات لدى ديوان الرقابة المالية تخولهم بتحويل القضايا للنيابة العامة، لكن أليس الدور الرقابي مناطاً بالأساس بالمجلس المنتخب من الشعب؟
لماذا يريد مجلس النواب أن تحارب عنه جهات معينة؟
النائب الدرازي قال أمس كلاماً معقولاً، وهو أن التقرير سيأخذ وقتاً للمناقشة داخل المجلس، ربما نتفق مع جزئية الوقت، لكن ألا يمكن للمجلس أن يخصص جلسة إضافية أسبوعية لمناقشة تقرير ديوان الرقابة المالية، على الأقل أشعروا الناس أن لديهم مجلساً يدافع عنهم ويعبر عن إرادتهم فيما يتعلق بقضايا الفساد الموثقة.
قضية المحاسبة قضية مصير دولة ومستقبلها، لن يستقيم ظهر الوطن من دون الثواب والعقاب، هذا ينطبق على الإرهاب وعلى الفساد، لذلك فإن مسألة المحاسبة وهي منوطة بمجلس النواب كونه مجلساً منتخباً من الشعب ومن أولوياته التشريع والرقابة أن يقوم بدوره الحقيقي تجاه تقرير ديوان الرقابة المالية.
نتوسم كل الخير في رئاسة سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد للجنة متابعة ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية، ونتمنى كمواطنين أن نشعر أن الدولة تتعاطى مع ملفات مصيرية وهامة بشكل يجعل المواطن يطمئن أن الدولة لا تقبل بالأخطاء وتريد تصحيح الأخطاء والتجاوزات، وإن كان هناك مسؤول تتكرر لديه المخالفات فيجب على الدولة أيضاً تتعامل بحزم مع من تتكرر مخالفاتهم، وعدم ترضيتهم بمناصب أخرى.
التجاوزات والأخطاء والفساد هو ضياع للمال العام، ونحن أحوج لكل المبالغ المليونية لإنفاقها على المشاريع والتنمية.