في زمن الإرهاصات والتجاذبات السياسية، يكون من أصعب الصعاب، أن يختار الإنسان موقفه بطريقة متوازنة، تماماً كالذي يريد أن يقف فوق ظهر سفينة تتلاطم بين الأمواج العاتية.
ليس هذا هو الموقف الوحيد الصعب، بل هنالك مواقف لا تقل عنها أهمية وصعوبة، وهي ردود الأفعال المتوقعة من كل الأطراف الأخرى حيال المواقف المعتدلة، وفي ظل هذه المواقف المتباينة وردود الأفعال المتطرفة أحياناً، يكون من الصعب حينها الثبات على مواقف الاعتدال.
في زمن الفتنة، يكون من الصعب تحديد المكان المناسب والجهة المعتدلة التي نضع أقدامنا عليها، وحين نتأكد من سلامة مواقفنا تجاه المكان والزمان والأحداث، سنتعرض لضغط شديد من أطراف التشنج والتصلب والغلو والتطرف، سواء ممن نتفق معهم في الفكر أو ممن نختلف معهم تماماً، وهذا يشكل عنصراً سلبياً في تغيير الكثير من المواقف الحاسمة والمهمة التي اتخذناها سلفاً، مما يضعف موقف الحق، ويحشر المواقف المتوازنة في زاوية ضيقة يسهل النيل منها لشدة عزلتها.
من الصعب جداً أن يفصح المعتدل عن موقفه في زمن الفتن، لأن واقع الفتنة عادة ما يكون قاسياً حيال المختلف، ومن هنا يظل المعتدل متردداً بالجهر في مواقفه أمام الآخرين، خشية أن يتعرض للتعيير بسبب مواقفه، أو يتعرض لضغطٍ أو أذى.
إن الإيمان باحترام الرأي الآخر شيء، واستيعابه وتقبله شيء آخر، ومن هنا يظل الإنسان العربي قلقاً للغاية من أن يتعرض للسحق المجتمعي والحكومي أحياناً أخرى، في حال كشف عن رأيه بحرية وشفافية.
إن ثقافة التعددية واحترام الآخر، ربما نتبناها وندعو إليها كمسالك فكرية بحتة، بل ربما نموت لأجلها، لكن على أرض الواقع، سنجد أن كل هذه الثقافات تتبدد وتنقلب إلى خرافات ومستحيلات، خصوصاً حين تلاقي ضغطاً هائلاً من طرف قوى المجتمع أو حتى الأفراد، فتنثني المواقف المعتدلة، لتظل المواقف المتطرفة هي الحاكمة فعلاً.
من هنا وفي ظل الفتن الكبيرة يقول الإمام علي بن أبي طالب محذراً منها «كن في الفتنة كابن اللبون، لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب»، إنه التوازن الحقيقي والمطلوب للإنسان العربي في زمن الفوضى والتخوين والتكفير والتسفيه والتحقير، كذلك يعتبر من أبرز مواقف الشجعان الذين يضحون بأنفسهم وسمعتهم وسلامتهم من أجل الاصطفاف مع الحق وراحة الضمير، ومع كل ذلك، لا يتوقع الإنسان المعتدل أن ينجو من الأذى على كل الأصعدة والمستويات، وبالرغم من هذا الوعي بخطورة سلامة الإنسان المعتدل، سنظل في أحيان كثيرة نحتاج لأصوات العقل بين ركام الغرائز، وفي حال لم ينجح الصوت الهادئ في حينه، لابد أن يأتي اليوم الذي يكون فيه صوتاً مسموعاً يملأ الآفاق في المستقبل، وهذا هو دأب ومصير أصوات المصلحين من المعتدلين، فكما للمعارك شهداء، فهناك شهداء للفكر، ربما يكونوا أكثر تضحية ومكانة من شهداء الجسد.
{{ article.visit_count }}
ليس هذا هو الموقف الوحيد الصعب، بل هنالك مواقف لا تقل عنها أهمية وصعوبة، وهي ردود الأفعال المتوقعة من كل الأطراف الأخرى حيال المواقف المعتدلة، وفي ظل هذه المواقف المتباينة وردود الأفعال المتطرفة أحياناً، يكون من الصعب حينها الثبات على مواقف الاعتدال.
في زمن الفتنة، يكون من الصعب تحديد المكان المناسب والجهة المعتدلة التي نضع أقدامنا عليها، وحين نتأكد من سلامة مواقفنا تجاه المكان والزمان والأحداث، سنتعرض لضغط شديد من أطراف التشنج والتصلب والغلو والتطرف، سواء ممن نتفق معهم في الفكر أو ممن نختلف معهم تماماً، وهذا يشكل عنصراً سلبياً في تغيير الكثير من المواقف الحاسمة والمهمة التي اتخذناها سلفاً، مما يضعف موقف الحق، ويحشر المواقف المتوازنة في زاوية ضيقة يسهل النيل منها لشدة عزلتها.
من الصعب جداً أن يفصح المعتدل عن موقفه في زمن الفتن، لأن واقع الفتنة عادة ما يكون قاسياً حيال المختلف، ومن هنا يظل المعتدل متردداً بالجهر في مواقفه أمام الآخرين، خشية أن يتعرض للتعيير بسبب مواقفه، أو يتعرض لضغطٍ أو أذى.
إن الإيمان باحترام الرأي الآخر شيء، واستيعابه وتقبله شيء آخر، ومن هنا يظل الإنسان العربي قلقاً للغاية من أن يتعرض للسحق المجتمعي والحكومي أحياناً أخرى، في حال كشف عن رأيه بحرية وشفافية.
إن ثقافة التعددية واحترام الآخر، ربما نتبناها وندعو إليها كمسالك فكرية بحتة، بل ربما نموت لأجلها، لكن على أرض الواقع، سنجد أن كل هذه الثقافات تتبدد وتنقلب إلى خرافات ومستحيلات، خصوصاً حين تلاقي ضغطاً هائلاً من طرف قوى المجتمع أو حتى الأفراد، فتنثني المواقف المعتدلة، لتظل المواقف المتطرفة هي الحاكمة فعلاً.
من هنا وفي ظل الفتن الكبيرة يقول الإمام علي بن أبي طالب محذراً منها «كن في الفتنة كابن اللبون، لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب»، إنه التوازن الحقيقي والمطلوب للإنسان العربي في زمن الفوضى والتخوين والتكفير والتسفيه والتحقير، كذلك يعتبر من أبرز مواقف الشجعان الذين يضحون بأنفسهم وسمعتهم وسلامتهم من أجل الاصطفاف مع الحق وراحة الضمير، ومع كل ذلك، لا يتوقع الإنسان المعتدل أن ينجو من الأذى على كل الأصعدة والمستويات، وبالرغم من هذا الوعي بخطورة سلامة الإنسان المعتدل، سنظل في أحيان كثيرة نحتاج لأصوات العقل بين ركام الغرائز، وفي حال لم ينجح الصوت الهادئ في حينه، لابد أن يأتي اليوم الذي يكون فيه صوتاً مسموعاً يملأ الآفاق في المستقبل، وهذا هو دأب ومصير أصوات المصلحين من المعتدلين، فكما للمعارك شهداء، فهناك شهداء للفكر، ربما يكونوا أكثر تضحية ومكانة من شهداء الجسد.