انتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين هذه المرة مختلفة، فآلية التصويت وحساباته جعلها القانون الجديد مختلفة، ومرتبطة بحجم رأسمال الشركة، وبالتالي أصبح المرشح المدعوم من الشركات الكبرى أكثر حظاً في الحصول على الأصوات.
والاختلاف الثاني الملفت للنظر هو تقدم الشباب أو جيل الأبناء لصفوف المرشحين، وطرحهم لأفكار جديدة، وتصور جديد لدور الغرفة المستقبلي، ودورهم في صياغة هذا المستقبل.
وبالمقابل، نجد أن جيل التجار الكبار والذين شغلوا مجلس إدارة الغرفة سنوات طويلة توارو عن الأنظار بصورة جماعية تقريباً، وكأنهم إما تعبوا، أو أنهم اتفقوا- جمعياً- مع الأبناء على فسح الطريق أمامهم، فلعلهم يفعلون ما عجز عنه الآباء، أو يتحررون من القيود التي منعت حركة أو رغبة الآباء في التغيير.
السمة الثالثة التي تطبع انتخابات الغرفة هذه المرة هي هذا العدد من سيدات الأعمال اللواتي ترشحن في الكتل الانتخابية الأربع، وهو عدد غير مسبوق في انتخابات الغرفة، ويشكل منافسة ملحوظة للرجل.
غير أن هذه السمات على أهميتها تبقى شكلية، ويبقى محك فاعليتها ليس البرامج التي تعد الكتل بطرحها، ولكن التغيير الذي يحدثه المرشحون- الفائزون بعد 15 فبراير القادم، والذي يتطلب تحرر الجيل الجديد من تأقلم الآباء مع الوضع القائم وعجزهم عن التمرد عليه أو حتى تطويره.
فالغرفة بحاجة إلى نظرة مغايرة تقوم على اعتبارها بيت القطاع الخاص، وليس بيت التجار كما حلى لمجلس الإدارة الحالي أن يسميها، والفرق بين التسميتين شاسع، فالثاني يعني أن التجار يتجمعون في ناديهم أو بيتهم ويدافعون فيه عن مصالهم الضيقة والمتمثلة فيما يستوردون ويبيعون من مواد وسلع، وما قد يفرض عليها من رسوم.
أما الاول فيتطلب من مجلس الإدارة القادم أن يعمل بجد ودون كلل من أجل أن ينتزع القطاع الخاص قيادته لسفينة الاقتصاد، وهي قيادة طالما تحدثت عنها الحكومة وذكرتها رؤية 2030 وتغنت بها الاستراتيجية الاقتصادية، وعلى العكس من ذلك بقي القطاع الخاص تابعاً للقطاع العام وواقفاً على بابه متطلعاً ان تصدر الميزانية العامة للدولة ويتم التفضل عليه ببعض من مخصصاتها.
وكحال القطاع الخاص لحق التهميش بالغرفة، ولم يعد للإثنين - القطاع الخاص والغرفة- دوراً في بناء الاقتصاد الوطني وتطويره، ومن ثم قيادته، مع أن هذا هو الدور الحقيقي لهما في دولة تنتهج الاقتصاد الحر.
فالمأمول من الذين سيصلون إلى مجلس إدارة الغرفة هو العمل على تمكين القطاع الخاص من الإمساك بدفة الاقتصاد، وتبوء الغرفة لمكانتها الطبيعية كممثلة للقطاع الخاص في تسجيل مواقفة وإعطاء آرائه، وتبيان رؤاه في كل ما يرتبط بالاقتصاد بصفة عامة والقطاعات الاقتصادية والمالية.
فالغرفة تضم جميع التخصصات والكفاءات والخبرات في هذه القطاعات، وهي المديرة المنفذة لاحتياجات ومشروعات القطاع العام، والمطلعة والمتابعة لخطط وميزانيات واستراتيجيات الدولة.
لكن الغرفة لن تستطيع أن تنتزع دورها الطبيعي هذا إلا إذا فكت ارتباطها بالحكومة، وأخذت استقلالها في إعلان الرأي واتخاذ القرار، ومجلس الإدارة الذي سيأتي بعد الانتخابات لن يتمكن من إعلاء شان القطاع الخاص إلا إذا تمتع بشخصية قوية، وغداً حاضراً وله رأي وموقف في كل تطور اقتصادي، سواء من خلال منتدى الغرفة ومجلتها اللذين يتطلب إعادتهما من جديد، أو من خلال تقديم الدراسات والتصورات للمشكلات الاقتصادية والمالية التي تعاني منها البحرين.
انتخابات الغرفة مطالبة أيضاً الإتيان برئيس مجلس إدارة (شهبندر تجار) يتمتع بشخصية استقلالية قوية، يجد مصلحته في خدمة الاقتصاد الوطني ودعم دور القطاع الخاص وخدمة الدولة وليس الحكومة.