كان حفلاً مميزاً الذي أقامته، في البحرين، الفرقة الفلسطينية الوطنية للموسيقى العربية، حيث امتزج فيه الموشح مع التراث مع الطرب، وعلى الرغم من أن الفرقة لم تغن أغاني وطنية فلسطينية أو نضالية، سوى قصيدة إبراهيم طوقان كفكف دموعك، إلا أن روح النضال التي جسدتها الفرقة كانت حاضرة عبر الصمود الثقافي الذي هو أحد أهم وظائف الثقافة، والثقافة العربية تحديداً في الوقت الحاضر.
مازال الكثير من الناس، ومنهم بعض المثقفين، يفسرون الثقافة بأنها كم المعلومات التي نكتسبها من قراءة الكتب أو مجالسة المثقفين، ومازال البعض يضع جميع الفنون في سلة واحدة هي سلة التسلية والابتذال، وأحياناً، الإفساد الأخلاقي!! والحقيقة أن الثقافة على اختلاف مفاهيمها هي الأداة، أو مجموعة الأدوات، التي تشكل قناعاتنا واتجاهاتنا وتؤثر في سلوكياتنا وآرائنا. وقد تكون الفنون أحد أسرع تلك الأدوات لأنها تمتلك خاصية التأثير الوجداني التي قد يفتقدها الكتاب أو لا يستطيع بلوغها المتحدثون. وقد كان المسرح اليوناني قديماً، والشعر العربي القديم، والتماثيل والمنحوتات التي خلفتها الحضارات القديمة، نماذج واضحة للأدوات الثقافية المعبرة عن أنماط الحياة القديمة وأساليب التفكير والتعامل مع مختلف الأحداث التي واجهها الإنسان القديم قبل أن تنتشر صناعة الورق وتزدهر الطباعة. واليوم ترسخ الجانب الفني في تلك الأدوات الثقافية القديمة، التي كانت في كثير من الأحيان أدوات إعلامية ووسائل توثيق تاريخية أو تعبيراً عن طقوس دينية واجتماعية، فصارت تعبر عن وجدان المواطن التائه وسط هذا العالم المتلاطم بالتناقضات والصراعات، وتبث رسائل خاصة لها كيفياتها في بلوغ هدفها وتحقيق غاياتها.
الفن الفلسطيني هو أحد أدوات المقاومة الناجعة في الوقت الذي تضيع فيه القضية الفلسطينية بين الفصائل المتصارعة على السلطة، وفي الوقت الذي تراجعت فيه عن موقعها الرئيس من كونها قضية عربية يتحمل جميع العرب مسؤولية الدفاع عنها والعمل على حلها، إلى قضية وطنية يعنى بشأنها الفلسطينيون وحدهم. الفن الفلسطيني بمختلف صوره هو معركة الحفاظ على الهوية العربية لفلسطين في وجه الاستيطان والاحتلال، فالحفاظ على الثوب الفلسطيني واللهجات الفلسطينية المتعددة والتراث الشعبي الفلسطيني من شعر وحكايات وأمثال ومأكولات وعادات وتقاليد، والحفاظ على التمثيل الفلسطيني الذي جسدته الفرقة الفلسطينية، بتشكيلها من فنانين من مختلف المناطق الفلسطينية من عرب الداخل ومن الضفة، كل ذلك مقاومة للاحتلال وصمود للإنسان الفلسطيني في أرضه وفي هويته وتراثه، كل أسلحة النضال هذه تعجز الجيوش العربية عن الظفر بها، وتعجز الكتب والوثائق عن تجذيرها في الأجيال الفلسطينية المتلاحقة مثلما ينجح الفن في تحقيق ذلك بوسائله البسيطة وبلغته المفهومة للعالم كله، وبتأثيره القادر على اختراق الوعي والوجدان معاً.
الثقافة هي معركتنا الحالية التي ظلت مؤجلة طويلاً بفعل التعتيم الإعلامي وعوامل التضييق على حرية الرأي والتعبير. ساحاتنا في كل جبهة مفتوحة على معارك ضد التطرف وضد الإقصاء وضد التهميش وضد الأفكار الخاطئة التي ترسخت في كياننا حتى غدت عقائد لا نستطيع التمييز فيها بين ما هو من الأعراف وما هو من الشرائع. قضايا حقوق المرأة هي في حقيقتها قضايا ثقافية، مرتبطة بصورة المرأة وبقناعة المجتمع بها وبدورها الجديد وهي ليست قضايا سياسية مرتبطة بالتوسع في الاستحقاقات الديمقراطية فحسب. قضايا الطائفية والعنصرية هي قضايا ثقافية أيضاً لأنها تتعلق بتنشئتنا ورؤيتنا للآخر وما نسجنا عنه من حكايات وأمثال شعبية ونوادر وخرافات. وكل الآثار السلبية للقضايا السابقة وغيرها من القضايا المؤرقة لعالمنا العربي والمعطلة لدخوله المستقبل بقيمه الحضارية الإيجابية هي معارك ثقافية نخوضها لتغيير قناعات المجتمع وتصوراته وسلوكياته تجاهها.
تحية للفن الفلسطيني، وتحية إلى كل الفنانين الملتزمين بقضايا عصرهم ومجتمعاتهم من مختلف المجالات الذين يخوضون معركتهم الخاصة ضد التوجهات الثقافية السلبية إزاء الفن والإبداع، والذين يخوضون عنا معاركنا الصعبة في الوصول إلى العدد الأكبر من شرائح المجتمع وفي بذل مجهود كبير لبث رسائل دقيقة وخطيرة بأساليب مقنعة ومؤثرة معاً.
مازال الكثير من الناس، ومنهم بعض المثقفين، يفسرون الثقافة بأنها كم المعلومات التي نكتسبها من قراءة الكتب أو مجالسة المثقفين، ومازال البعض يضع جميع الفنون في سلة واحدة هي سلة التسلية والابتذال، وأحياناً، الإفساد الأخلاقي!! والحقيقة أن الثقافة على اختلاف مفاهيمها هي الأداة، أو مجموعة الأدوات، التي تشكل قناعاتنا واتجاهاتنا وتؤثر في سلوكياتنا وآرائنا. وقد تكون الفنون أحد أسرع تلك الأدوات لأنها تمتلك خاصية التأثير الوجداني التي قد يفتقدها الكتاب أو لا يستطيع بلوغها المتحدثون. وقد كان المسرح اليوناني قديماً، والشعر العربي القديم، والتماثيل والمنحوتات التي خلفتها الحضارات القديمة، نماذج واضحة للأدوات الثقافية المعبرة عن أنماط الحياة القديمة وأساليب التفكير والتعامل مع مختلف الأحداث التي واجهها الإنسان القديم قبل أن تنتشر صناعة الورق وتزدهر الطباعة. واليوم ترسخ الجانب الفني في تلك الأدوات الثقافية القديمة، التي كانت في كثير من الأحيان أدوات إعلامية ووسائل توثيق تاريخية أو تعبيراً عن طقوس دينية واجتماعية، فصارت تعبر عن وجدان المواطن التائه وسط هذا العالم المتلاطم بالتناقضات والصراعات، وتبث رسائل خاصة لها كيفياتها في بلوغ هدفها وتحقيق غاياتها.
الفن الفلسطيني هو أحد أدوات المقاومة الناجعة في الوقت الذي تضيع فيه القضية الفلسطينية بين الفصائل المتصارعة على السلطة، وفي الوقت الذي تراجعت فيه عن موقعها الرئيس من كونها قضية عربية يتحمل جميع العرب مسؤولية الدفاع عنها والعمل على حلها، إلى قضية وطنية يعنى بشأنها الفلسطينيون وحدهم. الفن الفلسطيني بمختلف صوره هو معركة الحفاظ على الهوية العربية لفلسطين في وجه الاستيطان والاحتلال، فالحفاظ على الثوب الفلسطيني واللهجات الفلسطينية المتعددة والتراث الشعبي الفلسطيني من شعر وحكايات وأمثال ومأكولات وعادات وتقاليد، والحفاظ على التمثيل الفلسطيني الذي جسدته الفرقة الفلسطينية، بتشكيلها من فنانين من مختلف المناطق الفلسطينية من عرب الداخل ومن الضفة، كل ذلك مقاومة للاحتلال وصمود للإنسان الفلسطيني في أرضه وفي هويته وتراثه، كل أسلحة النضال هذه تعجز الجيوش العربية عن الظفر بها، وتعجز الكتب والوثائق عن تجذيرها في الأجيال الفلسطينية المتلاحقة مثلما ينجح الفن في تحقيق ذلك بوسائله البسيطة وبلغته المفهومة للعالم كله، وبتأثيره القادر على اختراق الوعي والوجدان معاً.
الثقافة هي معركتنا الحالية التي ظلت مؤجلة طويلاً بفعل التعتيم الإعلامي وعوامل التضييق على حرية الرأي والتعبير. ساحاتنا في كل جبهة مفتوحة على معارك ضد التطرف وضد الإقصاء وضد التهميش وضد الأفكار الخاطئة التي ترسخت في كياننا حتى غدت عقائد لا نستطيع التمييز فيها بين ما هو من الأعراف وما هو من الشرائع. قضايا حقوق المرأة هي في حقيقتها قضايا ثقافية، مرتبطة بصورة المرأة وبقناعة المجتمع بها وبدورها الجديد وهي ليست قضايا سياسية مرتبطة بالتوسع في الاستحقاقات الديمقراطية فحسب. قضايا الطائفية والعنصرية هي قضايا ثقافية أيضاً لأنها تتعلق بتنشئتنا ورؤيتنا للآخر وما نسجنا عنه من حكايات وأمثال شعبية ونوادر وخرافات. وكل الآثار السلبية للقضايا السابقة وغيرها من القضايا المؤرقة لعالمنا العربي والمعطلة لدخوله المستقبل بقيمه الحضارية الإيجابية هي معارك ثقافية نخوضها لتغيير قناعات المجتمع وتصوراته وسلوكياته تجاهها.
تحية للفن الفلسطيني، وتحية إلى كل الفنانين الملتزمين بقضايا عصرهم ومجتمعاتهم من مختلف المجالات الذين يخوضون معركتهم الخاصة ضد التوجهات الثقافية السلبية إزاء الفن والإبداع، والذين يخوضون عنا معاركنا الصعبة في الوصول إلى العدد الأكبر من شرائح المجتمع وفي بذل مجهود كبير لبث رسائل دقيقة وخطيرة بأساليب مقنعة ومؤثرة معاً.