قبل أيام تداولت وكالات الأنباء خبراً مفاده أنه تم في أفغانستان اعتقال 21 طفلاً أفغانياً قبل نقلهم إلى باكستان لتلقي تدريبات على تنفيذ تفجيرات انتحارية. وتفصيل الخبر؛ أن الأطفال الذين اعتقلوا كان قد تم اختطافهم من إقليم نورستان بشرق أفغانستان وتتراوح أعمارهـم بيـــن 6 – 10 سنوات، وأنه تم اعتقال شخص يتاجر بالأطفال. المعروف أن استخدام الأطفال في تنفيذ التفجيرات الانتحارية هو من أبرز التحديات في أفغانستان.
جرائم نكراء يتم تنفيذها باسم الدين ودفاعاً عن الإسلام وفي سبيل الله، وتشكل تناقضاً ما بعده تناقض مع مبادئ الإسلام ومراميه، حيث يقول رب العزة في كتابه الكريم (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) (النساء - الآية 93). والواضح جدا من معنى الآية الكريمة أن القاتل ينال كل هذا العقاب إن قتل «مؤمناً» متعمداً، حيث المؤمن هو كل من آمن بالله وبالوحدانية وليس المسلم فقط، وهذا يشمل كل أهل الكتاب وكل مؤمن بالله تعالى. فالقتل المتعمد للمؤمن عقابه ما بينته الآية الكريمة بوضوح.. فكيف إذا قتل مجموعة بعملية واحدة؟
ولأن من يتم استهدافهم بتلك العمليات ويتضررون منها هم غالباً من المسلمين؛ لذا فإن الإدعاء بأن تلك العمليات هي لنصرة الإسلام والدين وفي سبيل الله كذب محض وافتراء على الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن وصفها سوى بالإرهابية.
لكن تلك العمليات الإرهابية ليست حكراً على أفغانستان؛ إنما هي «حـــق مشـــاع» لجميع الدول، لذا نجدها في العراق وفي سوريا وفي باكستان وفي كل البلاد.. وصولاً إلى البحرين التي لم يعد خبر سماع انفجار قنبلة أو اكتشاف قنبلة جاهزة للتفجير غريباً وإن كانت محلية الصنع وبدائية.
والمراد بالقتل عملياً هو إسكات الآخر المخالف في الرأي والفكر أو التوجه، وهذا يشمل الغافل الذي ربما لم تسعفه ظروفه ليجد من ينبهه إلى أنه إنما يتبع غير سبيل الرشاد. لكن الإسكات هنا ليس بوضع السبابة على الشفتين وليس بـ «تفتين» العينين ولا بمقارعة الحجة بالحجة، إنما بالطرد من الحياة، وليس أسهل من التفجيرات بالسيارات المفخخة أو القنابل المزروعة في براميل القمامة أو في الأشخاص الذين يمرون قبل تفخيخهم بتدريبات يتم فيها غسل أدمغتهم وتوصيلهم إلى قناعة مفادها أنه إنما يقوم بذلك إرضاء لله وأنه سيدخل الجنة التي وعد المتقون.
هذه العمليات الإرهابية بمختلف ألوانها وأنواعها ومستوياتها ومقاساتها جرائم تنكرها الأديان السماوية وكل الأديان، وينكرها كل ذي عقل وضمير، ومنفذها لا يمكن أن يحتسب شهيداً لأنه لا يمكن أن يحصل على هذه الصفة، فلا يكون شهيداً من يسترخص أرواح الناس ويزرع القنابل في الأمكنة والسيارات أو يفخخ نفسه بالأحزمة الناسفة. لا يمكن أن يكون شهيداً من يقوم بهذه الجريمة؛ هو مجرم إذاً وليس شهيداً.
القتل والعمل على إسكات أصوات الآخرين عنوة إنما هو تعبير عن الضعف وقلة الإيمان، فالضعيف وغير المؤمن هو من يلجأ إلى مثل هذا العمل، وكذلك يفعل قليل العقل وفاقد البصيرة.
المثير في أمر التفجيرات هو أن الجميع يستنكر على القاعدة وطالبان إقبالهما على هذا الأسلوب وتشجيعه، لكن هذا الاستنكار لا يصل إلى منفذي هذه العمليات من غيرهما ويعتبرون المتورط فيها شهيداً.
حتى الآن لم نجد في البحرين من ينبه الذين يسترخصون أرواح الناس ويعبرون عن ضعفهم باللجوء إلى أساليب القتل بتفجير القنابل بأن الله سبحانه وتعالى توعد من يقتل مؤمناً متعمداً، فهل نسمع قريباً عن اختطاف أطفال بحرينيين لتدريبهم على تنفيذ تفجيرات انتحارية؟!
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}