سألني أحدهم كيف تظلين تكتبين للعام الثالث على التوالي عن موضوع «أمن الدولة»؟ ألم تيأسي؟ ووصلتني أمس عبارة «أنتِ تنفخين في قربة مقطوعة» من ثلاث رسائل بريدية تعقيباً على مقال أمس «خطر العقيدة» على الأمن الوطني.
سألتــه بدوري ولم اليأس؟ اليأس يأتي مــن توقعات غير واقعية، توقعات مبنية على أسس غير سليمـــة، توقعات وهمية تعتقد أن «بنـــاء الدولة» كشرب الماء، وأن تحقيق أمن الدولـــة سيكون سهلاً دون عثرات ودون عقبات.
حيـــن تدرك كامل الإدراك بأن «بناء الدولـــة» طريـــق وعر وصعب وأن توفير «أمن» الدولـــة هو الركيزة التي تبني عليها الأمم دولها، لا يدركك اليأس من أول الطريق، وحين تعرف أن طريقك يزيد صعوبة بوجود معاول للهدم من الداخل ومخاطرها في هذه الحالة أكثر مما هو من خارجها، تعرف أن الطريق ليس سهلاً أبداً، لكن حين يكون هدفك واضحاً ومحدداً فإنك تسعى له باجتهادك وأنت مؤمن بأن الإنسان مسؤول عن اجتهاداته لا عن نتائجها فتلك في يد الخالق سبحانه وتعالى، حينها لا يعرف اليأس لك طريقاً.
ثانياً لا أعجب من سؤالك لأن مشكلتنا في البحرين أننا تعودنا على الجلوس على مقاعد المتفرجين كشعوب وترك مسؤولية تأسيس وإدارة شـــؤون «الأمن» تحديـداً للنظام الحاكم كي يحدد هو اتجاهاته، بل إن النظام تعود أيضاً على أن يخطط وينفذ وحده دون مساءلة ودون شركاء، ونجاحه في هذه المهمة لقرنين من الزمان شجعه على استمرار هذا النهج.
إنمــا اليوم توفير «الأمن» للدولة ازداد تعقيـــداً مع زيادة التعقيدات الإقليمية والدولية والمحلية وتشابكها معاً وأصبحت الشراكة المجتمعية فرضاً على النظام وواجباً على المواطن، فالحمل قد ثقل.
وبالرغم من أن البحرين كدولة يحميها عمقها التاريخي والحضاري من الهزات الخارجية إلا أنه لم يسبق أن تشابكت المصالح الدولية وتعقدت في البحرين كما هو الحال اليوم، كما إن وجود مجموعات من داخل الدولة لا تجد غضاضة في إعلان الولاء لدول أجنبية مستظلة بحماية دولية تمنع عنها المحاسبة، مسألة لم تشهدها أي من الدول الأخرى، بما فيها الدول التي توفر الحماية لمن يخون وطنه، لقد أصبح للخيانة عنوان كما يقال معلن ومشهر دون خجل، لذا فإن الشراكة الوطنية في مسألة الأمن الوطني أصبحت واجباً إلزامياً وفريضة شرعية بل هي فرض عين، كيف أيأس وكيف ييأس كل من يعشق تراب هذه الأرض بعد كل هذا الذي سمعته؟
كما إنه لم يعد الحفاظ على الأمن الوطني يقتصر على حمل سلاح والوقوف على الثغور فحسب، بل هو رأي يعلن وإن كان مخالفاً وإن كانت حقائقه مؤلمة أو كانت تبدو ثقيلة، واجبنا ككتاب وواجب القارئ متساوٍ في هذه المسؤولية، يعبر عن دور حقيقي للمواطن كشريك فاعل في حفظ الأمن له كافة الحقوق في إبداء هذا الرأي والمشاركة به.
هو أيضاً إلحاح وإصرار وهو تفاؤل مستدام وهو وعي بأن تقبل الشراكة ليس مسألة هينة على من تعود بالانفراد بالقرار، وهو إدراك بأن تقبل الشراكة ليس مسألة تلقائية تأتي بنص إلزامي، بل هي ممارسة متراكمة لا تأتي من مشاركات يتيمة متفرقة إن أخذ بالرأي كان بها وإن لم يؤخذ به نالنا اليأس والإحباط والتراجع، هذه أول مقومات القدرة على الاستمرارية، الإيمان والقناعة بمعتقداتك وبرأيك.
شعب البحرين اليوم شريك أساسي في بناء دولة القانون ودولة المؤسسات والحفاظ على ميثاقه وعلى دستوره والقسم على ذلك كان حين منحنا صوتنا لهاتين الوثيقتين، ولسنا ممن ينكث العهد ويخونه، فكيف نيأس؟
{{ article.visit_count }}
سألتــه بدوري ولم اليأس؟ اليأس يأتي مــن توقعات غير واقعية، توقعات مبنية على أسس غير سليمـــة، توقعات وهمية تعتقد أن «بنـــاء الدولة» كشرب الماء، وأن تحقيق أمن الدولـــة سيكون سهلاً دون عثرات ودون عقبات.
حيـــن تدرك كامل الإدراك بأن «بناء الدولـــة» طريـــق وعر وصعب وأن توفير «أمن» الدولـــة هو الركيزة التي تبني عليها الأمم دولها، لا يدركك اليأس من أول الطريق، وحين تعرف أن طريقك يزيد صعوبة بوجود معاول للهدم من الداخل ومخاطرها في هذه الحالة أكثر مما هو من خارجها، تعرف أن الطريق ليس سهلاً أبداً، لكن حين يكون هدفك واضحاً ومحدداً فإنك تسعى له باجتهادك وأنت مؤمن بأن الإنسان مسؤول عن اجتهاداته لا عن نتائجها فتلك في يد الخالق سبحانه وتعالى، حينها لا يعرف اليأس لك طريقاً.
ثانياً لا أعجب من سؤالك لأن مشكلتنا في البحرين أننا تعودنا على الجلوس على مقاعد المتفرجين كشعوب وترك مسؤولية تأسيس وإدارة شـــؤون «الأمن» تحديـداً للنظام الحاكم كي يحدد هو اتجاهاته، بل إن النظام تعود أيضاً على أن يخطط وينفذ وحده دون مساءلة ودون شركاء، ونجاحه في هذه المهمة لقرنين من الزمان شجعه على استمرار هذا النهج.
إنمــا اليوم توفير «الأمن» للدولة ازداد تعقيـــداً مع زيادة التعقيدات الإقليمية والدولية والمحلية وتشابكها معاً وأصبحت الشراكة المجتمعية فرضاً على النظام وواجباً على المواطن، فالحمل قد ثقل.
وبالرغم من أن البحرين كدولة يحميها عمقها التاريخي والحضاري من الهزات الخارجية إلا أنه لم يسبق أن تشابكت المصالح الدولية وتعقدت في البحرين كما هو الحال اليوم، كما إن وجود مجموعات من داخل الدولة لا تجد غضاضة في إعلان الولاء لدول أجنبية مستظلة بحماية دولية تمنع عنها المحاسبة، مسألة لم تشهدها أي من الدول الأخرى، بما فيها الدول التي توفر الحماية لمن يخون وطنه، لقد أصبح للخيانة عنوان كما يقال معلن ومشهر دون خجل، لذا فإن الشراكة الوطنية في مسألة الأمن الوطني أصبحت واجباً إلزامياً وفريضة شرعية بل هي فرض عين، كيف أيأس وكيف ييأس كل من يعشق تراب هذه الأرض بعد كل هذا الذي سمعته؟
كما إنه لم يعد الحفاظ على الأمن الوطني يقتصر على حمل سلاح والوقوف على الثغور فحسب، بل هو رأي يعلن وإن كان مخالفاً وإن كانت حقائقه مؤلمة أو كانت تبدو ثقيلة، واجبنا ككتاب وواجب القارئ متساوٍ في هذه المسؤولية، يعبر عن دور حقيقي للمواطن كشريك فاعل في حفظ الأمن له كافة الحقوق في إبداء هذا الرأي والمشاركة به.
هو أيضاً إلحاح وإصرار وهو تفاؤل مستدام وهو وعي بأن تقبل الشراكة ليس مسألة هينة على من تعود بالانفراد بالقرار، وهو إدراك بأن تقبل الشراكة ليس مسألة تلقائية تأتي بنص إلزامي، بل هي ممارسة متراكمة لا تأتي من مشاركات يتيمة متفرقة إن أخذ بالرأي كان بها وإن لم يؤخذ به نالنا اليأس والإحباط والتراجع، هذه أول مقومات القدرة على الاستمرارية، الإيمان والقناعة بمعتقداتك وبرأيك.
شعب البحرين اليوم شريك أساسي في بناء دولة القانون ودولة المؤسسات والحفاظ على ميثاقه وعلى دستوره والقسم على ذلك كان حين منحنا صوتنا لهاتين الوثيقتين، ولسنا ممن ينكث العهد ويخونه، فكيف نيأس؟