بعد الثورة الإيرانية تعاملنا، نحن الشعوب الخليجية، مع إيران باعتبارها العدو الأكبر، فإيران الفارسية هي عدوة العروبة، وإيران الشيعية هي عدوة أهل السنة والجماعة، وإيران المجوسية هي عدوة الإسلام، والبرنامج النووي الإيراني يهدف إلى نسف الخليج وتسويته بالأرض، وبعد هذه السنوات الطويلة نفاجأ في كل مرة أننا، نحن الشعوب الخليجية «الشعوب تحديداً» نقف في ساحة العداء والحرب وحدنا عزلاً مجردين من أي سلاح ومن أي حليف وربما.. دون أي شرعية!!
في السنوات الأخيرة حين اشتد العداء الخليجي الإيراني بسبب أزمة البحرين وإعادة فتح ملف الجزر الإماراتية وبسبب دعم إيران العلني للنظام السوري اتفقنا، نحن الشعوب الخليجية، على تسعير الحملة الإعلامية ضد إيران عبر شبكات التواصل الاجتماعية التي توهمنا أنها نعمة جادت بها الرحمة الغربية علينا لتنقذنا من الكبت وانغلاق أبواب الديمقراطيات في وجوهنا.
ثم زدنا، نحن الشعوب الخليجية، من عدائنا لإيران بإعلان المقاطعة ضد المنتجات الإيرانية. وتعقبنا المتعاطفين مع إيران لأسباب مذهبية أو عرقية أو سياسية ووضعناهم في قوائمنا السوداء سواء بالحق أم بالشبهة.
لكن بين التصعيد، الشعبي، والآخر يخرج علينا سياسيونا الخليجيون مصرحين أن إيران دولة شقيقة تربطنا بها علاقات الصداقة وحسن الجوار!، ولا نبلع الصدمة حتى تظهر صور مسؤولينا وهم يعانقون المسؤولين الإيرانيين ويستقبلونهم في شتى بقاع الأرض بالأحضان.
وبينما نحن في انشغال دبلوماسي لتبرير الفجوة بين السلوك الحكومي وسلوك الشعوب تصدر التقارير التجارية التي تصفعنا بحجم الواردات الإيرانية إلى دول الخليج وتؤكد لنا دائماً أن الواردات الإيرانية في ازدياد مطرد. ونختتم دورتنا حول أنفسنا لنشاهد الوفود الخليجية والإيرانية تتبادل الزيارات الدبلوماسية والتجارية والرياضية و... وبعد هذا الدوار نسأل أنفسنا، نحن الشعوب الخليجية، لماذا نتحمل وحدنا معاناة المواجهة مع إيران بينما الأنظمة الخليجية والنظام الإيراني «عايشين سمن على عسل»؟، وماذا ربحنا شعوباً وأنظمة من حالة العداء والحرب المعلنة وغير المعلنة بيننا وبين إيران؟!
لا جدال في أن إيران دولة طموحة تخطط لتصدير مكونات ثورتها إلى الدول المجاورة، ولا جدال في أن إيران نجحت في غرس نفوذها في دول الخليج عبر وكلاء الولي الفقيه مما جعل بعض المواطنين الشيعة رعايا إيرانيين تابعين في بعض القوانين للدولة الإيرانية.
ولا شك أن البرنامج النووي الإيراني في صيغته السلمية القابلة للتحول عسكرياً مقلق لدول الخليج التي تعيش على استيراد الأسلحة من الغرب. لكن في المقابل لا جدال في أن دول الخليج لا تملك مشروعاً اقتصادياً ناجحاً يوازي المشروع الإيراني ولم تطور مصادر الطاقة البديلة للنفط مثل الطاقة الشمسية أو النووية، ومن الواضح أن السياسة الخارجية الخليجية تقوم على الكر والفر ورد الفعل المضطرب أمام الاكتساح الدبلوماسي الإيراني المدروس بدقة وبجدوى. ولا ننسى أن دول الخليج تركت العراق لقمة سائغة لإيران مقابل صمت إيران عن إسقاط نظام صدام حسين، كما إن دول الخليج تدخلت سلباً في لبنان وسوريا أملاً في كسر النفوذ الإيراني ولكن النتيجة كانت نصراً إيرانياً ترتب عنه تفاهم غربي إيراني مؤزر لا تعرف دول الخليج انعكاسه على القضايا العربية والخليجية الملتهبة.
بحكم الجغرافيا وعلم الأجناس والبعد الحضاري للمنطقة فإن إيران دولة جارة تربطنا بها الكثير من المقومات.
والواقع الذي لا مناص منه أن إيران دولة قوية متماسكة منتجة اقتصادياً حد الاكتفاء ولها علاقات دولية وتحالفات متعددة واستراتيجية. أما دول الخليج خاصة والدول العربية عامة فهي دول ضعيفة مفككة متخلفة اقتصادياً يمتلك بعضها وفرة مالية لكنها جميعاً تفتقر إلى الإنتاج أو الاكتفاء أو الاستقرار السياسي والاقتصادي.
لذلك.. أليس من الأجدى أن تتحول حالة الصراع السياسي بين إيران ودول الخليج إلى عملية حوار تنتهي بالصلح. خصوصاً أن الصراع الخليجي الإيراني هو صراع بالنيابة بين إيران والغرب تدفع دول الخليج ضرائبه من نفطها ومالها وشعبها واستقرارها.
لماذا لا تتحول الملفات الشائكة مثل الملف الطائفي وقضية البحرين واحتلال الجزر الإيرانية إلى أجندات حوار جاد يهدف الطرفان فيه إلى تحقيق مصالح مشتركة تضمن أمن الخليج واستقرار شعوبه ونزع فتيل التدخلات الأجنبية وتحول دون استخدامنا أدوات في الصراعات الغربية؟ إلى متى سنخوض حروب الآخرين في أراضينا العربية نيابة عنهم؟.
آن الوقت أن نعلن، نحن الشعوب الخليجية، أننا تعبنا من تحمل أعباء هذا الصراع الطويل بين أنظمتنا والنظام الإيراني، وأننا استنزفنا أنفسنا في الصراع الطائفي الذي فتت وحدتنا وشوه هويتنا وأساء كثيراً لديننا الإسلامي ونفر الآخرين من ديننا الذي أبعدناه عن قيم السلام والتسامح والتصالح التي هي جوهره الأصيل. ونعلن كذلك أننا لم نجنِ شيئاً من المقاطعة الاقتصادية غير الشحن العاطفي والتشكيك في بعضنا، آن الأوان لأن نقول لأنظمتنا السياسية الخليجية عليك أن تنهي هذا الفصل المرير من تاريخ المنطقة، وأن تتحملي مسؤولياتك السياسية والتاريخية بالتفاوض مع النظام الإيراني في القضايا الخلافية بما يخدم مصالح شعوب المنطقة كافة، دون تقديم تنازلات أو محاصصات أو اتفاقات مريبة من تحت الطاولة.
{{ article.visit_count }}
في السنوات الأخيرة حين اشتد العداء الخليجي الإيراني بسبب أزمة البحرين وإعادة فتح ملف الجزر الإماراتية وبسبب دعم إيران العلني للنظام السوري اتفقنا، نحن الشعوب الخليجية، على تسعير الحملة الإعلامية ضد إيران عبر شبكات التواصل الاجتماعية التي توهمنا أنها نعمة جادت بها الرحمة الغربية علينا لتنقذنا من الكبت وانغلاق أبواب الديمقراطيات في وجوهنا.
ثم زدنا، نحن الشعوب الخليجية، من عدائنا لإيران بإعلان المقاطعة ضد المنتجات الإيرانية. وتعقبنا المتعاطفين مع إيران لأسباب مذهبية أو عرقية أو سياسية ووضعناهم في قوائمنا السوداء سواء بالحق أم بالشبهة.
لكن بين التصعيد، الشعبي، والآخر يخرج علينا سياسيونا الخليجيون مصرحين أن إيران دولة شقيقة تربطنا بها علاقات الصداقة وحسن الجوار!، ولا نبلع الصدمة حتى تظهر صور مسؤولينا وهم يعانقون المسؤولين الإيرانيين ويستقبلونهم في شتى بقاع الأرض بالأحضان.
وبينما نحن في انشغال دبلوماسي لتبرير الفجوة بين السلوك الحكومي وسلوك الشعوب تصدر التقارير التجارية التي تصفعنا بحجم الواردات الإيرانية إلى دول الخليج وتؤكد لنا دائماً أن الواردات الإيرانية في ازدياد مطرد. ونختتم دورتنا حول أنفسنا لنشاهد الوفود الخليجية والإيرانية تتبادل الزيارات الدبلوماسية والتجارية والرياضية و... وبعد هذا الدوار نسأل أنفسنا، نحن الشعوب الخليجية، لماذا نتحمل وحدنا معاناة المواجهة مع إيران بينما الأنظمة الخليجية والنظام الإيراني «عايشين سمن على عسل»؟، وماذا ربحنا شعوباً وأنظمة من حالة العداء والحرب المعلنة وغير المعلنة بيننا وبين إيران؟!
لا جدال في أن إيران دولة طموحة تخطط لتصدير مكونات ثورتها إلى الدول المجاورة، ولا جدال في أن إيران نجحت في غرس نفوذها في دول الخليج عبر وكلاء الولي الفقيه مما جعل بعض المواطنين الشيعة رعايا إيرانيين تابعين في بعض القوانين للدولة الإيرانية.
ولا شك أن البرنامج النووي الإيراني في صيغته السلمية القابلة للتحول عسكرياً مقلق لدول الخليج التي تعيش على استيراد الأسلحة من الغرب. لكن في المقابل لا جدال في أن دول الخليج لا تملك مشروعاً اقتصادياً ناجحاً يوازي المشروع الإيراني ولم تطور مصادر الطاقة البديلة للنفط مثل الطاقة الشمسية أو النووية، ومن الواضح أن السياسة الخارجية الخليجية تقوم على الكر والفر ورد الفعل المضطرب أمام الاكتساح الدبلوماسي الإيراني المدروس بدقة وبجدوى. ولا ننسى أن دول الخليج تركت العراق لقمة سائغة لإيران مقابل صمت إيران عن إسقاط نظام صدام حسين، كما إن دول الخليج تدخلت سلباً في لبنان وسوريا أملاً في كسر النفوذ الإيراني ولكن النتيجة كانت نصراً إيرانياً ترتب عنه تفاهم غربي إيراني مؤزر لا تعرف دول الخليج انعكاسه على القضايا العربية والخليجية الملتهبة.
بحكم الجغرافيا وعلم الأجناس والبعد الحضاري للمنطقة فإن إيران دولة جارة تربطنا بها الكثير من المقومات.
والواقع الذي لا مناص منه أن إيران دولة قوية متماسكة منتجة اقتصادياً حد الاكتفاء ولها علاقات دولية وتحالفات متعددة واستراتيجية. أما دول الخليج خاصة والدول العربية عامة فهي دول ضعيفة مفككة متخلفة اقتصادياً يمتلك بعضها وفرة مالية لكنها جميعاً تفتقر إلى الإنتاج أو الاكتفاء أو الاستقرار السياسي والاقتصادي.
لذلك.. أليس من الأجدى أن تتحول حالة الصراع السياسي بين إيران ودول الخليج إلى عملية حوار تنتهي بالصلح. خصوصاً أن الصراع الخليجي الإيراني هو صراع بالنيابة بين إيران والغرب تدفع دول الخليج ضرائبه من نفطها ومالها وشعبها واستقرارها.
لماذا لا تتحول الملفات الشائكة مثل الملف الطائفي وقضية البحرين واحتلال الجزر الإيرانية إلى أجندات حوار جاد يهدف الطرفان فيه إلى تحقيق مصالح مشتركة تضمن أمن الخليج واستقرار شعوبه ونزع فتيل التدخلات الأجنبية وتحول دون استخدامنا أدوات في الصراعات الغربية؟ إلى متى سنخوض حروب الآخرين في أراضينا العربية نيابة عنهم؟.
آن الوقت أن نعلن، نحن الشعوب الخليجية، أننا تعبنا من تحمل أعباء هذا الصراع الطويل بين أنظمتنا والنظام الإيراني، وأننا استنزفنا أنفسنا في الصراع الطائفي الذي فتت وحدتنا وشوه هويتنا وأساء كثيراً لديننا الإسلامي ونفر الآخرين من ديننا الذي أبعدناه عن قيم السلام والتسامح والتصالح التي هي جوهره الأصيل. ونعلن كذلك أننا لم نجنِ شيئاً من المقاطعة الاقتصادية غير الشحن العاطفي والتشكيك في بعضنا، آن الأوان لأن نقول لأنظمتنا السياسية الخليجية عليك أن تنهي هذا الفصل المرير من تاريخ المنطقة، وأن تتحملي مسؤولياتك السياسية والتاريخية بالتفاوض مع النظام الإيراني في القضايا الخلافية بما يخدم مصالح شعوب المنطقة كافة، دون تقديم تنازلات أو محاصصات أو اتفاقات مريبة من تحت الطاولة.