لم يكن اغتيال حسان اللقيس هو أول الاغتيال لكبار قياديي حزب الله نتيجة الخوف من كشف المستور وكشف الأسرار التي يتم بها خداع البسطاء من المؤمنين كما أقر بذلك شقيقه حسن.
فحزب الله يحتذي بوليه الفقيه الذي باع حلفاءه وقيادي الثورة ورفاق الدرب في سوق النخاسة من أجل تحقيق أحلام الفقيه، فإعدام مهدي الهاشمي عام 1987 وهو رئيس مكتب حركات التحرر العالمية في الحرس الثوري الإيراني «الباسداران»، كان مثالاً سابقاً لاغتيال أحد أبناء الثورة المخلصين لأنه حاول أن ينتقد الإمام ويكشف بعضاً من أسرار الزيف والخداع.
ومن يكون الهاشمي فإن كان الخميني قد حبس آية الله حسين منتظري في منزله أكثر من عشرين عاماً حتى وفاته، وهو الملقب بخليفة الإمام لمكانته الدينية وتأهله على قدم المساواة مع الخميني نفسه لتولي مقعد الولي الفقيه، وأفرج عنه للذهاب للمستشفى فقط وبواسطة من محمد خاتمي عام 2003، وأمر باغتيال آية الله مطهري بعد أسابيع من الثورة وهو رئيس مجلس قيادة الثورة، وما فعله بشريعتمداري وبالقمي معروف، وهما من المراجع الدينية الكبرى، فهل سيتردد في إعدام حليف آخر مثل مهدي الهاشمي؟.
تحدث منتظري في المذكرات عن كيفية تلفيق التهمة للهاشمي كواقعة حدثت خلال موسم الحج عام 1986، عندما كشفت سلطات الأمن بمطار جدة خمسين كيلوغراماً من مادة سيمتكس الشديدة الانفجار مخبأة في حقائب خمسين حاجاً جاؤوا إلى السعودية ضمن حملة حج إيرانية جميع زوارها من مدينة أصفهان. وتبين خلال التحقيق مع الزوار المعتقلين أنهم أبرياء ولا علاقة لهم بتلك المتفجرات، فهم من الفلاحين والعمال والنساء والشيوخ. وقد اعترف رئيس الحملة بأنه سلم الحقائب إلى الزوار بعد تسليمها إليه من قبل مسؤولي مديرية الحج في أصفهان، ورغم اكتشاف المتفجرات، فقد سمحت السلطات السعودية بأن يؤدي أعضاء الحملة مناسك الحج وأن يعودوا إلى إيران بعد عيد الأضحى. وبعد حوالي سنة من الحادث، اتهمت سلطات الأمن الإيرانية مهدي هاشمي، شقيق صهر آية الله منتظري والرئيس السابق لمكتب دائرة الحركات التحررية في الحرس الثوري، بأنه كان وراء إرسال الحقائب المليئة بالمتفجرات إلى السعودية، وإحدى الجرائم التي صدر حكم الإعدام بحق مهدي هاشمي بسبب ارتكابه لها، كانت «السعي لإثارة الفتنة في علاقات إيران مع الدول الإسلامية بتهريب المتفجرات إلى السعودية في حقائب الزوار الأصفهانيين». مذكرات منتظري نشرتها صحيفة الشرق الأوسط.
وبعد 13 عاماً من إعدام مهدي هاشمي، يكشف آية الله منتظري في مذكراته أن شقيق صهره لم يكن وراء تهريب المتفجرات إلى السعودية، بل إن جهات في وزارة الاستخبارات أقدمت على ذلك وإعدام هاشمي كان معداً سلفاً لأسباب أخرى أهمها أنه كشف عن زيارة مكفارلين مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان لطهران!!
وفشلت كل محاولات منتظري بالتوسل للخميني بعدم إعدام هاشمي، إنما صدر القرار من الخميني نفسه لأنه تجرأ وكشف زيف الخديعة التي يمارسها الخميني على الشعب الإيراني وفضح الاتصالات الأمريكية الإيرانية السرية التي كشفت زيف شعار «الموت لأمريكا» و«أمريكا الشيطان الأكبر» وعرف العالم أن الإمام ممكن أن يكذب، ولاحقاً عرفت تلك الاتصالات الأمريكية الإيرانية في ما بعد «بإيران غيت»!!
كان إعدام مهدي هاشمي وحبس صهره آية الله حسين منتظري واغتيال حسن اللقيس القيادي في حزب الله سلسلة جديدة في حلقة الاغتيالات الكاتمة لصوت الاعتراض، وذنب حسن أنه اعترض على إقحام اللبنانيين من حزب الله في الملف السوري، إنها رسالة لكل إيراني وغير إيراني بأن المصلحة الإيرانية القومية قبل أي اعتبار آخر وتلك المصلحة هي ما يقرره الإمام حتى لو أدت هذه المصلحة إلى قتل أبناء الثورة والتخلي عن حلفائها.. و«ياما» تخلت إيران عن حلفائها، فهل هناك شيعي عربي يعتقد أنه أغلى من منتظري أو من هاشمي؟ ألم يتعلم الدرس هؤلاء الأغبياء الذين يراهنون على «رحمة» الإمام؟ ألا يظنون أن بيعهم أسهل من شربة الماء، فإيران تأتي أولاً وما هم سوى قفازات تخلع حين تنتهي من أغراض استخداماتها؟
اليوم هناك مصلحة إيرانية قومية تقتضي التهدئة مع دول الخليج من أجل تمرير صفقة النووي ورفع العقوبات بالكامل، ومثلما تخلت إيران بالأمس القريب عن أبنائها ومراجعها الدينية تتخلى اليوم عن أي شيعي إيراني أو غير إيراني حتى لو قدم أبناءه قرابين لرضا الإمام، اليوم المصلحة الإيرانية تقتضي أن يباع الحليف في سوق النخاسة.. فهل تعلم حلفاء إيران الدرس؟!!