لا أعتقد بأن هناك من لا يعرف هذا المثل الشعبي الدارج، والذي يطلق على الناس الذين يظلون مرتبطين بأوضاع وحتى البشر لا يعاملونهم بشكل طيب بل على العكس، وبدلاً من إنهاء العلاقة وفك الارتباط فإنهم يظلون متمسكين بهم.تذكرت المثل وأنا أتابع ردود فعل الناس بالأخص في الفترة الأخيرة على أداء النواب وشعاراتهم ووعودهم بالذات ما ارتبط منها بإبرة التخدير بمقترح الألف دينار للعيد الوطني، الذي جاء بعد خيبة كبرى على الصعيد الرقابي والمحاسبي بشأن مخالفات تقارير ديوان الرقابة المالية، بالأخص الأخير الذي حطم الأرقام القياسية في الحجم وينذر بأنه -إن استمر الحال على ما هو عليه- قد نصل حاجز «الطن» في الوزن. عموماً أكثر ما ردده الناس كردود فعل تركز في جمل كالآتي:- «بنشوف يا نواب في الانتخابات القادمة، بنردها لكم!»، (ذكروني بهوشات المدارس وجملة التحدي الشهيرة: اطلع في الهدة).- «والله لو يموتون ما نصوت لهم مرة ثانية، نواب العازة!».- «ندعي عليكم في صلاتنا وقيامنا، نسيتوا الناس اللي صوتت لكم!».- «الموعد الانتخابات السنة الياية، بنصوت للأفضل وبنبدلهم!!». وهكذا دواليك، ردود الفعل على هذه الشاكلة، وكلها توحي بأن المواطنين خلاص أعدوا العدة لتغيير كل نائب خذلهم وأن الفصل التشريعي الجديد سيشهد وصولاً لوجوه أخرى، أكثر كفاءة، وأعلى مصداقية في الشعارات، وأحرص في التعبير عن الناس، وأصدق في حمل أمانة أصوات الناخبين. لكن مثلما هناك ردود فعل شعبية عديدة تتوعد النواب بالويل والثبور، هناك ردود فعل مقابلة تعبر عن واقع الناخب البحريني العاطفي والطيب والذي تستغل طيبته والأهم تستغل حاجته، وعليه يأتيك الرد الصاعق من أحدهم حين يقول: «ما عليك منهم، أهمه زعلانين الحين، اصبر عليهم شوي، كلها شوية مكيفات، جمن نوط، وقام الشوط!».طبعاً هذا كلام لا ينساق على الجميع، فهناك ناخبون واعون ومثقفون ويعرفون تماماً كيف يدافع المواطن عن حقوقه والذين ليتهم يكونون في موقع المترشح لا الناخب، لكن أيضاً هناك من يقبل بأن يكون ضحية لبعض النواب الذين يتعاملون مع الناس كأصوات وأرقام، يهتمون بهم في الانتخابات ويشترون أصواتهم ثم ينسونهم طوال أربعة أعوام.هنا يصدق المثل «القط يحب خناقه»، وكل شخص منكم يمكنه أن يعرف من هو «القط» الذي سيصوت مجدداً لخناقه وخناق طموحاته. والأجمل يمكنكم تحديد من «يتحلطم» اليوم على نائبه ويتوعد بأنه لن يصوت له ويعود بعدها للتصويت له.نحتاج لثقافة مجتمعية، المواطن يجب أن يعي وأن يستوعب بأن صوته انعكاس لوعيه، الاستهانة في منح الثقة لأي كان لن تعود بالضرر إلا على من قبل بأن يمنح صوته لمن لا يستحقه، وحينما يصل المواطن لهذا المستوى من الوعي وأن تكون مكانته وقيمة صوته أغلى من أية مغريات، حينها يمكنه أن يختار من ينصره ويدافع عنه ويكون أهلاً للثقة بدلاً من اختيار من يخنقه ويحبطه.عموماً، هذا المثل يمكن إسقاطه على كثير من العلاقات وحالات الارتباط، وأتركها لمخيلة القارئ الكريم.