لاشــك أن الاقتصــاد الوطنــي هــو العصـــب الرئيس لبقاء البلاد في الجهة الآمنة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وفي أول هزة للاقتصاد يبدأ المجتمع والدولة في حالة فوضى، وإذا استمر هذا التدهور تتراجع مؤشرات الدولة في جميع المجالات، ويبدأ العد العكسي لانهيارها كدولة ذات مقومات اقتصادية قوية إلى دولة منهارة اقتصادياً، فما بالكم إذا اجتمع انهيار اقتصادي وأمني، فهو الغاية التي يسعى إليها أعداء البلاد، وذلك عندما يسعون لانهيار الحكم وتغييره، عبر خلق حالات من التذمر في مختلف المستويات الشعبية، وأهمها عندما يتذمر أصحاب الأعمال ويعزون انهيار اقتصادهم إلى الدولة التي وضعت أمامهم القيود والعراقيل فيتقهقر صاحب العمل حتى يصل إلى مرحلة الانهيار الذي يقرر فيه إغلاق مؤسسته، أو ينقذ ما تبقى منها ويبحث عن وجهة آمنة، وما أكثر هذه الوجهات اليوم، فمن حولنا دول خليجية تبحث عن مستثمرين وأصحاب أعمال.
نتكلم اليوم عن الذي ضاقت به الصدور واحتارت فيه العقول، كما نعجب من أمر يدعو إلى التساؤل عندما نرى المسؤولين يسعون شرقاً وغرباً لاستجلاب الشركات والاستثمارات العالمية وإبرام المعاهدات الاقتصادية، وواقع البلد وبيئته الاقتصادية يصطدم فيهما المستثمر عندما يرى القيود وأولها الضرائب التي تفرض على استقدام العامل، والتي تعتبر من أثقل القيود على المستثمرين الذين يرون بأن هذا القيد والشرط والجزاءات القانونية المترتبة على عدم تنفيذه أو الإيفاء بشروطه تؤدي إلى إغلاق مؤسستهم بعد إفلاسها، فهنا عواقب تحد من شهية المستثمرين والتجار المحليين، فما بال المستثمرين الأجانب الذين لهم استثمارات متنوعة ومتعددة في دول خليجية مجاورة تقدم لهم التسهيلات وعدم وجود ضرائب، ورخص الرسوم من كهرباء وبلدية، بالطبع إنهم سيقررون عدم المجازفة بالقدوم إلى دولة تستثمر في العمالة الأجنبية التي تحول إيراداتها إلى مؤسسة أخرى تقوم بتوزيع ضرائبهم هبة ومنافع وصلت إلى حد تعيين 17 مندوباً بدعوى التواصل المباشر مع الجمهور لترغيبهم في الخدمات المجانية التي تقدمها، نقصد مئات الآلاف من الدنانير التي تقدم دون حساب ولا كتاب، إنما فقط لتكون في التقرير الختامي هي مشاريع تم إنجازها بما يزيد عن 100 مليون.
نعم اليوم نتعجب، بل نذهل، عندما يتحول صندوق العمل التابع لهيئة سوق العمل «تمكين» من مؤسسة رسمية إلى مؤسسة خيرية يدور موظفوها بين المآتم والمساجد لعرض الخدمات، ومن ثم إلى الجمعيات الخيريــة، حيث يحاول هذا الصندوق استمالتها لصفه لكسب التأييد.. اليوم تتجه «تمكين» للقيام بدور المندوب الذي يحاول إقناع المواطنين بمنحة، وهو ما لم تقم به حتى المؤسسات والشركات الربحية التي سيكون المردود زيادة المبيعات ومضاعفة الأرباح، فعندما تعلن تمكين عما اسمته «مبادرة التواصل المجتمعي»، فهي بهذا تعلن نفسها كمؤسسة خيرية، ولكنها تختلف معاييرها بأن المؤسسة أوالجمعية الخيرية لها اشتراطات ومقاييس في تبني الحالات الاجتماعية، بينما معايير «تمكين» مجرد أن يكون الزبون صاحب فكرة فقط، وهي جاهزة لتمويل هذه الفكرة، وإن كانت لشخص ينوي إقامة مصنع ميزانيته عشرات الملايين، فهي ستساعده وتقدم له دراسة الجدوى بمئات الدنانير، ومن ثم إمداده بالآلات وغيرها من دعاية وإعلان، أي أنها «تمكين» تساعد حتى أصحاب الملايين، كما إنها تساعد أصحاب الفكرة الذين فقط يريدون أن يستفيدوا بهذا العرض المغري الذي يسيل منه حتى لعاب الموتى.
إن هذا السخاء الذي يعطى لأصحاب الأفكار ولأصحاب الملايين من المؤسسات الكبرى لكسب رضاهم وضمان سكوتهم، ليت يكون مثله في وزارة التنمية الاجتماعية التي تتبع المعايير الدقيقة في صرف إعانة الغلاء التي لا يمكن أن يتحايل عليها أحد.. فلو كان هذا الرخاء الذي يوفره «صندوق العمل» توفره وزارة التنمية الاجتماعية لانتعش الاقتصاد، وذلك عندما يكون لدى المواطن البحريني المال الكافي للشراء من الدكاكين التي أصبحت تحاصر أحياءه وتغلق شوارعه، وذلك بعد أن فتح المواطنون أسوار بيوتهم وكراجاتهم وحولوها إلى دكاكين، وذلك بعد زيادة الطلب عليها مــن قبل المواطنين الذين أغرتهم «تمكيــن» ففتحـــت محـــلات الآيسكريـــم والمعجنـــات والحلويات والجلابيات، ولكن في المقابل خلت المعارض والمكاتب في البنايات التجارية من المستأجرين، كما أقفلت المؤسسات الإنشائية التي أصبحت تدفع ضرائب، وأرباحها قد تكون تحت الصفر، وذلك بعدما أوصدت عليهم هيئة سوق العمل، وناهيك عن الوضع الأمني الذي ضاعف خسارة أصحاب الأعمال، فأصبح صاحب العمل بين وضع أمني غير مستقر وبين ضرائب خيالية ليس لها تفسير، إلا أنها قد تؤدي إلى انهيار اقتصاد لا ينفع معه إنعاش ولا ترقيع.
فأصبحـــت الطامة طامتين من مشــروع مــا يسمى «مزودي أعمال» إلى تعيين مندوبين، حيــث يقول الخبر «ضمن» مبادرة التواصــل المجتمعي: «قامت «تمكين» بتعيين عدد من المواطنيـن كمندوبين ليصل عددهم إلـــى 17 مندوباً، وسيتم التنسيق مع عدد من الجهات الحكومية والأهلية لزيادة عدد المندوبين إلى 45 مع نهاية هذا العام في مختلف محافظات البحرين»، أليـــس هـــذا دليـــلاً بـــأن أمــــوال المستثمريــن تتحول إلى الجمعيات الخيريـــة وإلى جيوب ما يسمى «مزودي الأعمال»، وإلى شركات الدعاية والإعلان، والتي أصبح بعض أصحابها عملاء دائمين بالنسبة لـ«تمكين».
فأين إذاً الأرضية الصالحة لاستثمار مثمر دائم في ظل فرض ضرائب واستمرارها رغم سعي الدولة لتشجيع الاستثمار وجلب استثمارات أجنبية للنهوض واستعادة حيوية الاقتصاد البحريني الذي لا يمكن أن تعود إليه العافية إلا بعد إلغاء الضرائب التي هي الطارد الرئيس للمستثمر الأجنبي، والمحبط والميئس لأصحاب الأعمال البحرينيين الجادين.
اليوم الدولة بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في سياسة إصلاح سوق العمل، بعد أن أصبــح العامل البحريني الخيار الأفضل مجرد شعار لإنفاذ مآرب أكبر، وأصبح هدف هذه الهيئة مضاعفة إيراداتها، وهم «تمكين» صرفها حتى تحشو تقاريرها السنوية، وبذلك تضمن الرضا والسكوت، خصوصاً عندما تكون هناك نشاطات وفعاليات تدفع تكاليفها «تمكين» من أجل إرضاء هذه الجهات وتضمن سكوتها.
{{ article.visit_count }}
نتكلم اليوم عن الذي ضاقت به الصدور واحتارت فيه العقول، كما نعجب من أمر يدعو إلى التساؤل عندما نرى المسؤولين يسعون شرقاً وغرباً لاستجلاب الشركات والاستثمارات العالمية وإبرام المعاهدات الاقتصادية، وواقع البلد وبيئته الاقتصادية يصطدم فيهما المستثمر عندما يرى القيود وأولها الضرائب التي تفرض على استقدام العامل، والتي تعتبر من أثقل القيود على المستثمرين الذين يرون بأن هذا القيد والشرط والجزاءات القانونية المترتبة على عدم تنفيذه أو الإيفاء بشروطه تؤدي إلى إغلاق مؤسستهم بعد إفلاسها، فهنا عواقب تحد من شهية المستثمرين والتجار المحليين، فما بال المستثمرين الأجانب الذين لهم استثمارات متنوعة ومتعددة في دول خليجية مجاورة تقدم لهم التسهيلات وعدم وجود ضرائب، ورخص الرسوم من كهرباء وبلدية، بالطبع إنهم سيقررون عدم المجازفة بالقدوم إلى دولة تستثمر في العمالة الأجنبية التي تحول إيراداتها إلى مؤسسة أخرى تقوم بتوزيع ضرائبهم هبة ومنافع وصلت إلى حد تعيين 17 مندوباً بدعوى التواصل المباشر مع الجمهور لترغيبهم في الخدمات المجانية التي تقدمها، نقصد مئات الآلاف من الدنانير التي تقدم دون حساب ولا كتاب، إنما فقط لتكون في التقرير الختامي هي مشاريع تم إنجازها بما يزيد عن 100 مليون.
نعم اليوم نتعجب، بل نذهل، عندما يتحول صندوق العمل التابع لهيئة سوق العمل «تمكين» من مؤسسة رسمية إلى مؤسسة خيرية يدور موظفوها بين المآتم والمساجد لعرض الخدمات، ومن ثم إلى الجمعيات الخيريــة، حيث يحاول هذا الصندوق استمالتها لصفه لكسب التأييد.. اليوم تتجه «تمكين» للقيام بدور المندوب الذي يحاول إقناع المواطنين بمنحة، وهو ما لم تقم به حتى المؤسسات والشركات الربحية التي سيكون المردود زيادة المبيعات ومضاعفة الأرباح، فعندما تعلن تمكين عما اسمته «مبادرة التواصل المجتمعي»، فهي بهذا تعلن نفسها كمؤسسة خيرية، ولكنها تختلف معاييرها بأن المؤسسة أوالجمعية الخيرية لها اشتراطات ومقاييس في تبني الحالات الاجتماعية، بينما معايير «تمكين» مجرد أن يكون الزبون صاحب فكرة فقط، وهي جاهزة لتمويل هذه الفكرة، وإن كانت لشخص ينوي إقامة مصنع ميزانيته عشرات الملايين، فهي ستساعده وتقدم له دراسة الجدوى بمئات الدنانير، ومن ثم إمداده بالآلات وغيرها من دعاية وإعلان، أي أنها «تمكين» تساعد حتى أصحاب الملايين، كما إنها تساعد أصحاب الفكرة الذين فقط يريدون أن يستفيدوا بهذا العرض المغري الذي يسيل منه حتى لعاب الموتى.
إن هذا السخاء الذي يعطى لأصحاب الأفكار ولأصحاب الملايين من المؤسسات الكبرى لكسب رضاهم وضمان سكوتهم، ليت يكون مثله في وزارة التنمية الاجتماعية التي تتبع المعايير الدقيقة في صرف إعانة الغلاء التي لا يمكن أن يتحايل عليها أحد.. فلو كان هذا الرخاء الذي يوفره «صندوق العمل» توفره وزارة التنمية الاجتماعية لانتعش الاقتصاد، وذلك عندما يكون لدى المواطن البحريني المال الكافي للشراء من الدكاكين التي أصبحت تحاصر أحياءه وتغلق شوارعه، وذلك بعد أن فتح المواطنون أسوار بيوتهم وكراجاتهم وحولوها إلى دكاكين، وذلك بعد زيادة الطلب عليها مــن قبل المواطنين الذين أغرتهم «تمكيــن» ففتحـــت محـــلات الآيسكريـــم والمعجنـــات والحلويات والجلابيات، ولكن في المقابل خلت المعارض والمكاتب في البنايات التجارية من المستأجرين، كما أقفلت المؤسسات الإنشائية التي أصبحت تدفع ضرائب، وأرباحها قد تكون تحت الصفر، وذلك بعدما أوصدت عليهم هيئة سوق العمل، وناهيك عن الوضع الأمني الذي ضاعف خسارة أصحاب الأعمال، فأصبح صاحب العمل بين وضع أمني غير مستقر وبين ضرائب خيالية ليس لها تفسير، إلا أنها قد تؤدي إلى انهيار اقتصاد لا ينفع معه إنعاش ولا ترقيع.
فأصبحـــت الطامة طامتين من مشــروع مــا يسمى «مزودي أعمال» إلى تعيين مندوبين، حيــث يقول الخبر «ضمن» مبادرة التواصــل المجتمعي: «قامت «تمكين» بتعيين عدد من المواطنيـن كمندوبين ليصل عددهم إلـــى 17 مندوباً، وسيتم التنسيق مع عدد من الجهات الحكومية والأهلية لزيادة عدد المندوبين إلى 45 مع نهاية هذا العام في مختلف محافظات البحرين»، أليـــس هـــذا دليـــلاً بـــأن أمــــوال المستثمريــن تتحول إلى الجمعيات الخيريـــة وإلى جيوب ما يسمى «مزودي الأعمال»، وإلى شركات الدعاية والإعلان، والتي أصبح بعض أصحابها عملاء دائمين بالنسبة لـ«تمكين».
فأين إذاً الأرضية الصالحة لاستثمار مثمر دائم في ظل فرض ضرائب واستمرارها رغم سعي الدولة لتشجيع الاستثمار وجلب استثمارات أجنبية للنهوض واستعادة حيوية الاقتصاد البحريني الذي لا يمكن أن تعود إليه العافية إلا بعد إلغاء الضرائب التي هي الطارد الرئيس للمستثمر الأجنبي، والمحبط والميئس لأصحاب الأعمال البحرينيين الجادين.
اليوم الدولة بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في سياسة إصلاح سوق العمل، بعد أن أصبــح العامل البحريني الخيار الأفضل مجرد شعار لإنفاذ مآرب أكبر، وأصبح هدف هذه الهيئة مضاعفة إيراداتها، وهم «تمكين» صرفها حتى تحشو تقاريرها السنوية، وبذلك تضمن الرضا والسكوت، خصوصاً عندما تكون هناك نشاطات وفعاليات تدفع تكاليفها «تمكين» من أجل إرضاء هذه الجهات وتضمن سكوتها.