أخبار متنوعة ومتناقضة في ما بينها بشأن الخدمات المقدمة للناس والمؤسسات علــــى حد سواء، من يقرؤها مـن النـــاس يصاب بالقهر قسراً، ثم بعدها نتساءل؛ لماذا المواطن البحريني بات مراداً لـ «التحلطم» و«التذمر»!
الخبر الأول يقول بأن لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس النواب «وافقت» (نكرر وافقت) على الاقتراح برغبة بإعفاء مبانــي الأندية والمراكز الشبابية والمنشآت التابعة لها من قيمة استهلاك الكهرباء والماء، بعد استعراض مرئيات هيئة الكهرباء والماء، وقررت اللجنة رفع الاقتراح لمكتب المجلس.
فــي الوقـت الذي تعب فيه الناس وهـــم يطالبون النواب الذين انتخبوهم بتقديم مقترحــات تحــل كثيــراً مــن همومهــم المعيشيــة ومشكلاتهم، تبرز مثل هـــذه المقترحات التي لا يستفيد منها المواطــن مباشرة.
المقترح هدفه التخفيف على الأندية، هذه الأنديــة التي، أغلبها إن لم يكن كلهــا، لديها خطط ومشاريع للاستثمار بما يعود على خزينة النادي أو المنشأة أو المركز التابعين لها، بالتالي هل تعجز عن دفع فواتير الكهرباء والماء؟! في الوقت نفسه يعاني المواطن من عملية انتقائية بشأن الفواتير، تلغى عن البعض، وبعض آخر لا يدفع، ومن يدفع لسان حاله يقول: «لماذا أدفع وغيري لا يدفع ثم يلغى عنه».
يبدو أن سعادة النواب أصبح بعضهم متخصصاً في رفع ضغط الناس!
الخبر الآخر؛ أشارت له صحيفتنا «الوطن» في معرض تحقيق بشأن إقرار اللجنة المالية للنواب مقترحاً لتخفيض الحكومة رسوم خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة 50% في الوقت نفسه مازالت خمس جهات حكومية تماطل بشأن تطبيق نفس نسبة التخفيض على المسنين، أي المتقاعدين منهم.
الوزارات المعنية تتقاذف المسؤولية كالعــادة، ومــن يأكلهــا هــو المواطـــن الذي ينتظر، وفي انتظاره يتحول لأشبه بـ«الكـــرة» التـــي يركلهــا اللاعبون فــي الملعـــب، رغـــم أن هـــذه «الكــرة» -أي المواطــن المعنــي- لا تنتهــي أبــداً فـي الشباك لتسجل هدفاً، بل كلها هجمات ضائعة ولا تقرب أصلاً القائمين والعارضة.
السؤال هنا؛ لماذا حينما يقر مقترح يصب في صالح الناس يواجه هذه العمليات المؤسفة من التطويل والتعطيل؟! لماذا يعاني المواطن في وقت يفترض أن يكون هو أولويات عمل الدولة وهو أولويات عمل النواب؟! بالله عليكم أرأيتم «أولوية» تعاني هكذا؟! وإن كان المواطن من فئة المتقاعدين «أي المسنين» أو ذوي الاحتياجات الخاصة فإن معاناته مضاعفة!
بشأن بطاقة المسنين فإنها -بحسب القرار- تمنح من تجاوز الستين حق تخفيض الرسوم للنصف، لكن ذلك لا يحصــل، بــل بعــض الــوزارات «المعنيـة بالتعطيل» تستكثر على المسن تخفيضاً يصل لعشرة دنانير حتى، بغض النظر إن خدم طوال أربعين عاماً أو أكثر في الدولة، أهذه بالله عليكم مسألة يثور حولها الجدال؟! والله «عيب» ونقولها بملء الفم «عيب».
هل نلوم الناس في ذلك، خاصة وأن المسألة ستصل في أبريل القادم لقرابة سنة من إقرارها؟! هل نلوم المسنين إن سادهم الإحباط وبدؤوا بتوجيه كلام قاسٍ للدولة والسلطة التشريعية طالما هم يشعرونهم بأنهم «يذلون» على حسم «من حقهم» لمبالغ جداً بسيطة؟! والله هؤلاء نظير سنوات عطائهم ومراعاة لظروفهم يستحقون أن يتم إعفاؤهم من رسوم عديدة! والله حتى في بريطانيا التي يدفع الناس فيها ضرائب لا تنتهي، للمسن وصاحب الإعاقة وضع خاص وتعامل خاص يسهل أمامه الحياة ويذلل أي عائق أمامه.
نكتــب ذلك في وقت تقول فيه الدولــة «والتصريح موجود في صحيفة جلف ديلي نيوز يوم أمس» أن الوضع لا يسمح بفرض رســـوم -أي ضرائــب- على المواطنيـــن، رغم أن هناك -بحسب علمنا- تشكيلاً لأقسام معنية بالضرائب ما يعني أن النية موجودة لفرض مزيد من الضرائب على هذا المواطن أسوة بضريبة التعطل 1% التي اقتطعت دون وجه حق ودون موافقة من الناس في القطاعين الخاص والعام، لكن طبعاً لم تقتطع على الوزراء، مساكين وزراؤنا رواتبهم قليلة بالتالي لا يمكن التكليف عليهم بالواحد بالمئة!
أنديــة لديهــا حــق الاستثمــار وتحصيل مدخـول من ورائه لكن يراد لها أن تعفــى من الفواتير «برافو يا نواب»، ومسنون يعانون ويدورون في دوامة بين الوزارات لأجل تخفيض «مخجل»، وذوو احتياجات خاصة بدلاً من تسهيل الأمور لهم تتعقد ومصيرهم نجزم بأنه يسير لنفس حالة «بطاقة المسن».
أيعقل هذا في البحرين يا سادة؟! أيعقل هذا في دولة تقول دائماً وأبداً بأن «المواطن هو محور كل شيء»؟!