هذا هو ملخص الكلام الذي يقوله كثيرون من أهل القرى في سرهم خشية أن يناصبوا العداء ويعتبرهم ذلك البعض خونة وعملاء للنظام و«يطردهم» من رحمته ويحرمهم من الجنة التي وعد بها «الثائرين»! للأسف فإن هذا الكلام لا يستطيع أن يجاهر به المتضررون من أعمال التخريب من أهل القرى ولا أن يقولوه إلا في نطاق ضيق ولمن يثقون بهم، وقد سمعته شخصيا وسمعه آخرون من «الواقعيين» من العديد منهم، ومتيقن بأنه ليس كلام مجاملة أو تقية؛ لأنني أعرف بالفعل بأنهم ملوا وتعبوا ويقولون «بسنا.. وكفاية.. وحرام عليكم.. وخلونا نعيش..» ولكن سرا أو همسا.
أهل القرى ملوا من هذا الذي صار روتينا يوميا، وتعبوا مما يجري عليهم من دون أن يكون لهم أي ذنب، وهم إن قالوا ما قالوا اليوم في سرهم فإنهم سيضطرون إلى قوله بعد قليل جهرا، فهم في النهاية بشر ولهم طاقة محدودة في التحمل، ولن يتأخر اليوم الذين يتجرؤون فيه على مناقشة «المعنيين» ومطالبتهم بوضع حد لهذا الاستهتار بحياتهم وبمستقبل أبنائهم.
للأسف فإن الكثيرين من أهل القرى تضرروا، ليس من الأدخنة فقط وليس من أخطار المواجهات فقط؛ ولكن تضرروا في مجمل حياتهم وفي إيقاع يومهم، وصار يكفي عند البعض أن يعرف أن فلانا ينتمي إلى القرى ليتخذ منه موقفا من دون أن يتحقق من حقيقة وضعه أو يسأل عما إذا كان متسببا أو متضررا، فالشر يعم.
نعم؛ هناك تعاطف مذهبي، وهذا طبيعي، فالمنتمون إلى أي مذهب -إسلاميا كان أو مسيحيا أو يهوديا- بل حتى المنتمون إلى التيارات السياسية على اختلافها يتعاطفون مع من يمارس سلوكا يعنيهم بشكل أو بآخر، فما بالك بالقرى التي ينتمي كل أفرادها إلى مذهب واحد، ولكن في المقابل هناك أيضا رفض للسلوكيات التي يمارسها ذلك البعض في القرى ويتسبب بها في إحراج الكثيرين وتعطيل حياة الكثيرين.
ليس صحيحا أبدا أن ما ينفذ في القرى من مظاهرات يومية وما قد تؤول إليه من مواجهات مع رجال الأمن وما تسفر عنه من مشكلات يعبر عن جميع أهل القرى، فهذا نتاج فعل البعض الذي اختطف عقله فصار أداة طيعة في يد أولئك الجالسين في الظل ينتظرون الفرصة المواتية التي تشبع طموحاتهم.
الذين يقومون بتلك الأفعال في القرى قليلون، يصورهم إعلامهم على أنهم كثيرون، لكنهم في كل الأحوال لا يمثلون كل أهل القرى، وفي كل الأحوال يتضرر منهم أهل القرى كثيرا، ولو توفرت أدوات «ديمقراطية» وشعروا بالأمان لصوت الغالبية منهم ضد ذلك البعض المشاغب وضد أسيادهم الجالسين في الظل.
هذا لا يعني أنه ليس لأهل القرى مطالب، فأهل القرى حالهم حال أهل المدن من المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية، لديهم مطالب، وهذه المطالب لا تنكرها الدولة ولم تنكرها بل تقرها وتسعى إلى تحقيقها. هناك فرق بين وجود مطالب وبين ممارسات مؤذية لا يمكن أن يتحقق من خلالها أي مكسب. الدولة لا تنكر المطالب ولكنها ترفض تلك الممارسات التي تعطل حياة المواطنين والمقيمين المسؤولة عنهم وتعرضهم للخطر في كل الأوقات.
هذه معلومات أساسية ينبغي تأكيدها وتدوينها، وهي مفيدة في عملية الحوار الذي للأسف تعطل، الدولة لا تقف في وجه مطالب المواطنين بل تقرها وتريد أن تحققها، وأغلب أهل القرى ضد تلك الممارسات الغريبة على مجتمع البحرين وأخلاق أهله، وأن المقبل من الأيام سيشهد «تمرد» أهل القرى على أولئك «المتمردين» لأنهم بالفعل ملوا وتعبوا وصاروا يقولون.. «بسنا»!