لم تمضِ ساعات بسيطة حين دونت بعض الملاحظات المهمة حول أداء هيئة الكهرباء والماء في مقالة حملت عنوان «وزير الدولة لشؤون الكهرباء والماء أين أنت من كل هذا؟» حتى تلقيت اتصالاً مباشراً من مكتب الوزير يدعوني فيها لمقابلة الوزير د.عبدالحسين ميرزا عند الساعة الواحدة ظهراً من ذلك اليوم.
لم أفكر حينها في طبيعة اللقاء وما سيقال فيه، وهل سنصل لنتيجة إيجابية معاً أم لا، فالتجاوب الكبير والفوري من طرف مكتب الوزير أسعدني للغاية، وقبلت الدعوة.
قبل كل شيء، وبغض النظر عن الملاحظات التي طرحت في اللقاء، أتمنى من بعض المسؤولين المعنيين وليس الوزراء فقط، أن يتعاملوا مع الإعلاميين من هذا المنطلق الجميل والمسؤول الذي قام به الوزير وكبار المسؤولين في هيئة الكهرباء والماء، وليس كما يفعله بعضهم حين يتعاطون مع السلطة الرابعة بطريقة فوقية، رغم إدراكهم التام أنهم مجرد موظفين في مؤسسات الدولة.
لم يكن الوزير وحده الذي استمع لي، بل حضر اللقاء الرئيس التنفيذي لهيئة الكهرباء والماء الشيخ نواف بن إبراهيم آل خليفة، إضافة لكبار المسؤولين في الهيئة. للأمانة أيضاً، فالوزير إضافة للرئيس التنفيذي للهيئة مع بقية المسؤولين، أعطوني كامل الحرية في الحديث، بل أعطوني مساحة زمنية ممتازة لإبداء ملاحظاتي حول كل ما يمكن أن يقال بخصوص الأوضاع العامة لموظفي الهيئة، وعلى وجه الخصوص «إدارة خدمات المشتركين». هذا الجو الإيجابي من الحوارات المثمرة بين المسؤولين والصحافة هو الذي يعزز ويكرس تطوير المؤسسات الرسمية، ويجعل الصورة قريبة وواضحة للإعلاميين مما يعزز الثقة الكاملة بين الإعلام والدولة.
استمع الوزير والرئيس التنفيذي للهيئة وكل المسؤولين كذلك لكل كلمة قلتها ولكل انتقاد وجهته للهيئة، وتناولنا في اللقاء كل صغيرة وكبيرة، وحين طرحت بعض الملاحظات السلبية تلقيت منهم الكثير من الردود المقنعة، وقرأت في كلامهم جميعاً حرصهم على تطوير أوضاع الموظفين، وأن الهيئة أعدت بالفعل خطة شاملة لتحسن الوضع الوظيفي لموظفي الهيئة، واليوم ينتظرون جميعهم رد ديوان الخدمة المدنية لإقرار هذا الأمر. طالب الوزير ومن حضر اللقاء، كل العاملين بالهيئة أن يصبروا قليلاً ويتريثوا خلال الفترة القصيرة القادمة، حيث يرون أن تجربة تحول وزارة الكهرباء والماء إلى هيئة هي تجربة وليدة وجديدة، ولذا فهم يطالبون العاملين في الهيئة بعدم وأد التجربة، وإعطائها أكثر من فرصة لتحقيق بعض أهدافها واستراتيجياتها على المدى القصير والبعيد، وأن التطوير، سواء في ما يخص عمل الهيئة أو الوضع المهني للموظفين، سيكون متحققاً لا محالة في قادم الأيام.
من أهم فوائد هذا اللقاء هو توضيح اللبس الحاصل، سواء من طرفنا أو حتى من طرف الهيئة، فكان اللقاء بمثابة الاجتماع الذي حمل الكثير من التفاهمات الإيجابية، وكل شيء يقال بالدليل، وللأمانة مرة أخرى فكثير من كلام المسؤولين كان يستند إلى مستند وحجة قانونية أو لحادثة موضوعية جرت بالفعل، إضافة لذلك فقد وعدني الوزير وكل المسؤولين في اللقاء بمتابعة بعض ما طرحته من قضايا في مقالي السابق والتحقق من بعض ما جاء فيه، وأنا أقول للموظفين هنا بأني سوف أتابع بعض ما دار في اللقاء حتى يتم كل ما هو عالق بصورة إيجابية، وأنا على ثقة أن الوزير ورئيس الهيئة وبقية المسؤولين سيستجيبون لحلحلة بعض القضايا المعلقة.
ليس بالضرورة أن نخرج بتوافق تام من خلال اللقاء، لكن أهم ما خرجنا به في ذلك اليوم، هو أننا عثرنا أخيراً على نماذج راقية من المسؤولين يتعاملون مع الصحافيين بطريقة حضارية ومتطورة، كانوا حينها يستمعون ويحترمون ويتابعون، بل إن أهم ما استطعنا أن نصل إليه هو أن الوزير والرئيس وكل المسؤولين الحاضرين، أكدوا لي أن أبوابهم مفتوحة للموظفين والجمهور معاً، وهذا هو العنصر الفاعل والمؤثر والمعالج لكل القضايا والشكاوى العالقة، وإذا لم تحل هذه المشكلات في الوقت الراهن فإنها سوف تحل عاجلاً أم آجلاً، لأن هنالك من يتابعها ويرعى على تحقيق ما هو أفضل لصالح الموظف والمشترك على حد سواء، أما بقية التفاصيل التي تم طرحها من طرفنا ومن طرف المسؤولين فقد وثقته الهيئة في بيان صحافي تم نشره قبل أيام في صحيفة «الوطن».