إن الحياة التي نعيشها مسورة بالكثير من الصعوبات، وليس كل إنسان قادراً على التغلب عليها؛ فهناك بعض الأشخاص الذين تبعدهم هذه الصعوبات عن محاولة الصعود إلى الأعلى والنجاح في الحياة. من هنا فإن الجميع يحتاج إلى المساعدة والدعم، الجميع يستطيع أن يواصل طريقه في الحياة ويصل إلى ما يريد تحقيقه، إن وجد من يساعده على تجاوز العوائق التي لا تتوقف عن الظهور قبل أية خطوة يخطوها هذا الإنسان في طريق الحياة الذي يزداد طولاً وقت الصعوبة ويزداد قصر وقت النجاح.
لنقرأ معاً هذه القصة من كتاب «شوربة دجاج للروح»، للكاتبين جاك كانفيلد ومارك فيكتور هانسن، اللذين شاركا في تأليف أكثر كتب «نيويورك تايمز» مبيعاً ومن الخطباء البارزين الذين كرّسوا حياتهم من أجل الارتقاء الشخصي والمهني للآخرين، ومن المشاركين أيضاً في تأليف ثمانية من أكثر الكتب رواجاً والتي أصدرتها «نيويورك تايمز» منها؛ شوربة دجاج للروح، شوربة دجاج للحياة، شوربة دجاج لحياة المرأة، شوربة دجاج للأمومة، شوربة دجاج لحياة المراهقين، شوربة دجاج لحياة لا تعرف اليأس، شوربة دجاج للحياة العملية..
تقول قصة الكاتبين.. كان مارك يسير في طريقه إلى المنزل عائداً من المدرسة ذات يوم، ولاحظ الولد الذي يسير أمامه وهو يتعثر وتسقط منه جميع الكتب التي كان يحملها وسترتان ومضرب كرة البيسبول وقفاز وشريط تسجيل صغير.
فانحنى مارك ومال إلى الأرض ليساعد الولد على التقاط أشيائه المتناثرة، ولأنهما يسيران في نفس الطريق، ساعد مارك الولد في حمل جزء من الحمل الذي يثقله، وبينما كانا يسيران عرف مارك أن الولد يدعى بيل. وأنه يحب ألعاب الفيديو والبيسبول ومادة التاريخ، وأن لديه بعض المشاكل والصعوبات في مواد دراسية أخرى.
ثم وصلا إلى منزل بيل أولاً، ودعا بيل مارك إلى تناول مشروب ومشاهدة التلفاز معه قليلاً، ومر وقت الظهيرة في سعادة مع قليل من الضحك والمشاركة في بعض الحديث، ثم عاد مارك إلى منزله.
استمر مارك وبيل في رؤية بعضهما البعض في المدرسة وتناولا الغداء معاً مرة أو مرتين وتخرجا من المدرسة التي كانا يدرسان فيها والتحقا بنفس المدرسة العليا حيث كانا على اتصال طفيف ببعضهما البعض عبر سنوات الدراسة.
وأخيراً بعد انتظار طويل أتت السنة الأخيرة في المدرسة، وقد تبقى ثلاثة أسابيع قبل التخرج، فطلب بيل التحدث إلى مارك إذا كان ذلك ممكناً.
وذكره بيل باليوم الذي التقيا فيه للمرة الأولى منذ عدة سنوات وسأله بيل: «هل تعلم لماذا كنت أحمل هذه الأشياء الكثيرة وأنا عائد إلى منزلي في ذلك اليوم؟، كنت قد نظفت درجي لأنني لم أرد أن أترك فوضى ورائي لمن يخلفني ويستخدمه من المدرسة، وكنت قد احتفظت ببعض الحبوب المنومة الخاصة بأمي، وكنت عائداً إلى المنزل لكي أنتحر، ولكن بعد أن قضينا بعض الوقت معاً في الحديث والضحك أدركت أنني لو قتلت نفسي لكنت فقدت ذلك الوقت وتلك السنوات العديدة الجميلة التي تبعته، فكما ترى يا مارك عندما التقطت كتبي في ذلك اليوم فعلت ما هو أكثر من ذلك.. لقد أنقذت حياتي».
إن هذه الخطوة البسيطة التي قام بها مارك، بعفوية الطفل الفطرية، ومحبته الطبيعية، في مساعدة طفل آخر يحتاج إلى مساعدة في حمل كتبه المدرسية، ساهمت في إنقاذ هذا الطفل من الانتحار. وتوضح كيف لنا أن ننقذ إنساناً أو عائلة ما من الذهاب للهلاك. إن قيام مارك بهذه الخطوة، يدعونا جميعاً إلى مد يد المساعدة دون طرح كلمة «لماذا» ودون الحاجة إلى الشكر والتقدير.
هل نقوم بمد أيدينا إلى كل من يحتاج إلى الدعم والمساعدة والتشجيع والتحفيز حباً في القيام بدورنا الذي خلقنا من أجله؟