كثير من المواطنين لا يفهم الأرقام المعقدة، ولأصحح التعبير هنا احتراماً لجميع الناس، كثير من المواطنين لا يكترثون بالأرقام المعقدة، لأن القناعة لديهم بأن المواطن يتوجب أن تصل إليه الأرقام المبسطة، وأبسط هذه الأرقام، هي الأرقام النهائية مع تعريف (Definition) صحيح ومباشر لها.
على سبيل المثال، لا تقل للمواطن بأن الدعم للحوم يكلف كذا مليون، وأن الفائدة ستعود بالنفع للمواطن بنسبة كذا وكذا، بل قل للمواطن أن الدولة لن تضخ هذا الرقم من الملايين، وأن التعويض الذي سيتحصل عليه هذا الرقم من الدنانير، وأن التعويض للفرد أو للعائلة، وأنه سيكون تعويضاً ثابتاً لا يتحرك.
مثال آخر، لا تقل للمواطن بأن نسبة العجز تبلغ كذا وكذا، بل قل للمواطن إن المجموع الكلي للهدر المالي بلغ هذا الرقم، بالضبط وبالتحديد، وحبذا لو تقول لهم من هم المتسببون في العجز حتى يعرفهم بوجوههم وأسمائهم.
وأيضاً، لا تقل للمواطن إنه لرفع رواتبه نحتاج 100 مليون دينار، بل قل له إن هناك مبالغ تصل لأكثر من 300 مليون دينار تذهب لشركات متعثرة بسبب سوء الإدارة، وتذهب لمشاريع غير ضرورية وليست ذات أولوية. وغير ذلك من الأمثلة، تمشي في ذات السياق، بمعنى منح المواطن «زبدة» الكلام، وعدم تركه هكذا يعيش وسط ألغاز أو تصريحات فيها «ألغام» مبطنة، عليـــه وهو المواطن البسيط الذي يكفيه من يومه الهم الوظيفي أو المعيشي، عليه أن يفك شفرتها ويقرأ ما بين السطور.
في مسألة الدعم التي تشغل الناس اليوم، يصدق المثل القائل: «بين حانا ومانا ضاعت لحانا»، إذ بين التصريح والإعلان عن إعادة توجيه الدعم وبين استغراب النواب وردود فعلهم وضعوا عليها ردة فعل الناس وتوجساتهم، ضاعت الحسبة ولا أحد يمكنه أن يعطيك إجابة محددة وواضحة.
وحينما أقول إجابة واضحة أعني، من يفترض به الخروج ومخاطبة الناس والحديث معهم مقدماً أرقاماً بسيطة نهائية واضحة تبين «المبلغ الذي سيتم توفيره» من رفع الدعم، وفي جانب آخر «المبلغ الذي سيعوض به المواطن»؟!
نتحدث هنا بأسلوب بسيط وغير معقد، وهي مسألة يفترض أن يقوم عليها ارتباط المسؤولين مع المواطنين، باعتبار أن القطاعات العديدة كلها قائمة على فكرة تقديم الخدمات للمستهدف وهو المواطن في هذه الحالة، فهل هذا يحصل؟!
ليعذرنا الوزير المسؤول، إن كان وزير المالية في هذه الحالة أو غيره في حالات أخرى، حين نقول بأنه من غير المعقول أو المقبول ألا يكون هناك حديث مباشر وصريح بشأن هذه القضية التي بانت ردود فعلها واضحة، أين التواصل مع الناس وأين الحديث معهم بصراحة وشفافية؟! أليست مسألة معنية بالناس، هدفها الأول والأخير صالحهم؟! بالتالي لم لا نجلس مع الناس -حتى في مجالسهم- ونوضح لهم الصورة ونستمع لآرائهم ونجيب على هواجسهم، والأهم أن نمنحهم الضمانات والتعهدات بأن ما نقوله صحيح ولا تشوبه شائبة ولا يمكن أن يتغير بتغير الظروف؟! وهنا أعني القول بأن المواطن سيتم «تعويضه»، هذه الكلمة المطاطية التي أطلقت لكن لم يطلق معها أسلوب للقياس وسقف للمبلغ وآلية لضمان عدم تضرر أحد.
ثم المسألة الأعظم والتي لا يمكن القبول بها في بلد يمتلك «برلمان»، يفترض بهذا البرلمان أن تكون له اليد الطولى في التشريع والبت في القرارات المصيرية، بالأخص إن كانت قرارات تمس المواطن، وهنا المسؤولية مضاعفة.
مما نقرأه من تصريحات بعض النواب نستنتج أن حال النائب والمواطن «حال واحد»، الاثنان في حيرة ومحاولة بحث عن إجابة لعديد من التساؤلات، فالنواب يستغربون اتخاذ قرار بهذه الطريقة وبمعزل عنهم، والمواطن يتوجس مما سيواجهه من جراء هذا القرار، وللمرة المليون أقول لا تلوموا المواطن، المواطن البحريني صبور جداً، لكن التجربة أثبتت له –وللأسف- بأن ليس كل ما يعلن من مشاريع تبدأ بديباجة تركز على «أن المواطن هو المحور»، ليس كل ما يعلن تأتي نتائجه بنفس ما يعلن عنه، إذ هناك دائماً مفاجآت في الطريق ومطبات و«عجز اكتواري» وغيرها.
الشفافية مطلوبة، والوضوح مع الناس واجب على الدولة، ولو كان لدينا مسؤولون واضحون يتحدثون مباشرة ويتكلمون بأساليب بسيطة تصل للناس بمنأى عن الحديث «المبهم» أو الذي يفسر على «ألف تفسير» لكان حال الناس أفضل، ولما وجدنا حالة «هرج ومرج»، أقلها الناس ستكون عارفة بما سيحصل، مثلما يقول المثل «اللي أوله شرط آخره نور».
عموماً، شكلها السنة الجديدة ستكون سنة «الرفع»، ليست رفع رواتب أو رفعاً للكفاءات، بل رفعاً» لـ«الدعم» عن السلع، والله يستر.
اتجاه معاكس..
فقط نصيحة لمن يفاجئون المجتمع بمثل هذه القرارات، والتي يبدو أنها نتيجة استشارات لا تراعي الناس ولا نفسياتهم ولا أحوالهم. يا جماعة، نصف النجاح في أي مشروع يتعلق باختيار التوقيت المناسب، بالتالي من غير المعقول أن يخرج المواطن من فرحة العيد الوطني وبدلاً أن يفاجأ بمفاجآت تسعده، ينصدم بتوجهات تجعله يعيش قلقاً وخوفاً على مستقبله ومستقبل أبنائه.
التوقيت مهم، لكن الأهم المضمون الذي يقال ويطرح، إذ حتى لو اخترت أفضل توقيت لطرح فكرة تمثل للناس تهديداً، فلن تنجح أصلاً.
على سبيل المثال، لا تقل للمواطن بأن الدعم للحوم يكلف كذا مليون، وأن الفائدة ستعود بالنفع للمواطن بنسبة كذا وكذا، بل قل للمواطن أن الدولة لن تضخ هذا الرقم من الملايين، وأن التعويض الذي سيتحصل عليه هذا الرقم من الدنانير، وأن التعويض للفرد أو للعائلة، وأنه سيكون تعويضاً ثابتاً لا يتحرك.
مثال آخر، لا تقل للمواطن بأن نسبة العجز تبلغ كذا وكذا، بل قل للمواطن إن المجموع الكلي للهدر المالي بلغ هذا الرقم، بالضبط وبالتحديد، وحبذا لو تقول لهم من هم المتسببون في العجز حتى يعرفهم بوجوههم وأسمائهم.
وأيضاً، لا تقل للمواطن إنه لرفع رواتبه نحتاج 100 مليون دينار، بل قل له إن هناك مبالغ تصل لأكثر من 300 مليون دينار تذهب لشركات متعثرة بسبب سوء الإدارة، وتذهب لمشاريع غير ضرورية وليست ذات أولوية. وغير ذلك من الأمثلة، تمشي في ذات السياق، بمعنى منح المواطن «زبدة» الكلام، وعدم تركه هكذا يعيش وسط ألغاز أو تصريحات فيها «ألغام» مبطنة، عليـــه وهو المواطن البسيط الذي يكفيه من يومه الهم الوظيفي أو المعيشي، عليه أن يفك شفرتها ويقرأ ما بين السطور.
في مسألة الدعم التي تشغل الناس اليوم، يصدق المثل القائل: «بين حانا ومانا ضاعت لحانا»، إذ بين التصريح والإعلان عن إعادة توجيه الدعم وبين استغراب النواب وردود فعلهم وضعوا عليها ردة فعل الناس وتوجساتهم، ضاعت الحسبة ولا أحد يمكنه أن يعطيك إجابة محددة وواضحة.
وحينما أقول إجابة واضحة أعني، من يفترض به الخروج ومخاطبة الناس والحديث معهم مقدماً أرقاماً بسيطة نهائية واضحة تبين «المبلغ الذي سيتم توفيره» من رفع الدعم، وفي جانب آخر «المبلغ الذي سيعوض به المواطن»؟!
نتحدث هنا بأسلوب بسيط وغير معقد، وهي مسألة يفترض أن يقوم عليها ارتباط المسؤولين مع المواطنين، باعتبار أن القطاعات العديدة كلها قائمة على فكرة تقديم الخدمات للمستهدف وهو المواطن في هذه الحالة، فهل هذا يحصل؟!
ليعذرنا الوزير المسؤول، إن كان وزير المالية في هذه الحالة أو غيره في حالات أخرى، حين نقول بأنه من غير المعقول أو المقبول ألا يكون هناك حديث مباشر وصريح بشأن هذه القضية التي بانت ردود فعلها واضحة، أين التواصل مع الناس وأين الحديث معهم بصراحة وشفافية؟! أليست مسألة معنية بالناس، هدفها الأول والأخير صالحهم؟! بالتالي لم لا نجلس مع الناس -حتى في مجالسهم- ونوضح لهم الصورة ونستمع لآرائهم ونجيب على هواجسهم، والأهم أن نمنحهم الضمانات والتعهدات بأن ما نقوله صحيح ولا تشوبه شائبة ولا يمكن أن يتغير بتغير الظروف؟! وهنا أعني القول بأن المواطن سيتم «تعويضه»، هذه الكلمة المطاطية التي أطلقت لكن لم يطلق معها أسلوب للقياس وسقف للمبلغ وآلية لضمان عدم تضرر أحد.
ثم المسألة الأعظم والتي لا يمكن القبول بها في بلد يمتلك «برلمان»، يفترض بهذا البرلمان أن تكون له اليد الطولى في التشريع والبت في القرارات المصيرية، بالأخص إن كانت قرارات تمس المواطن، وهنا المسؤولية مضاعفة.
مما نقرأه من تصريحات بعض النواب نستنتج أن حال النائب والمواطن «حال واحد»، الاثنان في حيرة ومحاولة بحث عن إجابة لعديد من التساؤلات، فالنواب يستغربون اتخاذ قرار بهذه الطريقة وبمعزل عنهم، والمواطن يتوجس مما سيواجهه من جراء هذا القرار، وللمرة المليون أقول لا تلوموا المواطن، المواطن البحريني صبور جداً، لكن التجربة أثبتت له –وللأسف- بأن ليس كل ما يعلن من مشاريع تبدأ بديباجة تركز على «أن المواطن هو المحور»، ليس كل ما يعلن تأتي نتائجه بنفس ما يعلن عنه، إذ هناك دائماً مفاجآت في الطريق ومطبات و«عجز اكتواري» وغيرها.
الشفافية مطلوبة، والوضوح مع الناس واجب على الدولة، ولو كان لدينا مسؤولون واضحون يتحدثون مباشرة ويتكلمون بأساليب بسيطة تصل للناس بمنأى عن الحديث «المبهم» أو الذي يفسر على «ألف تفسير» لكان حال الناس أفضل، ولما وجدنا حالة «هرج ومرج»، أقلها الناس ستكون عارفة بما سيحصل، مثلما يقول المثل «اللي أوله شرط آخره نور».
عموماً، شكلها السنة الجديدة ستكون سنة «الرفع»، ليست رفع رواتب أو رفعاً للكفاءات، بل رفعاً» لـ«الدعم» عن السلع، والله يستر.
اتجاه معاكس..
فقط نصيحة لمن يفاجئون المجتمع بمثل هذه القرارات، والتي يبدو أنها نتيجة استشارات لا تراعي الناس ولا نفسياتهم ولا أحوالهم. يا جماعة، نصف النجاح في أي مشروع يتعلق باختيار التوقيت المناسب، بالتالي من غير المعقول أن يخرج المواطن من فرحة العيد الوطني وبدلاً أن يفاجأ بمفاجآت تسعده، ينصدم بتوجهات تجعله يعيش قلقاً وخوفاً على مستقبله ومستقبل أبنائه.
التوقيت مهم، لكن الأهم المضمون الذي يقال ويطرح، إذ حتى لو اخترت أفضل توقيت لطرح فكرة تمثل للناس تهديداً، فلن تنجح أصلاً.