لعل البعض شاهد الفيلم المصري القديم «من يطفئ النار»، والذي تدور أحداثه حول الحرب الأهلية في بيروت، وكيف أن هذه الحرب أهدرت دماء أبرياء، وانقسم البلد الواحد إلى جماعات وأحزاب تنتقم من بعضها بعضاً باسم الدين أو المذهب، مما جعل بطل الفيلم الفنان وليد توفيق يفر من بلاده «بيروت» ويذهب إلى مصر.
والواقع المرير بأن البعض من داخل البحرين وخارجها يريد أن تصبح البحرين لبنان آخر، ونيرانها لا تنطفي، وهذا ما يسعى إليه حزب الله والأيديولوجية الدموية التي يؤمن بها. فخونة وأعداء البحرين يحاولون بكل مكر تعلموه وبكل حيلة تدربوا عليها أن يبيعوا البحرين بثمن بخس. فأي تجارة تلك وأي صفقة يراد بها أن تتحول بها البحرين إلى رماد وحطام.
أعجب لمن يدعي الوطنية ويدعي أن البحرين بلاده وبلاد أجداده وأنه حامٍ لها عند الشدائد، فمن المفترض أن يكون الوطني محباً لوطنه البحرين وليس لإيران، ومن المفترض أيضاً أن من يحارب الفساد بكل أشكاله ألا يكون مفسداً، ومن المفترض كذلك أن من يريد الإصلاح لا يعيث في الأرض الخراب والدمار، فكيف يكون وطنياً ونموذجاً للمواطنة الصالحة ما لم يكن قدوة صالحة ومثالياً في سلوكه يخاف على الوطن ومكتسباته، وأن يكون حامياً وحارساً للبحرين وليس خادماً لإيران وحزب الله.
أتعس الشعوب هي تلك التي تبيع ضمائرها للعدو وتسمح له أن يدمر أمجاد وتاريخ ولحمة الوطن. لا تلتقي الروح التي تدعي الورع والإسلام والصلاح بالروح التي تريد زوال الأمة، ولا يمكن لليد التي تقدم الورد هي نفسها أن تخبئ الخناجر.
فمن يطفئ النار في هذا البلد؟ ومن يردع الأيدي التي دوماً تسكب الوقود حتى تشتد لهيب النيران وتكبر وتستمر إلى ما لا نهاية؟ فإذا كان قادة الرأي لهذه الجماعة هم أصلاً إرهابيون يلبسون لباس الإسلام وهم من يتاجر في أمن الوطن، فمن هو صديقك ومن هو عدوك؟ وأي نار ستنطفئ؟.
مصيبتنا في البحرين أننا نعلم خونة الوطن، وهم يتحركون باسم حرية الرأي والتعبير وباسم الديمقراطية. وباسم ولاية الفقيه أشعلت نار الفتنة ونار الطائفية ونار الحقد الفارسي على الأمة العربية. فإذا وجد حزب الله اللبناني الأرضية التي تستطيع أن تنفذ أجندة ولاية الفقيه فالبحرين غير لبنان. وإن كان لبنان قد اغتصب قسراً، فالشعب البحريني لن يهيئ لأن تكون بلاده لبنان آخر.
من يطفئ النار عنوان مقتبس ولكن هل من عقلاء يطفئون نيران الكراهية التي تبثها إيران لهذا الوطن؟ هل من عقلاء يتأملون الوضع في لبنان والعراق؟ هل من عقلاء يدركون بأن النار قد تحيط بهم في النهاية؟.
أحاطت على أوطاننا أطواق من النيران باسم الحرية، فأي حرية هذه التي تكبت حرية المواطن وتسحقها، وأي حرية نريدها ولا نعلم لأي مدى تأخذنا الحريات الأخرى أو إلى أي هاوية تريد بنا شراً، أهذه الحرية التي ننشدها أم تسوقنا حريات الآخرين وسحقاً لحريتنا وأمننا؟ فهل أصبحنا نعيش في دوامة الحريات التي تطمس حريات الآخرين، أم في دوامة ديكتاتورية الأيدلوجيات؟.
المهم من ذلك كله أن بطل فيلم «من يطفئ النار»عاد إلى بلده واستسلم للواقع المر، وعليه أن يصبر إلى أن تحل الأزمة. وطبعاً في نهاية الفيلم لم تحل القضية ولم تنطفئ النار.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}