ما يسعى إليه ذلك البعض الذي رمى وراء ظهــره كــل الوطــــن وداس علــــى كـــــل قيــم العيش المشترك والعشرة، وكل المبادئ والالتزامات هو إيصال رسالة إلى الخارج ملخصها أن البحرين تفتقد الاستقرار، وأن الفوضى تركب يومها من أول النهار إلى آخر الليل وأن الظلم شامل الجميع بمن فيهم من يعتبرونه مغلوباً على أمره ومخدوعاً في نية وتوجه الحكم الذي صاروا يصفونه بأقــذع الأوصاف ويرمونه بأكثر التعبيــرات الفاقدة للأدب، وأن الفساد مسيطر وأن أهل البحرين يستغيثون، وبالتالي فإنه لا بد من إنقاذ البحرين وشعب البحرين.
أما المؤسف في هذا الأمر فهو أن الخارج يصدق كلاً أو بعضاً من هذه الدعاية الفاسدة من دون أن يتحقق من المعلومة ويعرف ما يجري أو يتعرف على وجهة نظر الطرف الآخر، فيقرر أن البحرين بالفعل هي هكذا وأن الوضع فيها هو مثل ما ينقلونه إليه وزيادة، وأنها بلاد طاردة؛ الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. يعين على ذلك العلاقة التي توطدت بين ذلك البعض وبين المنظمات الحقوقية الدولية التي تعتبر كل ما يصلها من الحكومة فاقداً للصدق ودون القيمة، وكل ما يصلها من ذلك البعض الذي تطلق عليه اسم «المعارضة» حقيقة لا جدال فيها.
يضاف إلى هذا؛ العمل الإعلامي الذي يمارسه أولئك القابعون في الخارج الذين يعتمدون سياسة «العمل من الحبة قبة»، ويعملون ليل نهار على مشروع الإساءة إلى البحرين والدعوة إلى «إنقاذ شعب البحرين»!
وبسبب الدعم غير المحدود الذي يحصل عليه ذلك البعض من دول لم تعد مطامعها خفية، فإن الصوت الصادر عن ذلك الإعلام تجده «يلعلع» ولا يفوت أي صغيرة كي يصنع منها «فيلماً» يؤلب العالم ضد البحرين، والحال أن من يزورها ليومين فقط يكتشف أن كل ما وصله من كلام وصراخ لا علاقة له بالحقيقة والصدق، حيث الواقع في البحرين هو عكس ما يحاول ذلك البعض ترويجه عنها.
نحن إذاً أمام مخطط إرهابي خطير؛ سلاحه الأكبر هو الإعلام الذي يعتمد أسلوب المبالغة والتهويل والتضخيم بغية ضرب الاقتصاد بتخويف المستثمر الأجنبي ودفعه نحو اتخاذ قرارات سلبية، وكسب التعاطف الخارجي الذي يعينهم على الاستمرار وتبرير أفعالهم.
لم يعد الإرهاب في الشوارع فقط؛ فأسلوب اختطافها وإشعال النيران في إطارات السيارات وتعطيل حياة الناس صار مجرد عمل يتم بحكم العادة. فالإرهاب الحقيقي هو في الإعلام الذي يوظفه ذلك البعض اليوم مستفيداً من خبرات تلك الدول المساندة له والتي تلتقي أهدافها بأهدافه.
استغـــلال المناسبـــات الدينيـة وتنظيــــــم المظاهرات ومعارض الصور وعرض أفلام الفيديو التي تخاطب العواطف كالتي أقيمت في كربلاء في ذكرى أربعينية الإمام الحسين جزء من الاستراتيجية الإعلامية التي تحظى بدعم لا محدود من تلك الدول والمنظمات، وكذلك المعارض والاعتصامات التي يتم تنظيمها ولو لوقت قصير في بعض الدول الأوروبية، خصوصاً في بريطانيا، كلها تخدم الغاية نفسها، فالمهم دائماً هو إدخال تلك المعلومات التي يعتبرونها حقائق في آذان العالم كي يتخذ من تصله أخبار «المظالم» موقفاً من الحكم في البحرين يعين ذلك البعض على تحقيق أهدافه وغاياته وأحلامه.
هــذا جانــب مـن الظلم الذي يمارسه الأبناء العاقون على وطنهم الذي احتضنهم والذي لا مآل لهم غيره، وهو تأكيد على أن الوطن لم يعد يعني لهؤلاء شيئاً، حيث المهم هو العمل على تحقيق ذلك الحلم المستحيل. فللدولة البحرينية من القوة ما تفشل معها كل محاولة لإضعافها. دون أن يعني هذا الركون إلى هذه الحقيقة والاستكانة، فالإعلام الذي يمارسونه خطير ولا سبيل لمواجهته إلا بإعلام قوي أساسه توضيح الحقيقة للعالم وبيان زيف ما يطرحه ذلك البعض والتأكيد على أنه بضاعة رديئة ودعاية فاسدة.