يقول الشاعر أبو الأسود في بيت شهير في منتصف إحدى قصائده:
لا تنـه عـن خلـق وتأتـي مثلـه
عــار عليــك إذا فعلــت عظيــم
ويتبعه ببيت آخر يقول فيه:
ابـدأ بنفسـك وانههـا عـن غيهـا
فـإذا انتهـت عنـه فأنـت حكيـم
معنى الأبيات واضحة ولا تحتاج لإيضاح أصلاً، فكم هناك من أشخاص، فئات، جماعات ترفع شعارات مثالية، تدعو بدعوات مضمونها رفيع الأخلاق، توجه دعوات مناصحة، وتنظر في المثل والمبادئ، في حين أن كل أفعالها نقيض ما تقوله؟!
المشكلة أن الكلام «مباح»، الحديث سواء أكان مقتضباً أو لساعات ليس بثمن بل «بالمجان»، وعقدة هذا الزمن تتمثل بجموع وأفراد تقول ما لا تفعل، وتنصح بما لا تقيد نفسها به.
طوال السنوات الثلاث كنا نسمع شعارات عديدة، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كلها شعارات جميلة لكن في المقابل تطبيقها بالعكس، سواء أكان صادراً من جماعات، قطاعات في الدولة وأفراد، وهي ليست ظاهرة وليدة اللحظة، بل هي معضلة تأصلت في مجتمعاتنا بالذات، إذ بتنا شعب يبيع الكلام، يقول ما لا يجرؤ أصلاً أن يفعل، يظن بأن الناس مغفلة لدرجة تصدق بأن من درج على الكذب يقول الصدق، ومن درج على زرع الفتن يمكن أن يكون حمامة سلام.
مؤخراً أصدر من سعى وخطط للانقلاب على البلد ومن كشف عن حقيقة ولائه للخارج ومن أعلن بوجه مكشوف كرهه لهذا البلد ولفئات عديدة فيه، أصدر بياناً يدعي فيه بأنه الآن من سيرفع راية التسامح ونبذ الكراهية، بياناً يأتي ليوضع مع جملة بيانات سابقة صدرت ولم تؤخذ بجدية من قبل الأطراف الأخرى التي يريد هؤلاء أن يلعبوا على مشاعرها ويستغفلونها ويقول لها: «أحباؤنا وأشقاؤنا وشركاؤنا في البلد».
كيف للطائفي أن يصدر بيانات تنبذ الطائفية؟! كيف يفعلها من قسم الناس أصلاً بين معسكرين حسينيين ويزيديين؟! طائفي ويدعي أنه المحارب الهصور للطائفية! يا لسخرية الزمن.
كيف لمن بذر هو بذرة الكراهية وغرسها في قلوب الأطفال قبل الكبار، ابتدع مفهوم المظلومية وفرض على أتباعه أن يعيشوها كل يوم وكل لحظة، زرع الجحود والنكران لكل شيء إيجابي فقط لأنه يأتي من فئات أخرى غير متفقة معه سياسياً أو طائفياً أو مذهبياً. كيف يمكن لمن يستخدم الكراهية في أشنع صورها أن يدعي أنه يحاربها اليوم؟!
لن نأتي بكلام منشأ هنا، بل الحقائق موجودة والأدلة مثبة والتاريخ لا ينسى.
من يدعي أنه سيحارب الكراهية ويدعو للتسامح هو من رفع شعارات مثل التسقيط والمــوت لكم وارحلوا، ومن قال في وجـــه الآخرين المختلفين معه سياسياً وفي أجنداته «نحن الباقون وأنتم الخارجون».
ممن يدعي أنه سيحارب الكراهية لنراجع ما يكتبه في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا مثال بسيط، انظروا للألفاظ، انظروا لمستوى البذاءة في الكلام، انظروا للانحدار الأخلاقي في الاختلاف، حروف ملآ بالكراهية، بالتمييز والتفرقة العنصرية العرقية والمذهبية، شتم وتطاول وسب بعيد كل البعد عن الكلام العقلاني المتزن، أهؤلاء سيحاربون الكراهية؟! كيف يحاربون شيئاً أصبح أساساً في تكوينهم وتشكيل مفاهيمهم ومنطلقاً لأفعالهم وأقوالهم؟! أليست «الوفاق» ومن معها من يصفون المختلفون معهم بالبلطجية والمأجورين والمرتزقة؟! أليسوا هم من يشتمون ويشوهون صورة أي شخص يختلف معهم في توجهاتهم وينتقدهم بحرف؟!
كل ما تكتبه وتقول وتقوم به هو أصلاً يكشف «منبتك» ويعرف الناس بأخلاقك، ويبين مستوى تفكيرك، وفارق بين زارع الشوك وبين زارع الطيب.
بعد أن زرعتم الكراهية وشرختم الناس، وقسمتم المجتمع مذهبياً وصنعتم برزخاً بين أبناء شعب واحد ودين واحد باسم المذهبية والمظلومية الآن تأتون لتلطموا في جنازة أنتم من قتلتم من ترفعون على النعش؟! والله قيلت، إن لم تستح فاصنع ما شئت.
هذا البيان موجه للخارج أصلاً، استهلاك إعلامي لمن يتلقفه ولا يجتهد ليصل لحقيقة ما حصل في البحرين ومن هو الأصل في الكراهية وتعزيزها وإذكائها، كذب بالكلام وهذا ديدنهم، يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ثم يصورون أنفسهم ملائكة تمشي على الأرض ألسنتها لا تخرج منها إلا الآيات وأرقى الكلام.
هي والله نكتة، طائفيون يدعون محاربتهـــم الطائفية، إرهابيون يدعون محاربة الإرهاب والآن زارعو كراهية سيحاربون الكراهية، والله المضحك بأنهم يعرفون أنهم كاذبون، يعرفون بأنهم يخدعون الناس. عموماً، بيان كحال بيانات «الكذب» السابقة «بلوه واشربوا ماءه» وأقيموا حفلات زار كلما هللت قناة إيرانية بمضمونه، وكلما نشرت وسائل إعلام عنه. الأزمة الانقلابية كشفت حقيقة الطائفي وكاره البلد والكاذب، هذه حقيقة في قلوب المخلصين لهذا البلد لا يغيرها بيان مهلهل زائف ولا يزعزعها تلون أو تغيير أقنعة.
اتجاه معاكس:
بالنسبة للحوار وما شهده مؤخراً، وهي مسألة كتبنا عنها قبل أكثر من عام حينما أعلن عن إقامته بأنه تضييع وقت وجهد وتعطيل للحراك في هذا الوطن، بالنسبة لهذا الحوار، نفس الشاعر أبو الأسود وفي نفس القصيدة يقول:
فاتـرك محـاورة السفيـه فإنهـا
نــدم وغــب بعــد ذاك وخيــم
فإذا جريت مع السفيه كما جرى
فكلاكمــا فــي جريــه مذمــوم
لا تنـه عـن خلـق وتأتـي مثلـه
عــار عليــك إذا فعلــت عظيــم
ويتبعه ببيت آخر يقول فيه:
ابـدأ بنفسـك وانههـا عـن غيهـا
فـإذا انتهـت عنـه فأنـت حكيـم
معنى الأبيات واضحة ولا تحتاج لإيضاح أصلاً، فكم هناك من أشخاص، فئات، جماعات ترفع شعارات مثالية، تدعو بدعوات مضمونها رفيع الأخلاق، توجه دعوات مناصحة، وتنظر في المثل والمبادئ، في حين أن كل أفعالها نقيض ما تقوله؟!
المشكلة أن الكلام «مباح»، الحديث سواء أكان مقتضباً أو لساعات ليس بثمن بل «بالمجان»، وعقدة هذا الزمن تتمثل بجموع وأفراد تقول ما لا تفعل، وتنصح بما لا تقيد نفسها به.
طوال السنوات الثلاث كنا نسمع شعارات عديدة، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كلها شعارات جميلة لكن في المقابل تطبيقها بالعكس، سواء أكان صادراً من جماعات، قطاعات في الدولة وأفراد، وهي ليست ظاهرة وليدة اللحظة، بل هي معضلة تأصلت في مجتمعاتنا بالذات، إذ بتنا شعب يبيع الكلام، يقول ما لا يجرؤ أصلاً أن يفعل، يظن بأن الناس مغفلة لدرجة تصدق بأن من درج على الكذب يقول الصدق، ومن درج على زرع الفتن يمكن أن يكون حمامة سلام.
مؤخراً أصدر من سعى وخطط للانقلاب على البلد ومن كشف عن حقيقة ولائه للخارج ومن أعلن بوجه مكشوف كرهه لهذا البلد ولفئات عديدة فيه، أصدر بياناً يدعي فيه بأنه الآن من سيرفع راية التسامح ونبذ الكراهية، بياناً يأتي ليوضع مع جملة بيانات سابقة صدرت ولم تؤخذ بجدية من قبل الأطراف الأخرى التي يريد هؤلاء أن يلعبوا على مشاعرها ويستغفلونها ويقول لها: «أحباؤنا وأشقاؤنا وشركاؤنا في البلد».
كيف للطائفي أن يصدر بيانات تنبذ الطائفية؟! كيف يفعلها من قسم الناس أصلاً بين معسكرين حسينيين ويزيديين؟! طائفي ويدعي أنه المحارب الهصور للطائفية! يا لسخرية الزمن.
كيف لمن بذر هو بذرة الكراهية وغرسها في قلوب الأطفال قبل الكبار، ابتدع مفهوم المظلومية وفرض على أتباعه أن يعيشوها كل يوم وكل لحظة، زرع الجحود والنكران لكل شيء إيجابي فقط لأنه يأتي من فئات أخرى غير متفقة معه سياسياً أو طائفياً أو مذهبياً. كيف يمكن لمن يستخدم الكراهية في أشنع صورها أن يدعي أنه يحاربها اليوم؟!
لن نأتي بكلام منشأ هنا، بل الحقائق موجودة والأدلة مثبة والتاريخ لا ينسى.
من يدعي أنه سيحارب الكراهية ويدعو للتسامح هو من رفع شعارات مثل التسقيط والمــوت لكم وارحلوا، ومن قال في وجـــه الآخرين المختلفين معه سياسياً وفي أجنداته «نحن الباقون وأنتم الخارجون».
ممن يدعي أنه سيحارب الكراهية لنراجع ما يكتبه في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا مثال بسيط، انظروا للألفاظ، انظروا لمستوى البذاءة في الكلام، انظروا للانحدار الأخلاقي في الاختلاف، حروف ملآ بالكراهية، بالتمييز والتفرقة العنصرية العرقية والمذهبية، شتم وتطاول وسب بعيد كل البعد عن الكلام العقلاني المتزن، أهؤلاء سيحاربون الكراهية؟! كيف يحاربون شيئاً أصبح أساساً في تكوينهم وتشكيل مفاهيمهم ومنطلقاً لأفعالهم وأقوالهم؟! أليست «الوفاق» ومن معها من يصفون المختلفون معهم بالبلطجية والمأجورين والمرتزقة؟! أليسوا هم من يشتمون ويشوهون صورة أي شخص يختلف معهم في توجهاتهم وينتقدهم بحرف؟!
كل ما تكتبه وتقول وتقوم به هو أصلاً يكشف «منبتك» ويعرف الناس بأخلاقك، ويبين مستوى تفكيرك، وفارق بين زارع الشوك وبين زارع الطيب.
بعد أن زرعتم الكراهية وشرختم الناس، وقسمتم المجتمع مذهبياً وصنعتم برزخاً بين أبناء شعب واحد ودين واحد باسم المذهبية والمظلومية الآن تأتون لتلطموا في جنازة أنتم من قتلتم من ترفعون على النعش؟! والله قيلت، إن لم تستح فاصنع ما شئت.
هذا البيان موجه للخارج أصلاً، استهلاك إعلامي لمن يتلقفه ولا يجتهد ليصل لحقيقة ما حصل في البحرين ومن هو الأصل في الكراهية وتعزيزها وإذكائها، كذب بالكلام وهذا ديدنهم، يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ثم يصورون أنفسهم ملائكة تمشي على الأرض ألسنتها لا تخرج منها إلا الآيات وأرقى الكلام.
هي والله نكتة، طائفيون يدعون محاربتهـــم الطائفية، إرهابيون يدعون محاربة الإرهاب والآن زارعو كراهية سيحاربون الكراهية، والله المضحك بأنهم يعرفون أنهم كاذبون، يعرفون بأنهم يخدعون الناس. عموماً، بيان كحال بيانات «الكذب» السابقة «بلوه واشربوا ماءه» وأقيموا حفلات زار كلما هللت قناة إيرانية بمضمونه، وكلما نشرت وسائل إعلام عنه. الأزمة الانقلابية كشفت حقيقة الطائفي وكاره البلد والكاذب، هذه حقيقة في قلوب المخلصين لهذا البلد لا يغيرها بيان مهلهل زائف ولا يزعزعها تلون أو تغيير أقنعة.
اتجاه معاكس:
بالنسبة للحوار وما شهده مؤخراً، وهي مسألة كتبنا عنها قبل أكثر من عام حينما أعلن عن إقامته بأنه تضييع وقت وجهد وتعطيل للحراك في هذا الوطن، بالنسبة لهذا الحوار، نفس الشاعر أبو الأسود وفي نفس القصيدة يقول:
فاتـرك محـاورة السفيـه فإنهـا
نــدم وغــب بعــد ذاك وخيــم
فإذا جريت مع السفيه كما جرى
فكلاكمــا فــي جريــه مذمــوم