لا يلبث أهل الخليج في نقاشاتهم أن يتطرقوا إلى موضوع إيران والغرب والسلاح النووي الإيراني، غير أن ما يطرحه شباب الخليج ربما متقدم عما يطرحه بعض أصحاب القرار.
شباب الخليج يقولون؛ لماذا نلاحق إيران نريد منعها من السلاح النووي، هذا لن يجدي وسط تواطؤ غربي أمريكي معها، إلى متى نبقى نتفرج على حصول إيران على السلاح النووي ونحن على الضفة الأخرى ننادي بضرورة أن يكون استخدام إيران للطاقة سلمياً؟
هذا في تقديري يشبه العبث، المطلوب اليوم أن نتبادل مع إيران موضوع (الردع النووي) هذا هو المطلوب، فكما تستخدم إيران الطاقة للأغراض (السلمية) نستخدمها نحن بذات طريقة استخدام إيران (مثلما يكذبون علينا نكذب عليهم).
الأمير تركي الفيصل قال أمس الأول في ختام حوار المنامة إن السعودية ستذهب إلى تبني استخدام سلمي للطاقة النووية، وهذا تصريح هام وتحول مهم جداً في السياسة السعودية باتجاه تبادل «الرعب النووي» مع أي طرف، إيران، أو الصهاينة، وهما سواء في العداء لنا.
بعيداً عن تصريحات الأمير تركي الفيصل، فقد نشرت مواقع روسية أنباء عن زيارة مسؤول رفيع لموسكو تستمر عدة أيام، المواقع قالت إنه بندر بن سلطان، وبينت أن الهدف من وراء زيارته ربما بناء مفاعل روسي في المملكة العربية السعودية..!!
هذا ما يتردد، لا أستطيع الجزم بالأنباء غير أنها متداولة في المواقع الروسية، كما إن تسلسل الأحداث وتواليها والسكوت الغربي عن إيران وعقد صفقات معها ربما يجعلنا نقول إن هذا الأمر غير مستبعد من السعودية، بعد أن خطت الإمارات خطوات متدرجة للاستخدام السلمي للطاقة النووية.
في ذات السياق فإن هناك من يرجح أن المملكة العربية السعودية تمتلك رؤوساً نووية، وأنها أيضاً لديها صواريخ بعيدة المدى ربما صينية، قادرة على حمل الرؤوس النووية، حتى أن هناك توجسات أمريكية وغربية من العلاقة السعودية الباكستانية، والسلاح النووي الباكستاني، فالأمريكان يظنون أن السلاح النووي الباكستاني كان بتمويل سعودي، وإن كان كذلك فإن السلاح النووي الباكستاني يعتبر سلاحاً نووياً سعودياً.
من هنا فإن موضوع تبادل الرعب، أو توازن الرعب، في المنطقة أصبح قائماً حتى قبل الأنباء الروسية من أن هناك اتفاقاً على بناء مفاعل روسي نووي سلمي بالسعودية، إلا أن السعودية على ما يبدو لن تتوقف عند الحصول على رؤوس نووية، بل تريد أن يكون لديها مفاعل نووي للاستخدام السلمي للطاقة، يشابه سلمية مفاعل إيران.
الخطوة السعودية كان يجب أن تحدث منذ زمن بعيد في اعتقادي الشخصي، فقد سكت الغرب اليوم عن إيران، بينما لو كانت هناك خطوة خليجية مماثلة لإيران فإن الغرب سيحاول منع العرب، والإيرانيين على حد سواء.
المطلوب اليوم هو أن تسارع السعودية من جهة، ومصر من جهة أخرى للحصول على مفاعلات نووية للاستخدام السلمي على غرار إيران والصهاينة، توازن الرعب في المنطقة لابد أن يشمل مصر كدولة صاحبة قوة وحدود مشتركة مع الصهاينة، هذا ما سيجعل الأمريكان والصهاينة يتحركون باتجاه منع مصر من الحصول على المفاعلات النووية.
غير أن على مصر والعرب أن يطرحوا ملفات إيران والدولة العبرية على حد سواء، ملف مقابل ملف، وإلا فإن ما يحدث اليوم إنما هو إعطاء القامة الطولى للدولة العبرية، وللدولة الصفوية، على الدول العربية.
لا ينبغي أن نقف موقف المتفرج بينما الآخرون يتطورون نووياً، ويصبح لهم ذراع قوي طويل ونحن لدينا أصابع صغيرة، هذا يخل بالتوازنات الإقليمية بالمنطقة بأسرها.
شخصياً أرى ضرورة حصول السعودية على المفاعلات النووية، وضرورة حصول مصر عليها أيضاً، إن كنا نريد الجلوس على طاولات الحوار والمفاوضات وجميع الرؤوس متساوية (إن كنا نريد احتراماً من الغرب كذلك) والجميع يجلس كند قوي للآخر، فإن على السعودية ومصر أن تمتلكا ما تمتلكه إيران من مفاعلات نووية كما يقول الإيرانيون إنها سلمية..!