تداولت وسائل التواصل الاجتماعي خبر منح اللجوء السياسي لعضوين من الوفاق وصحافية، خرجوا من البحرين أيام الأزمة، ولا ندري صحة الخبر أم لا، إنما ما الجديد؟ ولم طرح البعض تساؤلاً حول حقيقة «الصداقة» البريطانية البحرينية وحقيقة تصريحات المسؤولين البريطانيين حول حرص السلطات البريطانية على أمن واستقرار البحرين؟
السؤال الذي يجب أن يفرض نفسه هل حقاً تجهل السلطات البريطانية علاقة مجموعة كبيرة ممن تمنحهم اللجوء السياسي بإيران؟ هل فعلاً هي بحاجة للأدلة والبراهين التي تطلبها من السلطات البحرينية حول ارتباط العديد من الأسماء الناشطة في لندن بإيران؟
السؤال الثاني هل حقاً لا ترى السلطات البريطانية أي ارتباط بين نشاط هذه المجموعات وتصاعد العنف في البحرين؟
تملك السلطات البريطانية معلومات وأدلة تفصيلية أكثر من السلطات البحرينية عن الارتباط التنظيمي لطالبي اللجوء السياسي الموجودين لديها مع إيران، ليس هذا فحسب بل إنها حين تدعي الحرص على أمن البحرين فإنها تمنح البساط السحري للحرب الخفية على البحرين لينطلق من الأراضي البريطانية يمتطيه من تعرف جيداً وبلا مواربة عمالتهم لإيران.
سعيد الشهابي الأب الروحي للبحرينيين اللاجئين بلندن له منصب مهم في التنظيم الدولي لحزب الدعوة منذ مطلع الثمانينات، والشهابي وبإقراره من خلال ما كتبه في مذكراته، عمل خادماً للجمهورية الإسلامية الإيرانية، فهو الذي كتب يقول إنه أسس معسكراً في الأهواز شاركت كوادره في معارك ضد النظام العراقي أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وقد ذكر الشهابي في مذكراته أسماء مجموعة من البحرينيين الذين انضموا إلى ذلك المعسكر وقتلوا وهم يحاربون في الصف الإيراني كما ذكرنا أمس.
وذكر الشهابي في مذكراته أيضاً أنه كان ينظم مظاهرات في لندن لصالح نظام الثورة الإسلامية في إيران، وعينته السلطات الإيرانية محرراً في مجلة العالم الإيرانية عام 1983، ثم رئيساً لتحريرها، في ذلك الوقت ترأس الشهابي تنظيم «حركة أحرار البحرين الإسلامية»، التي انضم إلى عضويتها آنذاك كل من: عبدالنبي علي، ومجيد العلوي، وسالم النويدري، وجميل الجمري، ومنصور الجمري.
هذه المعلومات ليست مخفية عن السلطات البريطانية، كما إنها تعلم أن الشهابي يدير وقفاً عقارياً خصصته الجمهورية الإيرانية لمساعدة كل بحريني شيعي يطلب اللجوء لإيران.
منذ الثمانينات والسلطات البريطانية تتابع كل نفس يتنفسه الشهابي وكل حراك يقوم به بالتنسيق المنظم مع إيران، إنما بعد مرور نحو 22 سنة على عمله الدؤوب في خدمة نظام الثورة انطلاقاً من لندن، اكتشف الإعلام البريطاني فجأة أن الشهابي يعمل على خدمة الحكم في إيران ويحظى بتمويل سخي من طهران لنشاطه المشبوه في العاصمة البريطانية!! هل تريدوننا أن نصدق ذلك؟!!
في 30 أغسطس 2011 كتب «TomHarper» في صحيفة «London Evening Standard» عن علاقة الشهابي التنظيمية والمالية بإيران!!
وإذا كانت هذه الحقائق قد غابت طوال هذه الفترة عن الإعلام البريطاني، فإنها موثقة عند السلطات البريطانية التي تعلم علم اليقين بنشاط الشهابي التنظيمي مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية ومع زملائه من العراقيين في حزب الدعوة مثل: موفق الربيعي، وليث كبة، وعادل عبدالمهدي، وإبراهيم الجعفري، لدعم نظام الثورة في إيران. وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية أصبحت غالبية أعضاء هذه المجموعة جزءاً من خلية العمل التي شكلتها بعض الأجهزة الأمنية في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 للعمل على الإطاحة بنظام صدام حسين، ثم أصبحت بعد ذلك هي الطغمة الحاكمة هناك، لتساعد أمريكا وبريطانيا على احتلال العراق.
علاقة هؤلاء بإيران غير خافية عن السلطات البريطانية مما يؤكد إما وجود تنسيق بين الاثنين الاستخبارات «الإيرانية والبريطانية» أو التفاهم المسكوت عنه -على أقل تقدير- حول المصالح المشتركة بين الاثنين.
هكذا تعمل أجهزة الاستخبارات البريطانية، تعطي سلطاتها اللجوء السياسي لعملاء إيران، ثم تستخدمهم أوراقاً تمسح بها أحذيتها حين تعوز خرقة للمسح ثم تطلب الأدلة من السلطات البحرينية على علاقة هؤلاء بإيران!!
عدد الذين وفدوا إلى العاصمة البريطانية فور انتهائهم من الدراسة بالحوزة الدينية في قم كبير ومنهم علي سلمان الذي انتقل إلى لندن بعد إتمام دراسته الدينية في قم وانضم إلى مجموعة الشهابي خلال الفترة 1995-2001، والنائب السابق في البرلمان البحريني محمد المزعل الذي درس في الحوزة الدينية بقم حتى عام 1989، ثم انتقل إلى لندن لينضم إلى المجموعة نفسها حتى عام 2001.
ومنهم كذلك عضو «الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين» التي نشأت في إيران؛ عبدالرؤوف الشايب الذي يصف نفسه بأنه: «يتبع نهج ولاية الفقيه المتمثل في خط المرجعية الدينية والسياسية لولي أمر المسلمين وقائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله العظمى الإمام الخمنئي دام ظله الوارف»، والذي حصل على حق اللجوء السياسي عام 2006، وكذلك زميله في الجبهة كريم المحروس الذي كان ناطقاً باسمها في بيروت حتى عام 1990، ثم انتقل بعد ذلك للإقامة في لندن، إضافة إلى أسماء كثيرة منها: حسن مشيمع، وابنه علي مشيمع وقاسم الهاشمي وغيرهم من المنتمين للتيار الشيرازي الراديكالي العنيف الذين تلقوا التدريب والتمويل من إيران قبل أن يأتوا إلى لندن ويتحدث العديد منهم بصراحة عن ضرورة ضم البحرين إلى إيران في شهر أكتوبر 2012.
جميع تلك المعلومات معروفة ومتداولة ولا تجهلها السلطات البريطانية، فإن هي منحت اليوم حق اللجوء السياسي لشخص قدم نفسه علناً وعلى رؤوس الأشهاد ولم ينكر حين واجهه من سمعه ورآه بأنه و-بكل فخر- خادم لرئيس الجمهورية الإيرانية فما الجديد؟ ألم تمنح اللجوء سابقاً لمن قبل رأس نجاد من قبل؟ إنها إذاً مجرد حلقة جديدة في مسلسل استضافة عملاء إيران، وحلقة جديدة من مسلسل التعاون الإيراني البريطاني ضد البحرين.