تعليقاً على جزئية في مقال أمس بالنسبة لكبار المسؤولين من وزراء ووكلاء باعتبار أنهم «موظفون» في الدولة وأنهم «يخدمون» الوطن والمواطن من مواقع عملهم وانطلاقاً من مناصبهم، يقول لي أحد المواطنين: «يا فيصل، أنت إما مجنون أو حلمان».
.. «شدعوة، طيب ليش أخي الكريم؟!».. يرد ويقول: «من المجنون الذي سيقف اليوم أمام وزير أو مسؤول وإن كان مقصراً وإن كان الخطأ راكباً إياه من قمة رأسه لأخمص قدميه، ليقول له أنت مخطئ أو اعمل بضمير أو هذه أخطاء واجبك أن تصححها؟!».
يواصل: «موظفون في وزارات لا يجرؤون حتى على مناقشة كبار مسؤوليهم، ومن ينتقد أو يعبر عن رأيه يوضع في «بلاك لست» أو يضيق عليه في عمله أو تعطل ترقياته وغيرها».
سألته: ومنذ متى أصبحت الوزارات والقطاعات الحكومية ملك وزراء أو مسؤولين وكأنها جزء من بيوتهم أو ورث توارثوه؟!
رد علي بانفعال: «ما قلت لك حلمان!».
أجبته: بل على النقيض، أدرك تماماً ما آلت إليه حالة بعض القطاعات بسبب سوء إدارة مسؤولين غيرتهم الكراسي والمناصب، وأعرف تماماً كيف تكون حالة الموظفين في مثل هذه الأماكن والتي تدفعهم للسير جنب الحائط خوفاً على أوضاعهم، لكن ما أؤمن به بأن المجنون أو الحلمان هو من يقنع نفسه بأن السكوت والقبول بالخطأ هو التصرف الصحيح، أبداً هذه سلبية بل هي مشاركة في تعزيز الخطأ، في وقت دستور البلد يصون حرية التعبير، وفي وقت رموز البلد وقادتها يطالبون الجميع بالمشاركة في البناء والتصحيح ويشددون على أن كل مسؤول مهما كان نسبه مهما كان وضعه مهما كانت قدراته واجبه «أكرر واجبه» خدمة وطنه والمواطنين.
الخطأ اليوم أن يسكت الشخص عن الأخطاء، وفي السكوت تستر بل مشاركة في الخطأ. وهنا لا نقول بأن عدم السكوت يعني الإساءات والشتم وإطلاق البذاءات والشخصنة، بل عدم السكوت يعني الكلام بالحق والعدل والإنصاف والمناصحة لأجل تصحيح الاعوجاج.
لدى كل مواطن، كل موظف، أرضية قوية يستند عليها في ممارسات التصحيح، تنطلق من دستور البلد، رؤية قيادتها وحسن نيتها في الإصلاح، وقبل ذلك تنطلق من تعاليم ديننا الحنيف بإنكار المنكر بدرجاته، بالتالي إن كان المواطن يمارس دوره في الإصلاح والانتقاد بكل حضارية ورقي وحب لهذا الوطن، فمم يخاف ويخشى؟! والله الدولة والقيادة لن تستاء من مواطن يساهم في الإصلاح. على المواطن أن يزيل هذه الخطوط الحمراء التي صنعها هو بنفسه، والتي سمح لبعض المتنفذين ومسيئي استخدام المناصب بوضعها.
المسؤول السلبي والمسؤول الذي يرتكب الأخطاء هو من عليه أن يخشى اليوم من المساءلة، عليه أولاً أن يخشى غضب المواطن وعليه أن يخشى محاسبة الدولة له إن زاد في غيه وعبثه في قطاع عام هو ملك للدولة ومسخر لخدمة الناس.
يرد علي محدثي: «طيب، وما الحل من الدولة مع كل مسؤول تغطرس وتعالى على الناس واعتبر المنصب ملكية خاصة؟!».
هنا أكرر نفس ما قلته أمس، لا نريد فراعنة في غيهم يتفوقون على فرعون، ولا طواويس في كبرهم وغرورهم يمسخون غرور قارون. كل مسؤول يصر على هذه الممارسات لا يجب أن يستمر و«يبتلش» به الناس، إما أن ينصلح أو يتم إجلاسه في بيته، ففي وجوده ضرر أكثر من النفع.
كل مسؤول اغتر بموقعه، رجاء «قشعوا» أبواب مكاتبهم، بل أنزلوهم من الأبراج العاجية وضعوا مكاتبهم في «رسبشن» وزاراتهم ليكونوا أول من يحتك بالموظفين والمراجعين، عل وعسى يتذكر بأنه موجود لخدمة الناس.
لسنا نقسو على أحد هنا، لكن نقول الخطأ يجب أن يصلح، الاعوجاج يجب أن يقوم، ولا أحد أعز من البحرين وأهم منها.