خرجت أمس وأمس الأول أخبار شعرت أن الناس تفاعلت معها كثيراً، فخبر حكم الإعدام الصادر أمس بحق أحد الإرهابيين أسعد من يحب البحرين، غير أنه أيضاً جعل لدينا توجسات وتساؤلات، هل هذا الحكم نهائي ونافذ؛ أم أن هناك درجات تقاضي أخرى قد يعاد فيها الحكم؟ فقد اعتدنا على أن تصدر أحكام قوية أولاً ومن ثم يأتي موسم التخفيضات في السنوات والعقوبة.
غير أن السؤال هنا؛ كم حكم إعدام ينتظر المصادقة؟ أليس من الواجب تنفيذ الأحكام التي صدرت من القضاء؟
أولى خطوات مكافحة الإرهاب هي أن تصدر أحكام القصاص من قتلة رجال الأمن وقتلة المواطنين والمقيمين في الشوارع، هذه أولى الخطوات، بينما يشعر الناس وكذلك الإرهابي أن الأحكام سهلة ولن تصل للإعدام، بل من يقف خلف الإرهابيين يقول لهم نحن سنخرجكم بصفقات مع الدولة لا تخافوا من الأحكام.
في مجلس النواب أمس الأول قال نواب عن كتلة الأصالة كلاماً قوياً مختلفاً عن بقية الكتل والجمعيات، قالوا: «إن لم تتخذ الدولة إجراءات قوية ضد الإرهابيين لفرض الأمن فإن كتلة الأصالة ستنزل للشارع»، وهذه رسالة قوية، إن كانت الأصالة جادة فيما تقول.
كل ما يجري ويحدث يتطلب من الدولة أن تعيد استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب، هناك قصور، ويجب تدارك ذلك، ويجب أن تدعم الاستراتيجية والقرار السياسي، الإرهاب يتطور وتتطور أساليبه، بينما لا تتطور بالمقابل استخدام التقنيات الحديثة في مكافحة الإرهاب، نتمنى أن يزود رجال الأمن بكل الأجهزة التقنية الحديثة التي تسهل مهمتهم، وتحد من إصابات رجال الأمن، أعتقد يجب بحث ذلك بقوة اليوم.
في جلسة النواب أيضاً قالت النائبة لطيفة القعود كيف «نشاهد وجوهاً تحمل الحقد ضد أهل البحرين وقيادة البحرين ونجلس معهم على طاولة الحوار».
وهذا كلام مهم جداً وصريح جداً، فليس مع الخائن حوار، ولا تنازلات، يكفي تنازلات لتمكين الخونة من الانقلاب القادم.. والله يكفي.
على الجانب الآخر قال النائب علي الدرازي في جلسة أمس الأول كلاماً مهماً يتعلق بالوزراء، وأحسبه صحيحاً إلى حد بعيد، حيث قال: «إن 95% من إجابات الوزراء «مراوغة»..!
وإن كانت إجابات الوزراء على النواب مراوغة، فكيف تكون إجابات الوزراء على المواطنين والصحافة؟
جزء كبير من مشكلتنا يتعلق بأداء بعض الوزراء، وفي الإنجاز، وفي متابعة مشكلات الناس، وهذا يتطلب وقفة صريحة من الحكومة الموقرة، والتي يجب أن تراقب أداء وإنجاز وعمل الوزراء، فكثير من الناس يسجلون شكاوى على الوزارات الخدمية التي تؤخر إنجاز معاملات المواطنين، فيجب ألا يعتبر هذا الموضوع هامشياً.
منذ أن تصدى سمو لي العهد -حفظه الله ورعاه- لموضوع الفساد وملف مخالفات ديوان الرقابة المالية، ونحن نقرأ بشكل شبه يومي عن قضايا الفساد التي تحال إلى النيابة العامة.
اللافت اليوم أن بعض الوزارات التي لديها قضايا فساد أخذت تحيل القضايا إلى النيابة من تلقاء نفسها، وهذا يظهر كم أحدثت الجدية في محاربة الفساد في تحريك القضايا من جانب الوزارات، ويبدو أن ذلك خوف من جانب الوزارات من تقرير ديوان الرقابة القادم، والإجراءات التي ستتخذ.
حين بدأت الجدية في متابعة قضايا الفساد، بدأ الخوف لدى الوزارات من تقرير ديوان الرقابة القادم، وهذا ما كنا نطالب به كصحافة، فقط أحيلوا من عليه إثباتات إلى النيابة والجهات القانونية والقضائية، إما أن تصدر حكماً بالبراءة أو الإدانة.
ما أن تقرأ ما ظهر إلى السطح من قضايا فساد مالي وإداري، وهو يشبه فتح الغطاء بشكل بسيط جداً، حتى خرجت هذه القضايا، والمخفي أعظم.
ما نريده اليوم من الدولة ومن ديوان الرقابة المالية أن تشمل المخالفات (إن وجدت) الوزارات السيادية، فلا يعقل أن الوزارات غير السيادية فقط هي التي تحال قضاياها للنيابة العامة، والوزارات السيادية (لا حس ولا خبر)، هذا لا يتصالح مع العقل ولا المنطق، القانون على الجميع، وعلى كل الوزارات والوزراء، هذا هو العدل.
أعود إلى موضوع الأمن، فقد حدثت تفجيرات أخرى في الأيام الماضية، وأقول إن استراتيجية مكافحة الإرهاب يجب أن تعاد (إن كانت هناك استراتيجية أصلاً) مع أخذ آراء الخبراء ومن هم في الميدان، والذين في الميدان لديهم رؤية حقيقية أكبر من الذين يجلسون خلف المكاتب.
يجب ضرب الإرهاب طوال العام، وتفكيك خلاياه، واختراق جماعاته، والكشف عن مخازن الأسلحة التي هي كثيرة في البحرين، لا يجب أن تتعامل الدولة مع الإرهاب بطريقة ردة الفعل، هذا هو سبب فشل مكافحته.
تهديد الأصالة هل هو (تهويش) أم كلام جدي؟ فمواجهة الإرهاب تتطلب موقفاً قوياً من جميع القوى الوطنية، وأن يكون الموقف موحداً، من الإرهاب ومن الجلوس مع الخائن على طاولة الحوار، هذا هو المطلوب.