شيئاً فشيئاً يجبرك واقعك المعاش -وللأسف- أن «تكفر» بكثير من قناعاتك «قسراً»، وأعوذ بالله من الكفر والشرك.
الواقع يختلف تماماً عن الخيال، وكثير من الحالمين حققوا أحلامهم حينما كان الزمن جميلاً ويسوده الهواء النقي النظيف، وحينما كانت الدنيا مازالت متمسكة بما تبقى لها من مبادئ، أقلها كانت تتشبث بها بالتالي كانت الأمور تدور حولها.
لكن في زمن اليوم سقط كل شيء، وآخر الأوراق المؤلم سقوطها هي تلك المسماة بالمبادئ والثوابت، بعض السقوط يكون قسرياً، وهذا مؤلم بشدة لتداخل الظروف فيه وتحولها لرياح عاتية تأتي على كل شيء ولا تذر، وبعض السقوط الآخر يكون اختيارياً حينما يرى البعض أن المبادئ ما هي إلا حجر عثرة أمام تحقيق ما يريد، أو حينما يصل بالبعض الآخر اليأس من السير «وحيداً» في طريق مظلم محفوف بالشوك والاستهداف فقط لأنه ماسك على الجمر ملتزم بمبادئه.
لذلك، كنت ومازلت أقول بأن أفلاطون كان مجنوناً!
جنونه لم يكن ناجماً عن هلوسة أو شتات ذهني أو عجز عقلي، بل جنون حالم يريد أن يصنع عالماً خيالياً لا يمكن أن يتحول إلى واقع أبداً، لأن أدوات تحويله لواقع هم البشر، ومن بين الملايين تجد عشرات فقط هم من يؤثرون السير في ذاك الطريق المظلم، سيراً منفرداً لا يؤثر أمام أمـــواج هائلة من الراكضيـــن وراء كل شيء خاطئ فقط لتحقيق ما يريدون ولو كان على حساب المبادئ والأخلاقيات.
شعارنا اليوم هو «تسقط المبادئ» وبامتياز؛ فأي مدينة فاضلة نتحدث عنها، وأي مثاليات وأي كمال نرجوه، حينما يكون السواد الأعظم عاملاً ضد كل ما يقود لذلك؟! أي بارقة أمل يمكن لها أن تسطع وتشكل شمساً منيرة حينما يعمل في عكس اتجاهها من يخمدها ويجتهد حتى يخبو نورها، فالظلام هو المفضل له ليعلو ويعلو داهساً كل شيء؟!
العيش في الفضيلة يحتاج من يؤمن بها، وتحقيق مبدأ الصواب ونبذ الخطأ يحتاج من يؤمن بوجود الخطأ مقابل وجود الصواب، حل المشاكل لا يكون بالتمني والكلام، بل بالاعتراف بالمشكلة ووضع اليد على الجرح والأهم يحتاج «نوايا صادقة» تريد أن تبدل الظلمة إلى نور.
أفلاطون كان مجنوناً يريد تخليد اسمه في التاريخ، وفعل ذلك ونجح فيه بجدارة، فمن يذكره ويترحم عليه هم قلة تريد أن تسير في ذاك الدرب المظلم وتدرك في نفس الوقت أنها ستضيع وسط حلكة الظلام، فلا وجود لمدينة فاضلة ولا وجود لتصحيح في زمن تحول فيه اللص إلى شريف وتحول فيه الناصح إلى أفاق، وتحول فيه المصلح إلى متهم بالهدم.
أهو يأس؟! أهو إحباط؟! أهي سوداوية؟!
نعم، هي كلها مجتمعة، فكلما مر يوم تزداد القناعة فيه بأننا نبتعد أكثر وأكثر عن ذاك الزمن الذي يحقق فيه الحالمون دعاة الفضيلة وسعاة التصحيح وأنقياء النفوس ما يضعونه من أهداف، كلما مر يوم وزادت فيه الأخطاء وباتت محاربتها جريمة وإثماً عظيماً ترسخ اليقين بأن الحال لن ينصلح، ولن يصلح الله ما بقوم حتى يصلحوا ما بأنفسهم.
{{ article.visit_count }}
الواقع يختلف تماماً عن الخيال، وكثير من الحالمين حققوا أحلامهم حينما كان الزمن جميلاً ويسوده الهواء النقي النظيف، وحينما كانت الدنيا مازالت متمسكة بما تبقى لها من مبادئ، أقلها كانت تتشبث بها بالتالي كانت الأمور تدور حولها.
لكن في زمن اليوم سقط كل شيء، وآخر الأوراق المؤلم سقوطها هي تلك المسماة بالمبادئ والثوابت، بعض السقوط يكون قسرياً، وهذا مؤلم بشدة لتداخل الظروف فيه وتحولها لرياح عاتية تأتي على كل شيء ولا تذر، وبعض السقوط الآخر يكون اختيارياً حينما يرى البعض أن المبادئ ما هي إلا حجر عثرة أمام تحقيق ما يريد، أو حينما يصل بالبعض الآخر اليأس من السير «وحيداً» في طريق مظلم محفوف بالشوك والاستهداف فقط لأنه ماسك على الجمر ملتزم بمبادئه.
لذلك، كنت ومازلت أقول بأن أفلاطون كان مجنوناً!
جنونه لم يكن ناجماً عن هلوسة أو شتات ذهني أو عجز عقلي، بل جنون حالم يريد أن يصنع عالماً خيالياً لا يمكن أن يتحول إلى واقع أبداً، لأن أدوات تحويله لواقع هم البشر، ومن بين الملايين تجد عشرات فقط هم من يؤثرون السير في ذاك الطريق المظلم، سيراً منفرداً لا يؤثر أمام أمـــواج هائلة من الراكضيـــن وراء كل شيء خاطئ فقط لتحقيق ما يريدون ولو كان على حساب المبادئ والأخلاقيات.
شعارنا اليوم هو «تسقط المبادئ» وبامتياز؛ فأي مدينة فاضلة نتحدث عنها، وأي مثاليات وأي كمال نرجوه، حينما يكون السواد الأعظم عاملاً ضد كل ما يقود لذلك؟! أي بارقة أمل يمكن لها أن تسطع وتشكل شمساً منيرة حينما يعمل في عكس اتجاهها من يخمدها ويجتهد حتى يخبو نورها، فالظلام هو المفضل له ليعلو ويعلو داهساً كل شيء؟!
العيش في الفضيلة يحتاج من يؤمن بها، وتحقيق مبدأ الصواب ونبذ الخطأ يحتاج من يؤمن بوجود الخطأ مقابل وجود الصواب، حل المشاكل لا يكون بالتمني والكلام، بل بالاعتراف بالمشكلة ووضع اليد على الجرح والأهم يحتاج «نوايا صادقة» تريد أن تبدل الظلمة إلى نور.
أفلاطون كان مجنوناً يريد تخليد اسمه في التاريخ، وفعل ذلك ونجح فيه بجدارة، فمن يذكره ويترحم عليه هم قلة تريد أن تسير في ذاك الدرب المظلم وتدرك في نفس الوقت أنها ستضيع وسط حلكة الظلام، فلا وجود لمدينة فاضلة ولا وجود لتصحيح في زمن تحول فيه اللص إلى شريف وتحول فيه الناصح إلى أفاق، وتحول فيه المصلح إلى متهم بالهدم.
أهو يأس؟! أهو إحباط؟! أهي سوداوية؟!
نعم، هي كلها مجتمعة، فكلما مر يوم تزداد القناعة فيه بأننا نبتعد أكثر وأكثر عن ذاك الزمن الذي يحقق فيه الحالمون دعاة الفضيلة وسعاة التصحيح وأنقياء النفوس ما يضعونه من أهداف، كلما مر يوم وزادت فيه الأخطاء وباتت محاربتها جريمة وإثماً عظيماً ترسخ اليقين بأن الحال لن ينصلح، ولن يصلح الله ما بقوم حتى يصلحوا ما بأنفسهم.