المحدد بين قوسين هنا كلام نشر قبل حين على شكل تغريدة، ويكرره قائله بشكل أو بآخر في العديد من وسائل الإعلام الإيرانية والعراقية واللبنانية وغيرها من التي تسير في فلكها «..وجودهم باطل، والعمل معهم معصية لله، والنظر إليهم ذنب، ومجاراتهم فسوق، فهم الحرام، ومنهم الحرام، وإليهم يعود الحرام».
هذا الكلام التحريضي، بل الموغل في التحريض والسوء، منسوب للسيد هادي المدرسي المتهم بإدارته شبكة للإساءة إلى البحرين، والذي سبق أن تورط في السعي إلى الإطاحة بنظام الحكم فيها، وكانت توجيهاته وتعليماته أساساً في فبراير 2011 وله في الداخل أنصار وأتباع يأخذون كلامه في أي موضوع باعتبارها توجيهات وتعليمات لا يجوز مخالفتها ويجب تنفيذها في التو والحال ومن دون مناقشة، بل من دون تفكير، فلا تفكير في أمر حسمه السيد ولا نقاش في كلام قاله، بل لا يجوز مناقشته حتى بعد التنفيذ.
أما كلامه المحدد بين قوسين فالمقصـــود منه معروف، وهو يكشف مدى الحقد الذي يكنه للحكم في البحرين ومدى العصبية التي باتت تحكم تفكيره كلما أثبت النظام متانته وضرب الأمثلة على قدرته على الصمود في وجه كل الذين أرادوا ويريــدون بــه الســوء، فالانفعال في هذا الكلام واضح، وهو في كل الأحوال تعبير عن حالة الوهن التي بلغتها «المعارضة» في شقها المتمثل بمــا صــار يعرف بـ«ائتلاف فبراير»، فالفلتان دليل على الشعور بالضعف وبقوة الطرف الآخر، وإلا فما حاجة القوي ليسب ويلعن إلى الحد الذي يعتبر فيه وجود فئة أو عائلة أو نظاماً باطلاً والعمل معهم معصية والنظر إليهم ذنب؟!
هذا تحريض لا يقل خطورة عن تحريضه أيام الدوار عندما كان يرسل توجيهاته عبر الفضائيــات، ويحث البسطاء على رفع شعار «ارحلوا»، ويتحدث وكأن النظام قاب قوسين أو أدنى من السقوط. لكن التحريض لا يأتي من هذا الشخص فقط؛ فهناك آخرون ليس أولهم أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي قال للتو عن البحرين كلاماً لم يكن يليق بـ«قيادي» مثله أن يقولـــه، وليس آخرهم خطباء الجمعة في إيران الذين يشحنون الشباب الإيراني ضد الحكم في البحرين، ويصورون لهم الأمر وكأنه خلاف طائفي يستوجب التحرك لنصرة المذهب. والحال نفسه في العراق الذي يبرز فيه بين الفينة والفينة من يقول كلاماً خشناً عن البحرين ويحرض ضد النظام ويدفع الجمهور إلى التظاهر ورفع شعارات لا علاقة له بها!
لابد من وضع حد لهذا التحريض، ولابد من منع من يريد بالبحرين سوءاً من الاستمرار في هذا الطريق الذي لا يؤدي إلى تحقيق تلك المآرب والأحلام.
ليكن هذا الأمر مثــالاً لتبيــن مــدى صدقيــة توجهات الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني، الذي طرح نفسه كمشروع مصالحة وتهدئة ومشروع خير وسلام. ليكن هذا اختباراً بسيطاً له يثبت من خلاله قدراتـــه على التحكم في المشهد الإيراني، ويؤكد للبحرين، ولدول المنطقة، أن إيران لا تريد بأحد سوءاً وأنها لا تقبل بالتحريض وأنها لا تقول إن وجود هؤلاء أو أولئك باطل والعمل معهم معصية والنظر إليهم ذنب!.
لا يمكن للعلاقة بين إيران والبحرين أو بين العراق والبحرين أن تتحسن ويتــم «التطبيع» طالما استمرت هاتان الدولتان في موقفهما المائع من التصريحات والتحريضات المؤذية، وليس مقبولاً منهما القول إن دساتيرهما تتيحان لمواطنيهما قول ما يشاؤون لأن مواطنيهما لا يستطيعون أن يقولوا ما يشاؤون عنهما أو ضدهما!
ربما كانت المهمة من مسؤولية وزارة الخارجية التي يتاح لها اللقاء مع المعنيين في الدولتين.. وفي دول أخرى يغريها ما يجري في البحرين لتقول ولتحرض.