في يونيو 2012 أعلن وزير العدل الأمريكي، إريك هولدر، أن للحكومة الأمريكية الحق في تصفية مواطنين أمريكيين في حال شكلوا «تهديداً وشيكاً» على أمن الولايات المتحدة، وقال: «إن لحكومتنا الحق، وأقول حتى من مسؤوليتها، في بعض الحالات استعمال القوة الشرعية، وأن سلطتنا الشرعية لا تتوقف في أرض المعركة بأفغانستان، فنحن في حرب ضد عدو من دون دولة وتتحمل حكومتنا المسؤولية في حماية أمتنا وشعبها تجاه التهديدات».
وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» في مايو 2012 أن الرئيس الأمريكي أوباما يتابع شخصياً عملية سرية لتحديد الذين يشتبه بأنهم عناصر من القاعدة يتعين إدراجهم على لائحة التصفية، ويمنح موافقته الشخصية على قتل أهم المشتبه بهم، وذلك مثل الإمام الأمريكي اليمني أنور العولقي، حيث قال وليام ديلي الرئيس السابق لموظفي البيت الأبيض: «أوباما وصف قرار توجيه ضربة للعولقي بالسهل».
هذه أمريكا راعية الديمقراطية والمدافعة عن حقوق الإنسان تقوم بتصفية من يشكلون مجرد تهديد لأمنها وشعبها، أما إذا كان الأمر بالنسبة للبحرين فيكون موقفها موقف المدافع ليس للذين يشكلون تهديداً، بل من يمارسون الإرهاب علانية ضد شعب البحرين، وضد رجال الأمن الذين يقومون بواجبهم الوطني في حماية أرواح المواطنين والأجانب.
فالبحرين يحرم عليها المجتمع الدولي، وعلى رأسهم أمريكا، حتى تحريك شعرة من رؤوس الإرهابيين لأنها تعتبر إرهابهم وجرائمهم حقاً مشروعاً تكفله الديمقراطية الأمريكية التي تحلل لنفسها تصفية مواطنيها وغير مواطنيها، وذلك كما قال وزير عدلها «تتحمل حكومتنا المسؤولية في حماية أمتنا وشعبها تجاه التهديدات»، أما البحرين فليس لحكومتها الحق أن تقوم حتى بإطفاء الحرائق التي يشعلها الإرهابيون ولا القبض عليهم وهم يرتكبون جريمتهم، لأنه تعدٍّ على حرية الرأي والتعبير، كما إن البحرين ليس لها الحق أن تعتبر تهديد علي سلمان في خطبة الجمعة 11 أكتوبر 2012 بأنه يشكل خطراً على أمنها حين قال: «لا يمكن لك أن تحصر الشعب ومقاومته، وأقول للنظام إننا لم نستنفد وسائلنا والعديد من الوسائل لم نوظفها في الساحة لأننا نخوض معركة طويلة وهي تحتاج ادخاراً لتلك الوسائل».
هذا بالطبع في نظر أمريكا لا يشكل تهديداً لأمن البحرين، ولا خطراً على حياة شعبها، لأن الوسائل التي يعنيها هي أسلحة ومتفجرات وقتل وإرهاب، ولكن لو أن مثل هذا التهديد صدر على لسان مواطن أمريكي، فماذا ستفعل أمريكا؟ هل ستباركه وتمسح على رأسه وتعطيه كرسياً في الكونغرس أو تعينه وزيراً للعمل أو للكهرباء أو للعدل؟ أم أنها ستلاحقه بطائراتها -بدون طيار- حتى لو كان في جبال اليمن أو حتى لو اختبأ في مغارة في هضبة «التبت».
فالمعايير والمقاييس الدولية تعتمد على المصالح الغربية والأمريكية، فالإرهاب والتهديد الأمني في البحرين يعتبره المجتمع الدولي أدوات ديمقراطية طالما هذا الإرهاب يخدم أمريكا وحلفاءها، أما حين يكون مجرد الشك في شخص بأنه قد يشكل تهديداً لأمن أمريكا فيعتبر إرهاباً، كما جاء على لسان وزير العدل الأمريكي، ويستحق صاحبه التصفية لدرجة أن يشرف عليه أوباما بنفسه، ومن هذه الازدواجية ترعرع الإرهاب في البحرين حتى أصبح صاحبه يستحق المكافأة بأن يكون على رأس السلطة، بينما الإرهاب في أمريكا فيموت في لحظته، بل وقبل ولادته، وذلك كما حدث في مظاهرات وول ستريت بنيويورك، وهي مظاهرات محورها العدالة، حيث يرى المتظاهرون أن 1% من السكان يملكون ما يعادل أو يزيد على ما يملكه 90% من باقي الشعب الأمريكي، لأن في الحقيقة والواقع الشعب الأمريكي شعب مقهور، ولكن ليس لديه مرجعية دينية تحرضه، ولا رهبان تتقدم صفوف مظاهراته، ولا سفارات أجنبية تحيك معه المؤامرات.
نعم؛ أمريكا التي تستنفر أجهزتها الأمنية لمجرد انفجار قارورة مياه بلاستيكية تحتوي على ثلج جاف في غرفة مخصصة للموظفين بمطار لوس أنجلوس، وذلك في محاولة للتعرف على المتسبب بالحادث، حيث قال المحقق لدى شرطة لوس أنجلوس، غيس فيلانبيا، إن التحقيق في هذه الواقعة مازال في بدايته، مستبعداً حتى اللحظة وجود ما يدل على عملية إرهابية.
أما في البحرين فتنفجر القنابل وتتناثر أشلاء رجال الأمن ويموت الأبرياء من مواطنين ووافدين، وتزرع المتفجرات وسط الشوارع العامة، فتعتبره أمريكا ومنظماتها أدوات ديمقراطية ومظلومية وتوترات طائفية، تستحق عليها الوفاق مواقع متقدمة في السلطة، أما أمن أمريكا فيحتم على أجهزة الشرطة البحث والتقصي لمعرفة أسباب انفجار قارورة ثلج بلاستيكية، فلذلك يموت الإرهاب في أمريكا في لحظته بل وقبل ولادته، لأنه من أجل حماية أمن أمريكا لا يستبعد الإرهاب حتى في حوادث فرقعة القوارير.
أما في البحرين فآلاف القوارير المعبأة بالبنزين والفتيل، والمتفجرات والأسلحة المخبأة في السراديب، وأصحابها لا يخرجون عن سجناء رأي.. نعم فهو كما قال وزير العدل الأمريكي: «تتحمل حكومتنا المسؤولية في حماية أمتنا وشعبها تجاه التهديدات».